فلسطينيو
سورية .. نزيف في الوجدان
بقلم:
ظاهر صالح
فرّوا
أفواجاً من الموت في هجرة قسرية حملوا معهم من المعاناة والهموم عبر الحدود
والمعابر ماحملوه،وآخرون ركبوا البحار والمحيطات منهم من حالفه الحظ فنجا بأعجوبة
من موت كان ينتظره في قاع البحار،فيما أفواج أخرى نجت من بين يدي تجار البشر
والمهربين ليكونوا شهوداً على من كان برفقتهم في قوارب الموت أطفال ونساء وكبار في
السن وطلاب وشبان من ذوي الكفاءات العلمية ونخب المثقفين والمبدعين، خاطروا
بأنفسهم وأموالهم في رحلة ضياع لينموا بذلك فصل من فصول نكبة الشعب الفلسطيني التي
ماتزال مستمرة.
فصل
يضاف إلى سجل المعاناة المتوارثة عن الآباء والأجداد، هاربين من مخيمات ومن بلاد
لفظتهم ولم تترك لهم أي خيار بالبقاء والحياة، يخوضون مغامرات شاهدوا فيهامن أشكال
الموت ماشاهدوه طلباً للأمان ولحياة حرة كريمة، وقد تركوا خلفهم بحرقة وتعب سنوات
ضاعت هباء ودفعت بهم إلى أتون هجرة غير شرعية وسفر سرّي محفوف بالمخاطر كان له
آثاره السلبية على الترابط العائلي والنسيج الاجتماعي،
تعددت
سبل اللجوء وأساليب الهجرة وتعددت الحكايات فهارب من تردي الأوضاع الاقتصادية وسوء
الظروف المعيشية وصعوبتها وهارب من الصراعات والاضطرابات الأمنية، فلا يمكن وضعهم
في خانة البحث عن الثراء أو التنعم بأحلام وردية كانت تداعب خيالاتهم ولكن الغاية
الوحيدة هي الوصول إلى بر الأمان.
ولعلنا
نتساءل : لماذا يغامر هؤلاء بحياتهم في رحلات محفوفة
بالمخاطر
وغير مأمونة العواقب ؟
هل
انسدت كل الطرق وسبل العيش أمامهم ؟
هل
عجزت وكالة الغوث "الأونروا "عن تلبية حاجياتهم ؟
هل
تخلت الفصائل الفلسطينية عن حاضنتها الشعبية ؟
من
الصعب الاجابة بنعم أو لا عن هذه الأسئلة، لكن من الشواهد الواضحة أن اللاجئ
الفلسطيني الذي طالما تجرع من حياة اللجوء والمنافي مرارة الخذلان يعيش في تغريبة
متجددة ضحيتها هو ومعه النخبة من أصحاب الشهادات الجامعية والعلمية والكفاءات
الإبداعية المتميزة في كافة الاختصاصات ومناحي الحياة.
وتعتبر
هذه الظاهرة ( هجرة العقول والكفاءات ) من أكثر القضايا إيلاماً للوجدان العربي
عامة والفلسطيني بخاصة.
إن
الاضطرابات الأمنية والصراع الدموي في سورية انعكس بشكلٍ أو بآخر على المخيمات
الفلسطينية في سورية ما عجل في خروج الأهالي وسارع بالهجرة الداخلية والخارجية،
إضافة إلى إغلاق الحدود والمعابر والتضييق عليهم في أغلب الدول العربية التي كان
من المأمول منها أن تفتح أبوابها للاجئين الفلسطينيين وللنخب والكفاءات.
ومن
بقي داخل المخيمات في سورية وفي التجمعات لم يقدر على الخروج والهجرة يعيش على حد
الكفاف في أحسن الأحوال.
بالرغم
من كل هذه المتغيرات التي عصفت بالمنطقة العربية وتأثيراتها على القضية الفلسطينية
وعلى الشعب الفلسطيني في المخيمات فما زال هناك تجاهل و غياب للمرجعية الفلسطينية
نتيجة التجاذبات السياسية والفجوة بين أصحاب القرار من جهة وبينهم وبين القواعد
الشعبية من جهة أخرى ما جعل الفلسطيني يعيش حالة من الضياع ويلاقي قدره وحده، وهذا
ما عزز فكرة الهجرة ودفع بقوة إلى هذا الخيار المؤلم.
ويبقى
السؤال هنا..
من
المستفيد من هجرة الشعب الفلسطيني وفي مقدمة ذلك هذه النخب والكفاءات؟
كيف
يمكن أن تصبح صورة المخيمات ومصير من بقي فيها ؟
ماذا
عن رؤية الأجيال إلى الحقوق الفلسطينية وعلى رأسها حق العودة ؟
المصدر:
مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية