القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

فلسطينيو لبنان يحترقون

فلسطينيو لبنان يحترقون

بقلم: ابراهيم العلي

قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من جديد أراد لها اللاجئ الفلسطيني الذي أضرم بنفسه النار منذ أيام ان يظهرها ويلفت اليها انظار العالم القريب والبعيد، بعدما رضي الجميع بالواقع الذي فرض نفسه على اللاجئين ليكونوا إما عاطلين عن العمل أومُستغلين أو مطلوبين أو معتاشين على رواتب جعلتها لهم بعض الفصائل الفلسطينية وأخيرا ً مهاجرين كغيرهم من شعوب الارض الراغبين بالحرية والكرامة بعد فقدانهم الامل بالحصول على ما يحفظ انسانيتهم وكرامتهم في بلاد ولدوا فيها وترعرعوا بين زواريبها وأحيائها.

فاللاجئ الفلسطيني المقيم في لبنان محروم من أبسط الحقوق التي أقرتها الشرعة الدولية لحقوق الانسان والتي على رأسها حق العمل لكن شبح التوطين الذي يخيف اللبنانيون جعلهم يتعسفون في استخدام هذه الفزاعة بحق الفلسطينيين حتى استحالت حياة اللاجئين شبه مستحيلة في وسط غير مستقر اقتصاديا ً وأمنيا ً وسياسيا ً.

فالفلسطينيون الأجانب كما يصنفهم القانون اللبناني لا يتمتعون بحقوق هذه الشريحة ذاتها ، فبالوقت الذي يتمتع فيه الأجنبي الوافد بحق التملك والعمل يحرم اللاجئون الفلسطينيون المقيمون في لبنان منذ أكثر من 67 عاما ً من ذلك دون غيرهم ، حتى أصبح السؤال الدارج على ألسنتهم كم تحتاجون – أيها اللبنانيون - من السنين حتى تكتشفوا أننا من جنس البشر ولدينا احتياجات ككل الناس بحاجة لتحصيلها ولو بالحد الأدنى من الحقوق؟ و أي حد ٍ من التصريحات والاعلانات والزيارات البروتوكولية التي تؤكد عدم رغبة اللاجئين بالتوطن في بلادكم يلامس قناعاتكم لتتحركوا نحوهم بتشريعات تلطيفية تحسن نمط معيشتهم وترتفع بها؟ أم أنكم تنتظرون المزيد ممن يحرقون أنفسهم لاستثارة مشاعركم فتخط أقلامكم نصوص التعاطف التي لا يكاد حبرها يجف حتى نعود لسماع عبارات التجريح ودعوات العزل والتضييق بدلا ً من التيسير والتسهيل؟

إن إرادة الحياة لدى اللاجئين لم تجعلهم يقفون كثيرا ً أمام تلك القوانين التي تمنعهم من ممارسة أكثر من 73 مهنة لم يرتض المشرع اللبناني أن يكون لهم حصة فيها، لأن في ذلك تحطيماً للقدرات العلمية والمهنية والاقتصادية للاجئين، ومآل القبول بها يعني أن يجعل من أطبائهم ومهندسيهم وجامعييهم إما عاطلين عن العمل شأنهم في ذلك شأن أي فرد من أفراد المجتمع الفلسطيني الذي لم يقضِ ساعة خلف مقاعد العلم أو عمال "أي شيء" يقيهم السؤال.

بالمقابل يجب على المجتمع اللبناني تغيير النظرة السوداوية التي ينظر من خلالها وأن لا يختبئ وراء إصبعه ويتجاهل فوائد وجود اللاجئين الفلسطينيين بين ظهرانيه، من حيث تأثيرهم على كافة نواحي الحياة في لبنان ، فإذا ما تم النظر إلى تأثيرهم على عجلة الاقتصاد اللبناني، سيجد المتابع أن كل الموارد المالية للاجئين سواء من الأونروا أو منظمة التحرير الفلسطينية أو تحويلات خارجية أو غيرها، مصيرها السوق اللبنانية، فاللاجئون عامل مهم جدا ً في حركة السوق لما يشكلونه من قوة شرائية بغض النظر عن حجمها، وهذا ما يؤكده تكرار السؤال من بعض تجار الأسواق القريبة من المخيمات عن تواريخ توزيع مساعدات الأونروا أو أسباب التأخير في ذلك وغيرها من الأسئلة المتعلقة بغياب الفلسطيني عن السوق.

فالمأمول من المشرع اللبناني النظر بعين الاخوة والارتياح إلى اللاجئين الفلسطينيين لا بعين العداوة والبغضاء والاتهام ، فالفلسطيني لا يرضى بأي مكان في العالم بديلا ً عن وطنه، وهو بذات الوقت إنسان له الحق بالعيش الكريم والتمتع بكل الحقوق المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية، التي تجعل منه كائنا ً سويا ً متوازنا ً يستطيع أن يتحكم بذاته وقراراته بما يضمن احترامه لمضيفه والحفاظ عليه حفاظه على ذاته، فالحرمان لا يأتي بالخير والتضييق ولا ينفع مع شعب عشق العزة والإباء وتنفس الحرية كالهواء، ورابط على حدود بلاده عشرات السنين متطلعا ً ليوم تدق فيه طبول معركة التحرير والعودة.