غياب دور الدبلوماسية تجاه اللاجئين الفلسطينيين
بقلم: جاد الله صفا
قبل أيام اتصلت بتاجر فلسطيني بمدينة ساوبولو
من أجل فرصة عمل لعائلة فلسطينية خرجت من سوربا، اعتذر باعتباره قد تكفل بأربعة عائلات
سورية ووفر لهم فرص عمل بمحلاته ومحلات أخرى عند التجار الفلسطينيين بالمدينة، وساهم
بمبلغ 5000 دولار لتغطية تذاكر سفر من أجل إحضار بعض أفراد عائلاتهم من سوريا، كما
أنه سيكون كفيلهم بالبيوت التي استأجرها لهم .
اتصلت بتاجر فلسطينيي آخر فأبدى استعداده
لتوفير فرصة عمل لفلسطيني قادم من سوريا، وتمنى أن تكون هذه الفرصة بداية خير لباقي
أفراد العائلة.
فلسطيني من خارج ساوبولو قدم مساعدة مالية
لعائلة بناءً على طلبها لأنها ترغب بعمل حلويات وساندويشات عربية بمدينة ساوبولو.
هذه أمثلة بسيطة من أجل تفنيد الادعاءات
التي تقول: إن الجالية الفلسطينية تتهرب عندما تتحدث معها عن الأموال، ألا يستدعي هذا
مراجعة الموقف الذي يقول: إن الجالية الفلسطينية حساسة من الناحية المالية عندما يطلب
منها ذلك؟.
عائلة فلسطينية تنام بالحدائق العامة بمدينة
تبعد عن ساوبولو 400 كم، هل أحد اتصل بهذه العائلة ليعرف مأساتها؟ السفارة حتى اللحظة
لم تكلف نفسها تلفونا واحدا من أجل هذه العائلة.
في البرازيل سفارة فلسطينية، وسفيران متقاعدان
(فنزويلا والمكسيك)، وثلاثة أعضاء مجلس وطني، ورئيس وسكرتير الكونفدرالية الفلسطينية
بأمريكا اللاتينية والكاريبي، وقيادة الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية عددهم عشرة
أفراد، كلهم ممثلون للجالية الفلسطينية ويتحدثون باسمها غير مبالين بأوضاع العائلات
ومأساتهم ومعاناتهم، أليس حضور ومجيء هؤلاء هو نتيجة مخطط صهيوني أمريكي يستهدف المخيمات
الفلسطينية لشطب حق العودة جوهر الصراع؟.
لماذا السفارة لم تبادر إلى دعوة الكونفدرالية
والاتحاد وكل من ذكر أعلاه من أجل الوقوف أمام هذه المسألة ووضع الحلول المناسبة؟ هل
تفتقد السفارة إلى نفوذ؟
الاتحاد العام للمؤسسات الفلسطينية بكل
قيادته، لسان حاله يقول: إن القضية لا تعنيهم، وإن تواجد العائلات الفلسطينية بالبرازيل
هو تواجد اختياري، وهجرتهم ليس لها علاقة بالأحداث في سوريا، تواصلت مع رئيس الاتحاد
بايميلين، لم يرد، لماذا؟ أفهم أن قضية معاناة العائلات الفلسطينية القادمة من سوريا
لا تعنيهم، لماذا عندما يطلب من رئيس الاتحاد اللقاء مع ممثلين عن الجالية اليهودية
المعروفة مواقفهم تجاه الصراع يلبس بدلته ويذهب؟ أليس اللاجئون أحق بالموقف الوطني؟
فالموقف الوطني ليس مع الصهاينة وإنما مع أبناء الوطن.
هذه إفرازات الماضي، هذه هي الأفراد التي
تم تنصيبها وتسميتها لتكون أعضاء مجلس وطني أو سفراء أو على رأس المؤسسات الفلسطينية
ليعطلوا ويهمشوا المؤسسات التي بنيت بأموال الجالية وبعرقهم وبإخلاصهم للقضية والوطن
والشعب والحقوق والثوابت، هذه الأفراد هي إفرازات الماضي التي اختارها من أراد أن يفرط
بالوطن لأنه بحاجة إلى أفراد مثل هؤلاء ليدافعوا عن التنازلات والتفريط، هؤلاء الأفراد
وجدوا ليكونوا الحائط الذي يفصل بين الموقف الوطني والموقف المفرط بالحقوق والثوابت
الوطنية، ماذا يعملون اليوم؟.
كم مرة أرسلت القيادة الفلسطينية ممثلها
إلى سوريا لمعالجة أوضاع مخيم اليرموك؟ إذا كان مخيم اليرموك يعنيهم هكذا، هل يعرفون
إلى أين ذهب أبناء مخيم اليرموك؟ وبأي البلاد تشتتوا؟ وماذا عملوا من أجلهم؟.
لماذا هذه العائلة الفلسطينية التي تنام
بالحديقة العامة لا يهتمون بها؟ هل هذا بحاجة إلى متفرغين؟ وإن كان نعم، لماذا لا تفرز
السفارة أو القيادة الفلسطينية هذا التفرغ؟ السفارة مطالبة بالتحرك من أجل هذه العائلة،
ولا يجوز أن تكون رهينة مواقف حزبية وخلافات داخلية، فلسطين والعمل الوطني ليس رهن
موقف هذا الطرف أو ذاك، وسفارة فلسطين ليست سفارة هذا الطرف أو ذاك، فالوطنيون ليسوا
هم فقط أبناء فتح، البرازيل مليئة بالمخلصين للوطن وفلسطين والشعب والقضية، معروفون
الذين تطاولوا على المؤسسات وتآمروا عليها من أجل تهميشها وبيعها واختطاف قرارها والتحكم
بمصيرها، فلا يجوز للسفير أن يدافع عن موقف رئيس اتحاد المؤسسات بالبرازيل من لقاء
تشيلي نهاية نوفمبر من العام الماضي وبنفس الوقت لا يعري كل مواقفه بالبرازيل وما يجري
تجاه أهلنا الفلسطينيين القادمين من سوريا.
ما زال بجاليتنا الفلسطينية هناك أصحاب
نخوة وشهامة، رغم غياب المؤسسة واختطافها من قبل أفراد، فضرورة التحرك باتجاه إعادة
البناء والتنظيم ضرورة يفرضها الواقع، فهي عملية نضالية مرهقة ومعقدة أمام جيش من إفرازات
الماضي اختطف ودمر ونهب وسطا على كل التاريخ الفلسطيني والكرامة والشهامة والأخلاق
الفلسطينية، الجالية بحاجة إلى بعض الأفراد الذين تبقى لديهم قليل من الحياء والنخوة
في البرازيل وبكل قارة أمريكا اللاتينية، لأن المؤامرة على القضية الفلسطينية والمخيمات
الفلسطينية كبيرة، فإذا وصل البرازيل اليوم دفعات من فلسطينيي العراق وسوريا، فباستمرار
المؤامرة قد تصل مستقبلا أفواج من مخيمات لبنان والأردن، فهل تبقى من الكرامة والنخوة
والشهامة الفلسطينية شيء؟ الواقع يفرض علينا مواجهة المؤامرة من أجل أن نبقى ونستمر
بالحياة من أجل أن نعود للوطن، فلا يجوز أن نقبل بأن تكون هذه الدول هي المقبرة التي
تدفن بها قضيتنا الفلسطينية.
المصدر: فلسطين أون لاين