فلسطينيو سورية في لبنان
الهجرة باتت خيارنا الوحيد
بقلم: فايز أبوعيد
"دلني على طريقة أسافر بها من لبنان إلى تركيا
يرحم أهلك، لدي جواز سفر وكل الأوراق الثبوتية المطلوبة" بهذه العبارة رد أبو
محمد اللاجئ من مخيم اليرموك إلى لبنان، على سؤالي الذي وجهته له حول رأيه في الهجرة
إلى الدول الأوروبية، وأضاف نحن نعامل معاملة غير إنسانية في لبنان نعيش في قلق وخوف
مستمر ودائم بسبب انتهاء إقامتنا التي لا نستطيع دفع ثمن تجديدها، هذا إضافة لغلاء
المعيشية ومنعنا من العمل، أرجوك أوصل صوتي لجميع المعنيين نريد حلاً لمأساتنا أو الهجرة
إلى دولة تصون كرامتنا.
أما أحمد ابن مخيم السبينة
الذي فر من الاشتباكات التي اندلعت في مخيم عين الحلوة جنوب لبنان فكانت علامات الحزن
بادية على وجهه اقتربت منه لأسئله عن سلامته وسلامة أولاده الذين يحتضنهم بقوة إلى
صدره، قال بصوت عال ودون أن أنبس ببنت شفه لا أريد أن أبقى في هذا البلد أريد أن أرحل
عنه، لقد هربت من جحيم الموت في سورية لأجده متربصاً بي هنا، لقد تحملت كل شيء الإهانة
والذل في هذا البلد وارتضيت أن أذهب إلى الجمعيات الخيرية لاستجداء بعض الطعام لأولادي
وكل ذلك من أجل سلامتهم، ولكن الآن طفح الكيل أريد أن أسافر إلى الدول الأوروبية التي
تحترم الإنسان حتى لو كلفني ذلك حياتي، صمت أحمد وأشاح بوجهه عني لأن دمعته سالت على
خده، لم أستطع الكلام تركته ولمت نفسي على الإقتراب منه.
حال محمود ابن مخيم الحسينية
والذي يقطن في منطقة وادي الزينة التابعة لمدينة صيدا لم تكن كحال أحمد، بل على العكس
هو ينتظر لم الشمل بعد أن خاطر وأرسل ولده ذي الخمسة عشر ربيعاً مع عمه إلى ألمانيا،
وعن سبب مخاطرته بولده قال أنا رجل مريض وعندي سبعة أولاد أكبرهم محمد الذي أرسلته
مع عمه، لم يكن أمامي سبيل فأنا لا أستطيع العودة إلى سورية ، ولم أملك أي خيار آخر
فإما أن أموت من الجوع أنا وأولادي هنا في لبنان خاصة بعد أن بدأ ينفذ المال الذي كنت
أدخره أو أن أخاطر بابني الذي عولت عليه أمالا كبيرة، وأصدقك القول بأن قلبي يعتصر
ألماً والدمعة لا تفارقني لأنني جازفت بفلذة قلبي، ولكن الحمد لله وصل بخير إلى ألمانيا
وأنا أنتظر لم الشمل علنا نعيش بقية حياتنا عيشة كريمة.
علي لاجئ فلسطيني من سكان
مخيم اليرموك يعيش في مخيم البداوي ولديه سبعة أولاد وهو مصاب بمرض في العمود الفقري
ونقص حاد في النظر، كان يعمل في محل لبيع الخضروات استغن عنه صاحب المحل فلم يجد من
بد إلا أن يرسل ابنه إلى سورية ليهاجر منها إلى تركيا ومن ثم يتخذ طريق البحر أو البر
إلى اليونان ومن هناك إلى مقدونيا فهنغاريا حتى يصل إلى أوروبا، يقول علي: لم نعد ندري
ما نفعل لقد تاهت بوصلتنا وتاه رأينا بتنا نرسل أبناءنا بأيدينا إلى قوارب الموت من
أجل أن ينقذوا بقية أفراد العائلة.
وبدوره اعتبر اللاجئ حسان
من سكان مخيم العائدين بحمص والذي قرر المخاطرة بنفسه والسفر عبر قوارب الموت للبحث
عن ملاذ آمن أن ما يعيشه الفلسطيني السوري اليوم هو نموذج مصغر لما حل ويحل بشعبنا
الفلسطيني، الذي ما يزال يدفع الضريبة الباهظة لجريمة اقتلاعه من أرضه ودياره، وأضاف
أن الشعب الفلسطيني ما برح يعاني ويقدم الشهداء على مذبح الحرية لنيل حقوقه.
أخيراً يمكن القول أن اللاجئين
الفلسطينيين السوريين قد اتعبتهم رحلة اللجوء وقضى مضاجعهم أزيز الرصاص وتعرضهم للقصف
ما أدى إلى دمار بيوتهم وفقدانهم كل ما يملكون، فخرجوا من مخيماتهم في رحلة تيه جديدة
للبحث عن الآمن والأمان، فلم يجدوا من مناص بعد أن لفظتهم معظم البلاد العربية إلا
خوض غمار البحر وركوب قوارب الموت، مهما كانت تلك الرحلة محفوفة بالمخاطر لدرجة أنها
أودت بحياة الكثيرين منهم، ورسمت منعطفاً جديداً في درب آلامهم.