القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

«فتح» وحالة التخبّط في لبنان


علوان فتح الله/ كاتب فلسطيني

ليس مفهوماً تماماً ما الذي يحصل بدقة داخل حركة «فتح» في لبنان، خلال الأيام الأخيرة، ولا سيما بعد عدة قرارات صدرت وأخرى تم التراجع عنها، وبعضها تم تعديلها.

وتثير مجريات الحركة في لبنان التساؤل والتعجب، لدى جمهور اللاجئين الفلسطينيين، لما لهذه الحركة من دور في حياتهم على أكثر من صعيد.

أخيراً، تم الإعلان عن تعيين الضابط في «فتح» علي السوكو مسؤولاً عن اللجنة الأمنية في مخيم عين الحلوة، وبعد يومين فقط، تم عزله، وتم تعيين اللواء المتقاعد محمود العجوري، وهو أحد ضباط «فتح» المتقاعدين، وعضو في قيادة منطقة صيدا للتنظيم. مصدر من فصائل التحالف، طرح سؤالاً يبدو محقاً ودقيقاً، «هل حركة فتح عاجزة عن إيجاد ضابط عامل، وليس متقاعداً، وهو موضع إجماع القوى السياسية الفلسطينية في صيدا لمهمة وطنية، عليها توافق وطني؟». ويضيف هذا المصدر، القريب مما يجري داخل الحركة، أن «فتح» في لبنان تمر بمرحلة تخبط داخلي، وفوضى تنظيمية عارمة، خاصة مع اللجوء إلى «تسمين» الأمن الوطني في بعض المخيمات على حساب التنظيم، ما ساعد على خلق حالة «شللية» تبدو واضحة للعيان، لتصبح «فتح» لها أكثر من «رأس» في الموقع نفسه.

إنّ مثل هذه الأوضاع، المتابعة من المهتمين والمراقبين لأوضاع المخيمات في لبنان، في ظاهرها انعكاس لما يحصل داخل «فتح»، لكنها في الواقع، وهذا الخطير، تنعكس على حياة المخيمات، على اعتبار أن لـ«فتح» اليد الطولى في معظم المخيمات، ولها تأثير على حياة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في أكثر من مجال. ولا نكشف سرّاً، حين نقول، إنّ التنظيم الأكبر في المنظمة، هو «فتح»، وإن أمانة سرّ فصائل المنظمة التحرير في لبنان، لـ«فتح»، وبالتالي، كل ما يحصل في هذه الحركة، يؤثر على الجميع، وبعض الأمور لا يمكن ردّ مفاعيلها، فالطّامة إن وقعت قتلت.

قبل أيام ليست ببعيدة، جرى تبادل لإطلاق النار في مخيم البداوي، بين عناصر يتبعون لـ«فتح»، وعناصر يتبعون لـ«جبهة التحرير العربية»، والأخير تنظيم حليف كما يفترض، وجزء من فصائل «منظمة التحرير». حصل هذا الخلاف، ومثله خلافات أخرى، أدّى إلى تبادل لإطلاق النار، ومن السهل القول إنّ عناصر يتبعون لـ«فتح» هم الذين أطلقوا النار، لكن بالتدقيق، فإن أولئك العناصر يتبعون للأمن الوطني، التي تعمل «فتح» على «تسمينه». الأمر الذي أدّى إلى اللجوء إلى السلاح، هو حل الأمور بـ«مركزية» من دون الرجوع إلى المرجعيات العليا في «فتح» لبنان. مثلاً، المتابع لما حصل بعد إطلاق النار في «البداوي»، ومن خلال صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لـ«فتح» نفسها، سيكتشف مدى حالة الفوضى الحاصلة فعلاً، فكل المشكلات، حتى الإدارية، تُحل بشكل شخصي، وحسب علاقة المسؤول المحلي مع القيادة وقربه منها. يقول أحد أبناء حركة «فتح» في الشمال، بأن كل ما نقدّمه اجتماعياً من مساعدات إنسانية، ومنح طالبية، وما تقدّمه مؤسسات «م.ت.ف» يذهب سدى عند أول مشكلة يحدث فيها إطلاق نار في المخيم. يحصل هذا، بسبب أن أهالي المخيمات، يعون ما يحصل، وبالنسبة إلى معظمهم، أمنهم وأمانهم، في لحظة الحقيقة، أهم من كل العطاءات، ولا سيما أن كثيراً من الإشكالات في المخيمات، بات معروفاً من هو المسؤول عنها، أو من افتعلها، ولمصلحة من.

يشير المصدر من فصائل «التحالف» إلى أن هذه الفوضى الحاصلة، وبعض السلوكيات التي تسيء إلى «فتح» وتاريخها، ليست من آداب «فتح»، ولا من مسلكياتها التنظيمية. ويضيف سؤالاً آخر، «هل هذه الفوضى أزمة عابرة؟»، وأضيف عليه: «هل تداخل الصلاحيات هو السبب؟»، والسؤال الأهم برأيي، هل ما يحصل في «فتح» لبنان، انعكاس لما يحصل في «فتح» الضفة؟ وعلى ذلك، ما الذي ينتظر أكثر من 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان، إذا ما استمرت الأمور على حالها؟

في المقابل، تعمل حركة حماس على تعزيز وجودها في المخيمات، وهذا حق لها على كل حال، طالما أن الأمر يقع في خدمة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، لكنّ الخشية تقع في أمر واحد، أن ينعكس الانقسام «الفتحاوي»-«الحمساوي» على المخيمات، وهذا نذير شؤم آخر على المخيمات، قد لا يجعل الأمور آمنة، حتى وإن بدت كذلك.

إنّ هذه التساؤلات، وما ورد في هذه المقالة، ليست نقداً لحركة «فتح» صاحبة الجذور والتاريخ والتجارب والخبرة الطويلة، إنما هي رجاء من لاجئ فلسطيني، يحب أن تبقى المخيمات بأمان، حتى تحين لحظة العودة إلى الديار التي تهجّرنا منها.

المصدر: جريدة الأخبار