فلسطينيو سورية في لبنان: الخوف تحت القصف أهون من الذل في هذا البلد
سمية قاسم - خاص لاجئ نت
أزمةٌ انسانيةٌ خلفتها الأحداث في سورية، فبعد القتل والدمار نزح اللاجئون الفلسطينيون كغيرهم من أبناء الشعب السوري إلى بعض الدول المجاورة ومنها لبنان خوفًا على حياتهم وحفاظًا على أمنهم وسلامتهم.
هاجر اللاجئ الفلسطيني مجدداً فكان أمله بلبنان المضياف، ولكن الحكومة اللبنانية سرعان ما خذلتهم وتخلت عنهم. فسيطرالألم والمعاناة على وجوه النازحين الفلسطينيين السوريين الذين قصدوا مخيمات اللجوء في لبنان، وكلهم أمل بأبناء شعبهم الفلسطيني المهجر بعدما خذلتهم الدولة اللبنانية.
أم محمد عبدالله إحدى النازحين التي لجأت من مخيم اليرموك هربًا من القصف والدمار وخوفاً على حياة ابنائها الأربعة اللذين ما زالوا في المدارس. تقول أم محمد «جئنا الى لبنان وكلنا امل بان نعيش حياة كريمة الى حين عودتنا الى سورية ولكن سرعان ما تفاجأنا بالواقع، لا احد ينظر إلينا أو يقدم لنا المساعدات اللازمة، سوى بعض المؤسسات الخيرية ومنهم: مؤسسة السبيل، ولجنة الزكاة والصدقات، وجمعية الفرقان. أما الأونروا فلم تقم بواجبها اللازم تجاهنا كنازحين وقدمت لنا بعض المساعدات العينية كالفرش والحرامات».
يعتبرون حياتهم في سورية تحت القصف والدمار والانفجارات أشرف لهم من الذل والتعتير في لبنان كما قال أحد النازحين خلال لقائنا. أبو خليل حميد أب لستة أطفال نزح من مخيم سبينة بعد أن تعرض المخيم للقصف، فنزح هو وعائلته الى لبنان، ولكي يكمل اطفاله دراستهم في مدارس الأونروا، قال لنا «نعيش ظروفًا صعبة، فلو بقينا تحت القصف والدمار أهون علينا من أن نعيش هذه الحياة، صحيح قدمت لنا بعض المساعدات ولكنها لا تكفي نريد ان نعيش حياة كريمة الى حين عودتنا الى سورية».
تقصير فاضح
من مؤسسة الى مؤسسة، ومن جمعية إلى جمعية مرورًا بمنظمة التحرير وصولًا إلى الاونروا، ولا من معين سوى الله. كل ما في الامر أنهم يريدون العيش كغيرهم بعز وكرامة، فيقول ابو خليل «نطلب من المعنيين ان ينظروا الينا نظرة انسانية اخوية مسؤولة ويقدموا لنا اقل ما نحتاجة لنشعر اننا نعيش حياة كريمة بعيدة عن الذل والمعاناة كما وطالب ابو خليل بتامين مدارس لاولادهم لكي يكملوا دراستهم وتعليمهم المنهج السوري».
فمنظمة التحرير الفلسطينية التي يعتبرها الكثيرون أنها المسؤول الأول عن اللاجئين في لبنان، لكن في الحقيقة وحتى هذه اللحظة لم تقدم لهم المساعدات اللازمة سوى المؤن الغذائية وبعض الكراتين، علمًا ان الجمعيات الخيرية والاجتماعية إضافة إلى الأونروا ترمي المسؤولية على كاهل المنظمة. يقول ابو خليل «لم تقم الأونروا بواجبه اللازم تجاهنا، ولم تقدم لنا المساعدات اللازمة، بل قدمت لنا بعض الفرش والحرامات ولكنها لا تكفي. الأونروا والمنظمة المسؤول الاساسي وعليهم مسؤولية كبيرة تجاهنا ولكن حتى هذه اللحظة لم يقوموا بمسؤوليتهم كما يجب».
عائلات فلسطينية قدمت من مخيمات سورية وقصدت مخيم عين الحلوة لتسكن في الكراجات والمدارس والشوارع. سكن معظم النازحين الجدد عند أقاربهم، تقول أم محمد عبدلله «جئنا الى المخيمات وسكنّا عند اقاربنا حوالى الشهر، ولكن لكل منهم ظروفه الخاصة ولا احد يستطيع ان يتحملنا اكثر من ذلك، فظروف الحياة هنا في المخيمات صعبة»، لكن من لا أقارب له إضطر للسكن في الكراجات أو حتى في مكتب مدير المخيم، حيث سيطروا عليه كي لا يبقوا في الشارع، هذا فضلاً عن بعض المدارس المغلقة كمدرسة الكفاح الواقعة في تعمير عين الحلوة، رغم أنها تحتاج للصيانة والتجهيز قبل اسكان العائلات فيها.
تأهيل مدرسة الكفاح لإيوائهم
سبعة آلاف دولار تكلفة إعادة تأهيل مدرسة الكفاح، باشرت مؤسسة السبيل وبالاتفاق مع الأونروا على ان يتم إخراج العائلات السورية الأربعة التي تقطن مكتب الشؤون الى المدرسة وتتكفل الأونروا بمبلغ 4500$ والمبلغ الباقي على مؤسسة السبيل بقيمة 3500$.
تؤوي المدرسة ثمانية عائلات لديهم حمامات صغيرة مشتركة بالإضافة إلى مطبخٍ واحد مشترك يوجد فيه غاز واحد حيث تتناوب عليه العائلات الثمانية، ويفتقرون لأدنى متطلبات الحياة الأساسية فلا براد ولا غسالة ولا تلفاز أو حتى وسيلة إعلام بسيطة يتابعون بها أخبار مخيماتهم.. هكذا هو الحال الآن أما القادم أعظم، فالشتاء على الأبواب، حيث البرد القارس والنازحون يفتقرون لوسائل التدفئة التي تحميهم من الموت البطيء. تقول أم محمد عبدالله «نعاني ظروف صعبة فالشتاء قادم على الابواب ولا يوجد عندنا وسائل تدفئة سوى الفراش الممددة على الارض».
النازحون السوريون والحكومة اللبنانية
«الفلسطيني في لبنان محروم من أبسط حقوقه فما بالك باللاجىء الفلسطيني السوري».. كلماتٌ رددها احد النازحين عندما سألناه عن عمله. فالدولة اللبنانية لم تقم بواجبها الإنساني تجاه اللاجئ الفلسطيني منذ أربعة وستين عامًا فما بالك باللاجىء السوري؟! وهذا حال أبو محمود الاحمد الذي نزح من مخيم اليرموك بعد أن اشتد القصف والقتل والدمار، قصد هو وأبناؤه الاطفال الخمسة لبنان، وأبناؤه لا يزالون في المدارس ويعاني أحد أطفاله من حساسية في الصدر، يقول أبو محمود «أبحث عن عمل لكي أعيش أنا وأسرتي حياة كريمة لأن المعنيين لا ينظرون إلينا ولكن لا أجد عملاً، الجميع يعدني وكلها وعودٌ لا نتيجة منها، عندما أبحث عن عمل يقولون لي اذا الفلسطينيين في لبنان محروم من العمل ومن أبسط حقوقه فما بالك باللاجئ الفلسطيني السوري»، الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها لم تقم بأدنى الواجبات الانسانية والاخلاقية تجاه الفلسطينيين السوريين، بل وقفت موقف المتفرج واعتبرت ان اللاجىء الفلسطيني السوري ليس من مسؤوليتها وإنما من مسؤولية الأونروا ومنظمة التحرير.
الوضع التعليمي للطلاب النازحين
الأونروا باشرت بتأمين مدارس للطلاب الفلسطينيين النازحين من سورية وذلك بعد مطالبات عدة ومناشدات الاهالي الذين طالبوا بتعليم أبنائهم المنهاج السوري، فقامت الأونروا بتأمين مدرستين اثنتين، واحدة للذكور والأخرى للإناث يداوم فيهما الطلاب بعد الظهر حيث ينهي الطلاب الفلسطينيون دوامهم، حيث وعدت الأونروا أن تبدأ بتعليم المنهاج السوري بأسرع وقت. أبو محمود الأحمد يقول «أعطت لنا بعض الوعود ليتم تعليم أبنائنا المنهاج السوري ولكن لم يتم بعد تعليمهم المنهج السوري ونحن على أمل أن تتحقق مطالبنا وخصوصاً مستقبل أولادنا وأن يتم تعليمهم المنهج السوري».