في الذكرى الأولى « للعصف المأكول »
بقلم: خالد معالي
تمر
هذه الأيام الذكرى الأولى لمعركة العصف المأكول، والتي استمرت 51 يومًا من العام الماضي،
تلك المعركة والحرب العدوانية التي فرضها الاحتلال على غزة لتكون نتيجتها في غير صالحه،
وما زال بعد عام كامل يتجرع مرارتها، ويجر أذيال الخيبة والهزيمة، ويشرب من كأس الذل
والعار.
قد
يقول قائل: كيف لم تكن الحرب في غير صالح الاحتلال وقد قتل قرابة 2400 فلسطيني غالبيتهم
أطفال ونساء, ودمر جزءًا كبيرًا من مباني غزة؟!, لكننا نقول له: منذ متى كانت نتيجة
الحروب تقاس بعدد الضحايا، أو بعدد ما هدم من المنازل؟!.
مقارنة
وضع الضفة وغزة الحالي بعد عام من الحرب العدوانية؛ ففي كل يوم يقوم جيش الاحتلال باقتحام
مدن وقرى الضفة ويقتل ويعتقل ويجرح دون حسيب أو رقيب؛ بينما في غزة إن دخلت دبابة شبرًا
يتم قصفها بالصواريخ المضادة، وقد لا تعود إلا مدمرة مسحوبة تجر خيبتها وخيبة من أمر
بدخولها.
الطلة
البهية للناطق باسم كتائب عز الدين القسام "أبو عبيدة" وهيبته، على وسائل
الإعلام، خلال الحرب العدوانية وبعدها؛ واحترام الكبير والصغير له من فلسطين المحتلة
وحتى بقية دول العالم؛ وتعلق أطفال فلسطين به وحبهم الكبير له، والمفاخرة به وتقليده؛
تكفي لوحدها أن تثبت أن غزة انتصرت؛ فلو كان "أبو عبيدة" هُزم لما أحبه الكبير
والصغير وقلدوه وافتخروا به في كل الميادين.
عسكريًا؛
هُزمت دولة الاحتلال وقتما وصلت صواريخ القسام لكل نقطة في دولة الاحتلال، وشلتها طيلة
51 يومًا، ووقت أن صار جنود الاحتلال يُقنصون كالبط من قبل قناصة "القسام"؛
كما قال الجنود أنفسهم بعد انتهاء المعركة، ووقت حولت الأنفاق مجريات المعركة، وتسببت
بشل طائرات الاحتلال الحربية؛ كونه لا توجد أهداف عسكرية لضربها.
أبرزت
حرب العصف المأكول همجية جيش الاحتلال بقتل الأطفال والنساء الآمنين؛ فقرابة 400 طفل
فقدوا حياتهم وصاروا شهداء على يد جيش الاحتلال الذي يدعي "نتنياهو" صباح
مساء كاذبًا كعادته؛ بأنه الجيش الأكثر أخلاقية.
من
مؤشرات هزيمة الاحتلال المنطقية؛ هو إخفاؤه لحجم خسائره؛ وكل يوم يكشف الاحتلال عن
خسائر جديدة له خلال الحرب العدوانية؛ ليتجرعها الصهاينة على فترات متفاوتة خشية رعبهم
وهروبهم من دولة الاحتلال إلى بلدانهم الأصلية التي جاؤوا منها.
من
كان يصدق أن مقاومة بسيطة بدأت بحجر؛ تحولت الآن إلى مقاومة بالصاروخ والطائرات، والأنفاق
وخطف الجنود تحت الأرض، وتسببت بهروب جيش الاحتلال من قطاع غزة، وعودة الحديث بقوة
عن انتهاء (إسرائيل) وفنائها.
صحيح
أن حصار غزة قاسٍ ومرير، وصحيح أن المقاومة دفعت ثمنًا لثباتها على المقاومة، وصحيح
أن شعبنا يعاني ويقاسي من الاحتلال؛ ولكن منذ متى كان تحرر الشعوب لا يكون بغير تقديم
التضحيات الجسام؛ وهل تؤتي الحرية أكلها على طبق من ذهب؟!.
في
كل الأحوال؛ ما دام احتلال عبر التاريخ؛ وما دامت القوة لأحد؛ فالأيام دول؛ وعنفوان
وجبروت (إسرائيل) يتهاوى؛ والعد العكسي اشتغل منذ حرب العصف المأكول لنهاية أسطورة
(إسرائيل)، ومواصلة العد العكسي يلزم وجوب المصالحة الفلسطينية والتوحد خلف برنامج
مقاوم متفق عليه من مختلف القوى. سطر في صفحات التاريخ يكون مشرّفًا وبمداد من ذهب؛
أفضل مليون مرة من العيش بالحرير؛ دون ذاك السطر.
المصدر:
فلسطين أون لاين