فلسطينيو العراق.. المأساة المضاعفة
بقلم: هشام منور
لا يختلف حال فلسطينيي العراق عن حال بقية الفلسطينيين في سوريا، سوى أنهم لا يزالون يعايشون مأساة النزوح واللجوء المستمرة منذ خروجهم من العراق بعد غزوه عام 2003 واستهدافهم على أيدي بعض المجموعات الطائفية والعنصرية بسبب موقعهم القانوني أيام نظام الرئيس السابق صدام حسين.
ورغم أن حال هؤلاء الفلسطينيين عندما قدموا إلى سوريا ظل مضطرباً بسبب تقاذف المسؤولية عنهم بين وكالة الأونروا المسؤولة عن جميع الفلسطينيين، وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين المسؤولة عن مجمل اللاجئين من العراق، إلا أن مسألة انتهاء وضعهم القانوني وعدم التجديد لهم، وصعوبة السفر والدخول إلى الدول المجاورة، وتأخر إجراءات إعادة توطينهم في بلد ثالث، جعلت منهم هدفاً سهلاً للعنف الجاري في سوريا بوصفهم حلقة ضعيفة لا يوجد من يدافع عنها.
معظم العائلات الفلسطينية في سوريا تتعرض الآن للتهجير للمرة الخامسة أو السادسة، لأنهم إما نزحوا سابقاً من العراق ثم عادوا ثم رجعوا إلى سوريا، ومنهم من تهجر لدول أخرى عربية وأجنبية، وتعرضوا هناك لمضايقات أمنية ومعيشية، فاضطروا للعودة إلى سوريا مرة أخرى، كما حصل في قبرص عندما عادت عدة عائلات إلى سوريا بعد أن ضاقت بهم السبل.
وبحسب الباحث المتخصص في شؤون فلسطينيي العراق، أيمن الشعبان، فإنه يتواجد حاليا قرابة 2000 لاجئ فلسطيني من العراق في سوريا، بعد مغادرة عدد آخر منهم منذ بداية الأحداث الدامية، إما عبر إعادة التوطين، أو الرجوع للعراق، أو طرق أخرى.
وكان مخيم اليرموك يضم معظم هؤلاء، إلا أنه بعد الأحداث المؤلمة للمخيم، اضطر غالبيتهم إلى مغادرته تحت ظروف قاسية وصعبة للغاية، فهناك قرابة 600 فلسطيني ما يعادل "138 عائلة تقريبا" يسكنون الآن في مدرسة قرب مفوضية اللاجئين في منطقة كفر سوسة وسط دمشق، وظروفهم سيئة للغاية إذ يسكن من 4- 8 عائلات بغرفة أو صف دراسي.
وهنالك قرابة 100 فلسطيني يعيشون في مخيم الهول الصحراوي عند المثلث السوري التركي العراقي ضمن قرية الهول في محافظة الحسكة، وأيضا يمرون بظروف مأساوية كبيرة، وهم شبه منقطعين عن العالم الخارجي.
أما بقية الأعداد، فقد توزعوا على عدة مناطق من العاصمة وريفها هي بحسب توقعاتهم أكثر أمناً؛ مثل جرمانا والزاهرة وقدسيا وضاحيتها ودمر وغيرها، كما يتواجد أعداد منهم في حمص وحلب ودرعا، وبعض العائلات ينامون في معامل ومصانع لعدم قدرتهم على استئجار أماكن جديدة وعدم تحملهم العيش في المدرسة نتيجة لظروفهم الصحية، وهنالك عدد آخر فضل البقاء في مخيم اليرموك لذات الأسباب.
تتنوع معالم المعاناة لهؤلاء اللاجئين بين انعدام الأمان بسبب اضطراب الوضع القانوني لهم، وعدم وجود خيارات وبدائل للانتقال لأماكن أكثر أمناً، فهم يُمنعون من دخول الأردن ولبنان، وتركيا دخولها صعب للغاية، ثم يحسبون حسابات مستقبلاً فيما لو وصل بعضهم إلى تركيا مع مخاطرة الطريق، ناهيك عن التصعيد المستمر لحالات القصف والقتل في البلاد، فقد سقط لحد الآن سبعة شهداء بإذن الله، وقرابة عشرة جرحى، وأكثر من عشرة بيوت تعرضت لأضرار مادية نتيجة القصف بمخيم اليرموك وغيره، كما تم اعتقال قرابة ثمانية فلسطينيين وبعضهم مفقود لحد الآن.
يضاف إلى ذلك صعوبة الحياة المعيشية وقلة المعونات المقدمة لهم، وانعدام فرص العمل وارتفاع الأسعار بشكل كبير، كذلك المضايقات عند نقاط وحواجز التفتيش، خصوصا بعد أحداث مخيم اليرموك، واستغراب العديد من الجنود لكلمة (فلسطيني- عراقي) مع بعض الإهانات أحياناً، حتى ترتب على ذلك حالة من الخوف الشديد والخشية من الاعتقال عند التنقل الاضطراري لحاجتهم لمراجعة بعض الأماكن أو الاستقرار النسبي بحثا عن الأمن والأمان.
معاناة فلسطينيي العراق تتم بصمت، وقد لا تجد نداءات الاستغاثة التي يطلقونها عبر العديد من المنابر الإعلامية صدى أو استجابة في ظل انشغال وسائل الإعلام بأزمات ومآس أكبر (بالنظر إلى أعدادهم)، لكن الغريب والمستهجن في الوقت نفسه، أن تتجاهل القنوات والوسائل الإعلامية الفلسطينية مأساتهم التي تتضاعف يومياً في ظل تشاغل بعضها بقضايا محلية (الرواتب) أو هامشية (المفاوضات) أو القيام بحملات دعائية لقضايا فردية باتت ممجوجة وواضحة الخلفيات لمجرد التشاغل عن تغطية مأساة اللاجئين الفلسطينيين في الوقت الراهن، خوفاً من رعاية راع.. أو رغبة بالنأي بالنفس عن هموم الشعب الفلسطيني لصالح قضايا وأجندات الآخرين..
المصدر: فلسطين أون لاين