فلسطينيو سورية في
الأردن لاجئون سجناء في معسكر اعتقال وفصول من معاناة لا تنتهي
بقلم: فايز أبوعيد
"سايبر سيتي"
قد نتوهم للحظة بأنه اسم منتجع أو مدينة سياحية ولكن عندما يلصق به اسم مخيم فهنا تدرك
بأنه بقعة جغرافية تضم بين جنباتها قصة معاناة وفصول مأساة جديدة لأناس اجبروا على
ترك ديارهم هرباً من موت محقق جراء صراع لا ناقة لهم به ولا جمل، ذنبهم الوحيد بأنهم
فلسطينيون لا وطن لهم وكلما هبت رياح التغيير والصراع في أي دولة يكون هم ضحايا هذا
التغيير
مخيم "سايبر سيتي" هو عبارة عن بناية
سكنية واحدة تتألف من 6 طبقات تحتوي على 140 غرفة تقع في مدينة الرمثا (حوالي 100 كم
شمال عمان) بالقرب من الحدود مع سوريا وهو أساساً مقر إقامة لعمال آسيويين يعملون في
مصانع المدينة الصناعية في إربد، إلا أنه قد تم إغلاقه منذ خمس سنوات نتيجة الإضرابات
المتتالية للعمال بسبب سوء السكن، وشاءت الأقدار أن يتم فتحه بتبرع من صاحبه لإيواء
اللاجئين الفلسطينيين من حملة الوثائق السورية، وقامت الجمعية بترميم السكن وإعادة
تأهيله لاستقبال اللاجئين"، فسايبر سيتي الذي يفتقر إلى أبسط مقومات البنية التحتية
هو اليوم معسكر أشبه بمركز اعتقال مغلق تماما أمنيا يحجز اللاجئون هناك ولا يسمح لهم
بالخروج إلا ضمن قيود وكفالات ليوم أو يومين وفي ظل وجود كفيل أردني يلتزم أمام الدولة
ويتحمل مسؤولية إرجاع اللاجئ الفلسطيني إلى السكن"، كما يشكو اللاجئون الفلسطينيون
من سوريا إلى الأردن، من ظروف يصفونها بأنها "غير إنسانية" داخل سكن
"سايبر ستي" دفعت بعدد من العائلات إلى الهروب، وأصبحوا مطلوبين لقوات الأمن
الأردنية.
هذا غيض من فيض معاناة فلسطينيو
سورية هناك والذين تكمن مأساتهم الحقيقة بالتشدد الأردني اتجاههم من قبل السلطات الأردنية
منذ بداية الأزمة السورية حيث منعت هذه السلطات دخول أي لاجئ فلسطيني، معتبرة أن هذا
الأمر "خطًا أحمر لن يسمح به"، تحت حجج مخاوف الوطن البديل تارة، وتصدير
الأزمة السورية تارة أخرى، وعدم قدرة الأردن على تحمل المسؤولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين.
وهذا ما دفع هيومن رايتس ووتش وعيادة حقوق الإنسان
الدولية بكلية الحقوق جامعة هارفارد ، مطالبة الرئيس أوباما في زيارته الأخيرة للأردن
بالضغط على العاهل الأردني للحصول على ضمانات من الملك عبد الله الثاني بأن الأردن
لن يرفض أي طالب لجوء على حدوده مع سوريا؛ وأن يقر الأردن بأن للجميع – بمن فيهم اللاجئين
الفلسطينيين والرجال غير المتزوجين والأفراد غير الموثقين بأوراق قانونية – الحق في
عدم الإعادة قسراً إلى سوريا لمواجهة خطر الموت والضرر الجسيم" إذ أن المخاطر
التي تتهدد حياتهم في سوريا أكبر من إعادة أي شخص إلى هناك في الوقت الحالي.
كما تبينت هيومن رايتس ووتش وعيادة هارفارد أن بعض
طالبي اللجوء الفلسطينيين تمكنوا من دخول الأردن رغم خطر الإعادة القسرية إلى سوريا.
ووثقت عدة حالات إعادة لفلسطينيين قسراً إلى سوريا من داخل الأردن. حيث تعرض محمود
مرجان وزوجته وأولاده للإعادة القسرية من سايبر سيتي إلى سوريا وبعد 20 يوماً من إعادته
قسراً إلى سوريا، تم العثور على جثمانه ملقى في الشارع أمام بيت والده، وفيه إصابات
برصاصات وآثار تعذيب.
أما عن معاملة السلطات الأردنية للاجئين الفلسطينيين
الفارين من جحيم الحرب فيها فهي تتسم بالعنجهية والتكبر والمعاملة غير الانسانية وذلك بحسب رواية أحد طالبي اللجوء إلى الأردن حيث
يقول: " لقد ضايقونا كثيراً لأن زوجتي فلسطينية. كان هناك نحو 50 شخصاً في مجموعتي.
سألونا، "من فلسطيني؟ من عراقي؟" لم أخبرهم، لكن دفتر العائلة يقرر أن زوجتي
لاجئة فلسطينية. ألقى بالدفتر من يده وقال، "ينبغي إعادة زوجتك. يمكنك المجيء،
أما هي فممنوعة لأنها فلسطينية". قلت لهم إن منزلنا احترق تماماً وليس لنا منزل
نعود إليه. فقال ضابط دورية الحدود، "هذه ليست مشكلتنا". توسلت إليه. كان
زوجتي وأطفالي يتوسلون ويبكون لكي لا يعادوا. فقال، "مستحيل" ووضعنا في عربة
عسكرية وألقوا بنا على الحدود" ويردف لقد قلت للجندي"ليس لنا مكان نذهب إليه".
فدفعني وقال، "لدينا ما يكفينا من الفلسطينيين، لا نريد المزيد" ودفعنا إلى
الجهة الأخرى. كان الوقت ليلاً، ولم يعطونا ولو قنينة مياه. حدث هذا في تل شهاب. كنا
نسمع اشتباكات قريبة.
وأخيرا
لابد من التساؤل إلى متى يبقى اللاجئ الفلسطيني وقود للأزمات والمتغيرات السياسية
التي تحدث في البلدان العربية،سؤال برسم بعض الحكومات العربية التي تتشدق بشعارات وعبارات
رنانة زائفة عن فلسطين ونصرة شعبها في حق العودة إلى دياره وتحرير أرضه.
المصدر: واجب