فلسطينيو لبنان
التوقيع في لبنان على قانون العمل الخاص بالفلسطينيين
خطوة شكلية نحو قانون ناقص وتمييزي في جوهره
رأفت مرّة/ بيروت
وقّع وزير العمل اللبناني بطرس حرب القانون الذي أقره المجلس النيابي اللبناني أواخر فصل الصيف الماضي، والذي يتعلق بالسماح للاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، منذ عام 1948، بالعمل في مجموعة بسيطة من المهن، ومنحهم تعويضاً في نهاية خدمتهم.
ووقع الوزير القرار يوم الاثنين 22 شباط/ فبراير 2011، وصدر القانون في 17 آب/ أغسطس 2010، أي قبل ما يقارب ستة أشهر، وكان القانون قد أرسل لمجلس شورى الدولة لإقراره فور توقيع الوزير عليه.
معلومات أساسية
يخضع للقرار الذي وقعه وزير العمل، وفقاً لنصّه، «اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان، والمسجلون لدى مديرية الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات، على أن تُكَلَّف دائرة رعاية العمال السوريين شؤونَ العاملين من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان».
وتتولى المديرية «تنظيم ومتابعة شؤون عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتجميع، وتوثيق، وتحديث وتحليل المعلومات والبيانات المتعلقة بعملهم، والقيام بالإجراءات الخاصة بطلبات الحصول على إجازات عملهم، وإصدار هذه الإجازات وتجديدها، وتسوية ومعالجة الخلافات والشكاوى التي يتقدمون بها في ما يتعلق بوضعهم القانوني وحصولهم على إجازات عمل، والتنسيق والتعاون مع الدوائر الأخرى بوزارة العمل، في الأمور ذات العلاقة، وتنظيم آلية إحالة إلى الدوائر الأخرى، كلما كان ذلك ضرورياً، بما في ذلك دائرة التفتيش والوقاية والسلامة، والمتابعة والمراجعة الدورية للأنظمة والآليات المعمول بها، للتأكد من سرعة وفعالية إجراءات إصدار وتجديد إجازات العمل للمستفيدين من هذا القرار».
وقسّم القرار في مادته الثالثة أصحاب المهن، إلى أصحاب العمل، وممثلي الشركات الأجنبية ومديريها، والحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص، والأُجراء.
ونصّ في المادة الرابعة منه على أن «كل لاجئ فلسطيني في لبنان، يرغب في العمل أن يتقدم بطلب بهذا الشأن مباشرة إلى وزارة العمل، أو إحدى دوائرها في المحافظات، للحصول على إجازة عمل، مرفقاً بالنسبة إلى الأجراء والحرفيين والعاملين لحسابهم الخاص باستدعاء موقع من صاحب العلاقة يوضح فيه المهنة التي يرغب في تعاطيها، وصورة عن بطاقة هوية لاجئ الصادرة عن مديرية الشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية والبلديات، وصورتين شمسيتين للاجئ الفلسطيني».
ويفرض القرار على ممثل أو مدير شركة أجنبية أن يقدّم، بالإضافة إلى صورة بطاقة هوية لاجئ، كتاب تمثيل صادراً عن الشركة المعنية في الخارج، مصدقاً من السفارة اللبنانية في الدولة التي فيها مركز الشركة الرئيسي، ومن وزارة الخارجية اللبنانية، ومترجَماً إلى اللغة العربية. ويتضمن الكتاب بنداً ينص على أنه «في حال تعيين وكيل تجاري حصري للشركة في لبنان، يجب أن يكون لبنانياً، ويقدم صورة عن مستندات الشركة الصادر عنها كتاب التمثيل مصدقاً حسب الأصول، وإفادة من وزارة الاقتصاد والتجارة بالنسبة إلى فروع الشركات الأجنبية تثبت تسجيل الفرع وتعيين مدير له، ونسخة عن السجل العدلي من السلطات المختصة في لبنان لا يعود تاريخه إلى أكثر من شهر».
وبالنسبة إلى أصحاب العمل، يفرض القرار «استدعاءً موقعاً من صاحب العلاقة، أو وكيله الرسمي، يحدد فيه نوع عمل الشركة أو المؤسسة التي ينوي إنشاءها، حجمها ومكانها، وصورة عن بطاقة هوية لاجئ، وتعهد بتسجيل الشركة أو المؤسسة في السجل التجاري، وفي الإدارات الأخرى المختصة، خلال مهلة أقصاها ستة أشهر من تاريخ منحه إجازة العمل، على أن تكون بنود السجل التجاري أو الترخيص متطابقة مع شروط إجازة العمل، خاصة لجهة نوع العمل، ونسخة عن السجل العدلي من السلطات المختصة في لبنان، لا يعود تاريخه إلى أكثر من شهر».
وينص القرار في مادته الخامسة على أنه «تتم مراجعة وتدقيق الطلبات المقدمة من قبل الدائرة المختصة، التابعة لوزارة العمل، والتي تصدر إجازات العمل ذات العلاقة، بعد استكمال الإجراءات القانونية والحصول على الموافقات المطلوبة، وتحدد إجازات العمل الخاصة باللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان، بالإضافة إلى البيانات الأخرى، المهنة التي يمارسها حامل الإجازة».
وتشير المادة السادسة إلى أن «إجازات العمل الخاصة بالعاملين من اللاجئين الفلسطينيين العاملين في لبنان تصدر بناءً على موافقة وزير العمل، بعد موافقة المدير العام ورئيس مصلحة القوى العاملة، ورئيس الدائرة المعنية في وزارة العمل بالنسبة إلى المجموعتين الأولى والثانية (أصحاب العمل، وممثّلو الشركات الأجنبيّة ومديروها)، وموافقة المدير العام ورئيس الدائرة المعنية، التابعة لوزارة العمل، بالنسبة إلى الفئتين الثالثة والرابعة الحرفيّون والعاملون لحسابهم الخاصّ، والأجراء».
وإجازات العمل الخاصة باللاجئين الفلسطينيين المقيمين صالحة لمدة ثلاث سنوات من تاريخ إصدارها، وفقاً للمادة السابعة، و«يتم تجديد إجازة العمل (المادة الثامنة) عبر تقديم طلبات التجديد، وفقاً لهذا القرار إلى وزارة العمل بواسطة شركة «ليبان بوست»، أو أي شركة تعتمدها وزارة العمل، مرفقة بصور عن المستندات المطلوبة، وبعد الحصول على موافقات الجهات المحددة في القرار».
ردود فعل
غداة توقيع الوزير للقرار، صدرت ردود فعل فلسطينية معارضة. حيث اعترض «الائتلاف الفلسطيني اللبناني لحملة حق العمل» على خطوة وزير العمل بطرس حرب لجهة وضعه التعديلات التي أقرها البرلمان اللبناني في 18 آب الماضي على قانون العمل حيّز التنفيذ، مشيراً إلى أن الخطوة «تشرع لسياسة التمييز والحرمان المتواصلة التي تمارسها الدولة اللبنانية تجاه الفلسطينيين في لبنان».
وعدد الائتلاف في بيانه الأسباب الرئيسية وراء رفضه التعديلات التي أقرت، وأولها التمييز عبر الإبقاء على إجازة العمل التي لا تفرق بين أجنبي ولاجئ قسراً إلى البلاد، «ولا سيما أن الفلسطينيين يُسهمون بما لا يقل عن عشرة في المئة من دورة الاقتصاد اللبناني». كذلك أبقت تلك التعديلات على السياسة التمييزية في عمل ذوي الاختصاص (المهن الحرة)، كما فاقدو الأوراق الثبوتية.
وأصدرت حركة الجهاد الإسلامي بياناً بخصوص قانون العمل الخاص بالفلسطينيين في لبنان ووضعه موضع التنفيذ، أكدت فيه أن «ما تم إقراره هو استمرار في سياسة التمييز ضد شعبنا عبر شرعنة معاناة اللاجئين، الأمر الذي لا يخدم إلا سياسة التوطين التي يرفضها شعبنا». ورأت الحركة أن «إقرار الحقوق العادلة للاجئين الفلسطينيين هو وحده الذي من شأنه أن يقوي صمود شعبنا في مواجهة مؤامرة التوطين، وتمتين الموقف الفلسطيني الرافض لسياسات فرض الأمر الواقع».
وصدرت مواقف أخرى معارضة، لكن الترحيب الوحيد بالقرار جاء على لسان السلطة الفلسطينية، إذ أعلن عبد الله عبد الله، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان الترحيب بـ«تعديل قانون العمل اللبناني وقانون الضمان الاجتماعي ووضعهما موضع التنفيذ».
ملاحظات
بعد توقيع القانون، نسجل الملاحظات الآتية:
1- إن القانون المُوَقَّع الذي يجيز للاجئين الفلسطينيين في لبنان العمل، يسمح بالعمل في أطر ضيقة ومحدودة، فهو يستثني أصحاب المهن الحرة، كالمهندسين والأطباء والمحامين والصيادلة والمحاسبين وغيرهم.
2- إن القانون عليه اعتراضات أساسية، فهو لا يفسح المجال للاجئين الفلسطينيين بالعمل بكل حرية في لبنان، بل يربط ذلك بإجراءات وطلبات، ويبقي الوصاية بيد وزير العمل، أي أن الأمر بقي مربوطاً بالزاوية السياسية وبوصاية الوزير.
إن اللاجئ الفلسطيني المتقدم للعمل عليه أن يحمل طلبه إلى وزارة العمل أو عبر شركة البريد، وعليه أن يحصل على موافقات متدرجة من المسؤول المختص إلى المدير العام المختص إلى الوزير.
إن العامل الفلسطيني، بعد أن يحصل على إجازة العمل – هذا إن حصل عليها – لا يستفيد مطلقاً من الضمان الصحي أو الضمان الاجتماعي أو التعويضات الناتجة من الأضرار أثناء العمل، وكل ما يحصل عليه هو تعويض نهاية الخدمة من حساب خاص تفتحه السلطة اللبنانية في الضمان الاجتماعي، من رسوم يدفعها رب العمل اللبناني الذي يشغِّل فلسطينياً، وإذا أفلس هذا الحساب لأي سبب كان فإن الدولة اللبنانية لا تغطي هذا العجز، أما من يراقب هذا الحساب ويضبط حركته المالية فتلك قصة أخرى.
المهم من كل ما ذكر أن القانون جاء ناقصاً ومخيباً للآمال، وأنه لن يُسهم أبداً في تحسين ظروف الفلسطينيين الذين يبقى عليهم الاستمرار في النضال من أجل حقوقهم الإنسانية.
المصدر: مجلة العودة