القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

فلسطينيو الشتات تحديات ومسؤوليات

فلسطينيو الشتات تحديات ومسؤوليات

جادالله صفا – البرازيل

العديد من قطاعات وتجمعات شعبنا الفلسطيني بالشتات لها خصوصية نضالية مهمة بمسيرة التحرير، التي لا تقل أهميتها عن قطاعات شعبنا بفلسطين أو دول الطوق، وما جعل لهذه التجمعات هذه الخصوصية هو حرمانهم من ممارسة حق العودة إسوة بشعوب العالم، وإن عدم تجديد وثائقهم وتصاريح السفر كان سبباً لحرمانهم وفقدانهم لحقهم كفلسطينين رغم إنّ مغادرتهم كانت على أساس إنهم أبناء ضفة غربية أو أبناء غزة ومواطنين غرباء بدولة الكيان الصهيوني، حيث اعتبر الكيان الصهوني ذلك فقدانهم لحق المواطنة، حيث تعامل الكيان منذ اليوم الأول مع المواطن الفلسطيني كمقيم بأرضٍ ليست أرضه وإن مغادرته وعدم العودة خلال الفترة التي يحددها الكيان حسب قانونه العنصري والإجلائي هو فقدان لهذا الحق.

حكم الهجرة الفلسطينية وأسبابها ودواعيها إلى الشتات بحثاً عن مصادر رزق، كانت سبباً لهجرة مئات الآلاف من أبناء شعبنا بعد النكبة والنكسة، وبحكم استقرارهم وخسارة قطاعات واسعة لحقهم بالعودة نتيجة الرفض الصهيوني وقوانينه الجائرة لتفريغ الأرض من سكانها، خلق هذا الواقع حالة نضالية عند هذه الشريحة وأبقى لديها حِسّاً وطنيّاً يطالب بحق العودة إلى فلسطين، حيث كانت أيضاً عاملاً أساسيّاً من عوامل التحرك بدول الشتات تضاف إلى أشكال النضال الأخرى لشعبنا الفلسطيني من أجل تحصيل حقوقه الوطنية.

ومن الأسباب التي تجعل لهذه التجمعات خصوصية نضالية هو قدرتها على الإندماج بالمجتمعات التي تعيش بداخلها وقدرتها على التأثير والعمل إذا تمكنت فعلاً من تنظيم نفسها وتجنيد إمكانياتها وطاقاتها، فالعديد من التجمعات الفلسطينية بالعديد من الدول تمكنت من الحصول على تعاطف كافة القوى والحركات الاجتماعية والشعبية والنقابية إلى جانب الحقوق الفلسطينية ونضالهم العادل، ونشطت بهذا الاتجاه، وهذا يفرض على هذه التجمعات بالعمل من أجل النهوض بأوضاعها لتجاوز حالة الجمود والانقسام التي تحصل بداخلها والتي تأتي انعكاساً للوضع الذي تشهده الساحة الفلسطينية وبالأخص الانقسام السياسي والجغرافي بفلسطين، وتعثر المصالحة بين أطراف الإنقسام.

من يراقب الحركة الشعبية للتجمعات الفلسطينية بدول الشتات يلمس بكل وضوح أن حركتها ضعيفة، وإنها منقسمة على حالها، وهذا الإنقسام ناتج عن التفاوت السياسي التي تشهدها الساحة الفلسطينية نتيجة سياسة التراجع والتنازل التي مارستها قيادته على مدار السنوات الماضية، فنحن اليوم نلمس بدول أوروبا هناك أكثر من تحرك لإعادة تنظيم الجالية الفلسطينية وإن غياب التنسيق والاختلافات والأنانية والمصالح الذاتية والفئوية تركت سلبيات على واقع هذا التجمع، فنلاحظ بأوروبا أن مؤتمر العودة الذي يعقد سنوياً يؤكد على التفاف الجالية حول هذا الحق مقابل ضعف التوجهات الأخرى والانقسام الذي حصل بالاتحاد العام للمؤسسات والجالية الفلسطينية بأوروبا، وتحوله إلى اتحادين، إضافة إلى الهدوء الكبير للتجمعات الفلسطينية بهذه الدول، والتي بالأساس تعبّر عن حالة عدم رضا أو تعبر عن انقسام آخر بوسط الجاليات الفلسطينية بأوروبا.

هذا الحال لا يقتصر على دول أوروبا كما ان هناك أيضاً حالة ملموسة بدول أمريكا اللاتينية، واعني بها البرازيل، فان استمرار حالة الانقسام تترك تراكمات قد تكون عاصية على الحل، مما قد تخلق حالة احتقان بالساحة نتيجة سياسات تخدم مصالح فئوية تفتقر إلى العمل الديمقراطي، ويغيب عنها التشاور والحوار الديمقراطي، فشعبنا الفلسطيني بالشتات هو بحاجة إلى وحدة حقيقية ليتمكن من الاستمرار بالمطالبة بحقوقه الوطنية، فجمع الشمل ليس حلاً للصراع لا جزئياً ولا كليّاً وإنما تنازلاً عن حق نحن نملكه، كما إننا لسنا مغتربين، وإنما محرومين من العودة إلى الوطن الأم، أسوةً بشعوب العالم، هذا العامل يجب أن يكون دافعاً لتطوير عملية النضال لتجمعات شعبنا وحشدها باتجاه تعبئة وإعادة تنظيم التجمعات الفلسطينية من خلال مؤسسات وطنية وجماهيرية وجاليوية قادرة على قيادة الحركة الجاليوية للتمسك بحقها والنضال من أجل العودة.

القيادة الفلسطينية مطالبة بالعمل على منع استمرار حالة الانقسام بالتجمعات الفلسطينية، فتعامل جهات فلسطينية من القيادة الفلسطينية على قاعدة التفرقة والتعامل مع أطراف محددة بالجالية باعتبارها قيادات كما يحصل بأوروبا، فإنّ هذا يرفع من وتيرة الانقسام بأوساط الجالية، وهذا يفرض على القيادة الفلسطيينية والسفراء التعامل مع الكل على قاعدة حق التنظيم وحق حرية الرأي والتعبير على طريق تذليل كافة العقبات التي تعترض وحدة تجمعات جاليتنا الفلسطينية، لأن استمرار حالة الانقسام بالتجمعات الفلسطينية تشكل أكثر خطورة على مستقبل القضية الفلسطينية من الانقسامات والانشقاقات الفصائلية، رغم انعكاسات الداخل الفلسطيني على هذه التجمعات، إلا أنّ بناء المؤسسات الجاليوية والتعاطي معها على أسس ديموقراطية واحترام حرية الرأي ومعرفة ووعي مطالب لقطاعات واسعة من الجالية، ومعالجة الأسباب التي أوصلت قطاعات كبيرة من تجمعات شعبنا إلى حالة الشلل، هي من المهمات الأولوية التي تقع على عاتق الكل، والتأخر بمعالجة هذه الأزمة والانقسامات بأوساط الجالية لا تأخذ الفلسطينين إلا إلى حالة الاحتقان والتكريس الكامل للانقسام والذي باستمراره دون شك سيترك آثاراً سلبية كبيرة على الواقع الفلسطيني، كما تقع مسؤوليات كبيرة على النشطاء بكافة التجمعات الفلسطينية للجاليات لتلعب دوراً إيجابياً لجمع شمل الجالية وبناء مؤسساتها بما يتعاطي ويتماشى مع وحدة الجالية على طريق وحدة الشعب الفلسطيني.