فلسطينيو سوريا في لبنان: أهم مشكلة؟
بقلم: نواف ابو الهيجاء
الى لبنان توجه بضعة آلاف من فلسطينيي سوريا
هربا من الدمار والموت لا سيما من سكان مخيمات دمشق، وخاصة من مخيم اليرموك. لقد عانى
المخيم طوال الاشهر التسعة الماضية من محاولات المسلحين المتكررة زجه في الاتون السوري
المضطرب. الاخبار اكدت ان الفلسطينيين في سوريا، ومخيماتها تحديدا، فقدوا اكثر من الف
ومائة ضحية واغلبهم من مخيم اليرموك. ومن مخيم اليرموك، وفي شهر كانون الاول الماضي،
نزح اكثر من مائتي الف فلسطيني. قسم كبير منهم لجأ الى اماكن اكثر امنا في الداخل السوري،
وبضعة آلاف منهم اضطروا الى اللجوء للبنان، اما عند اقاربهم او من تمكن منهم فقد سكن
بالاجرة. لجأوا الى لبنان لانهم ممنوعون من دخول الاردن والعراق وهم لا يريدون السفر
الى تركيا. وهم بالتأكيد متلهفون للعودة الى مخيماتهم في سوريا. وجودهم في لبنان امر
موقت وهو لا يمكن ان يؤثر في التركيبة اللبنانية الاثنية او العرقية او القومية او
المذهبية.
الغريب ان اصواتا حادة انطلقت في لبنان
مؤخرا تطالب السلطة بإبعادهم الى سوريا. ولماذا هذه المطالب وهم هنا في لبنان مجرد
ضيوف وقتيين وهم لا يتطلعون الى البقاء في لبنان؟ السبب انهم في سوريا ومنذ العام
1948 يعاملون معاملة السوريين في الوظائف ويتمتعون بحياة ليس فيها معاناة من الضيق
في العيش. كثير ممن وفدوا الى لبنان من فلسطينيي سوريا املوا ان تقوم الاونروا والمفوضية
السامية لشؤون اللاجئين بتوفير الحد الادنى من متطلبات الحياة، ولكنهم لم يحصلوا على
ما كانوا يتأملون او يرجون الحصول عليه من الرعاية. اضطر بعضهم للعودة الى سوريا نظرا
لصعوبة الاوضاع المعيشية في لبنان.
الباقون موزعون في المخيمات اللبنانية.
قسم منهم عند اقارب لهم. اقسم لي عضو في اللجان الشعبية الفلسطينية في مخيم برج البراجنة
انه بعينيه رأى ان ثلاثة وعشرين فلسطينيا يقطنون في غرفة واحدة في المخيم. السلطة الفلسطينية
لم تستطع إسنادهم.
يعاني الفلسطينيون اللاجئون من سوريا الى
لبنان من مشكلات تجري بين الحين والآخر في المخيمات كما هو الحال في عين الحلوة، حيث
جرت اشتباكات بين تيارات اسلامية ومحسوبين على حركة «فتح» مما زاد في المعاناة والخوف
مما هو قادم.
الفلسطينيون السوريون في لبنان ليسوا مشكلة
لبنانية، بل هم مشكلة ناتجة في الاساس عن زجهم في الاتون السوري رغم ارادتهم، وايضا
اهمال العالم لقضيتهم وعدم تنفيذ القرارات الخاصة بحق العودة. انهم من فلسطينيي العام
1948 وهم لجأوا اساسا الى سوريا بصورة ظنوها موقتة منذ البداية، وظل امل العودة يداعبهم
أحياء وحتى الموت .
لماذا المطالبة بعودتهم الى سوريا علما
ان وجودهم موقت كما اكدنا ويؤكد كل فلسطيني سوري وفد الى لبنان؟ هل المطلوب تعرضهم
للموت من جديد؟ ام المطلوب صب الزيت على النار المختزنة في الواقع اللبناني؟
ان بضعة آلاف من فلسطينيي سوريا يتطلعون
الى تسوية اوضاعهم في لبنان وبصورة موقتة، الى ان تعود الامور في سوريا آمنة. كل منهم
تواق للعودة الى المخيمات السوريا والى استعادة امنه وعمله وحياته الطبيعية في سوريا.
ليس لهم مطمع في لبنان بل هم قد خبروا خلال هذه الاشهر الثلاثة الاخيرة معنى ما يعانيه
اهلهم الفلسطينيون اللاجئون الى لبنان من ضنك الحياة ومن تشديد الخناق عليهم ومن صعوبة
حياتهم في ظل التوازنات المذهبية والدينية اللبنانية.
ليس هناك ما يبرر الدعوة الى اعادة فلسطينيي
سوريا في لبنان الى سوريا على الاطلاق اللهم الا الحاجة الى اضافة مشكلات جديدة في
الاطار اللبناني العام.
الفلسطيني القادم من سوريا، مشكلة في لبنان،
ولكنه ليس سبب هذه المشكلة. لعل بعضا من لبنان، لديه حساسية إزاء كل من هو غير لبناني...
المصدر: دائرة شؤون اللاجئين – وكالات