القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

غزة تتحدّى الاحتلال: باقون هنا!

غزة تتحدّى الاحتلال: باقون هنا!

بقلم: محمد فروانة

صدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي. هذا ما قاله المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي أمس، حين أكد أن الإسرائيليين متفاجئون من عدم استجابة غالبية سكان غزة لنداءات جيش الاحتلال بإخلاء بيوتهم تمهيداً لقصفها.

بدأ مشهد التهديد عندما رنّ هاتف المنزل وردّت الأم: "آلو؟"، فكانت الإجابة كالتالي: "بلاغ عسكري إلى سكان حي الشجاعية والزيتون وبيت لاهيا، جيش الدفاع الإسرائيلي سيقوم بالضرب من الجو الأماكن التي تطلق منها الصواريخ تجاه دولة إسرائيل، من أجل سلامتكم عليكم إخلاء بيوتكم حالاً والاتجاه فوراً إلى مركز مدينة غزة حتى الساعة 8 صباحاً وإلا ستعرضون حياتكم للخطر".

حالة من الذعر والقلق انتابت عائلة سعد المكوّنة من 23 فرداً والتي تقطن في وسط حي الشجاعية في شرق مدينة غزة داخل منزل مكوّن من ثلاثة طوابق، فور تلقيها هذا التهديد الإسرائيلي بضرورة إخلاء المنزل تمهيداً لقصفه.

تحوّل المنزل في لحظات إلى حالة رعب غير مسبوقة بدأت ببحث الكبار عن الأبناء وبكاء الأطفال الذين حملوهم على الأكتاف وفي أحضان الأمهات وركضوا بهم على درج المنزل مسرعين، وهم لا يعرفون إن كانت ستُكتَب لهم النجاة أو الموت في انتظار الصاروخ الذي سيسقط على المنزل ويحوّله إلى ركام.

أخلت العائلة المنزل على عجل، وتركت أشياءها الصغيرة وذكرياتها، وصور الطفولة، حتى صور الشهيدين إيهاب وأحمد اللذين استشهدا في حرب العام 2012 وبقيت صورهما معلقة على جدران المنزل.

لكنهم عندما وصلوا إلى مدخل المنزل، فوجئوا بأن الاتصال ليس بهم فقط، إذ وجدوا الجيران قد تلقوا التهديد الإسرائيلي نفسه. حينها تنفس أفراد الأسرة الصعداء.

وتلقت مئات العائلات الفلسطينية التي تسكن في أحياء الشجاعية والزيتون وبيت لاهيا مئات الاتصالات الإسرائيلية التي تهددهم بإخلاء منازلهم من الأحياء بالكامل، إلى جانب إلقاء طائرات الاحتلال منشورات تحذيرية تتضمن المضمون ذاته.

تقول أم خليل سعد إنها "لحظات لا يمكن وصفها على الإطلاق، لا أريد أن أتذكرها، هم يريدون النيل منّا حتى ونحن في بيوتنا التي أصبحت كلها مستهدفة".

وتضيف أم خليل في حديث إلى "السفير" أنه "لم يطمئننا إلا صوت الجيران الذي كان يعلو في الشارع، كلهم يتحدثون عن وصول اتصالات التهديد من الاحتلال، هنا اطمأنينا قليلاً وقررنا ألا نكترث بالخروج من المنزل، وعدنا لكننا أخذنا احتياطاتنا اللازمة".

وتشرح: "أنزلنا عائلة ابني من شقتهم في الأعلى وتجمّعنا أكثر من 23 شخصاً في غرفة واحدة ظناً منّا أنها الأكثر أمناً في البيت، وأتت بعض نساء الحارة إلينا، وكنّا نهدئ من روع المشهد الذي نتخيله تارة، ونستبعده تارة أخرى، وجمعنا الأوراق المهمّة في صندوق، استعداداً لما هو آتٍ".

حال عائلة سعد، كغيرها من العائلات الفلسطينية التي تلقت تهديدات إسرائيلية مماثلة بإخلاء منازلها، فهي لم تنم دقيقة واحدة بعد صلاة الفجر، "وهذا ما أراحنا بأن لا استهداف لنا هذه الليلة وسنبقى في بيوتنا حتى لو قصفت على رؤوسنا"، بحسب ما يقول خليل سعد.

وفي مشهد مماثل، يبدو صمود الأهالي في قطاع غزة أقوى من تهديدات الاحتلال، إذ يقول محمد اسبيتة وهو من عائلة أخرى تلقت تهديداً مماثلاً في حي التركمان في غزة، "نحن غير مقتنعين بالتهديدات الإسرائيلية ولا نلقي لها بالاً أصلاً، سنبقى صامدين في بيوتنا ومتشبثين بأرضنا".

وفي حديث إلى "السفير"، يضيف اسبيتة "نحن على قناعة أن هذه التهديدات هي مجرد تغطية قانونية لهم، وما يحدث غير منطقي".

ويشير إلى أنه "عندما كانت تحدث اجتياحات للحي الذي نقطن فيه حين كان قطاع غزة محتلاً، والدبابات تصل إلى بيوتنا، لم نكن نخليها ولن نُخلي بيوتنا حتى لو تكرر ألف تهديد".

المصدر: السفير