القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

قبل أن نمحو غزة من الوجود

قبل أن نمحو غزة من الوجود

بقلم: أشرف ابوالهول

من غزة جاءني صوته عبر الهاتف عصبيا غاضبا لم يبادرني بالسلام والتحية كالعادة ولكنه أنفجر قائلا : هل تريدون محو غزة من الوجود أذا فلتمحوها فلقد كفرنا بكم وبكل العرب والمسلمين.

لقد جعلتم منا شياطين تحملوننا المسئولية عن كل ما يواجهكم من صعوبات ويحدث لكم من مشكلات ولم يعد لإعلامكم عمل سوي إظهار كل سكان غزة وكانهم تكفيريين وقتلة لايفعلون شيء في حياتهم سوي التاّمر علي مصر ".. بعد أن افقت من صدمة حديثه الغاضب حاولت أن اهديء من روعه لأني أعرف جيدا أن محدثي هاديء الطباع لايثور إلا عندما يفيض به الكيل وهو يعشق مصر حتي الثمالة لدرجة أن بيته مملوء بكل ماهو مصري ولاتزين جدرانه سوي صور النيل وعبد الناصر والأهرامات وعبد الحليم حافظ.

بعد أن انتهت تلك المكالمة الغاضبة جلست أتذكر كم المرات التي حدثني فيها صديقي الغزي تليفونيا ليطمئن مني علي أن ثورة المصريين في الثلاثين من يونيو ضد حكم الأخوان المسلمين ستنجح وتذكرت مدي فرحته بخروح الملايين إلي الشوارع في ذلك اليوم وكيف كان صوته راقصا وهو يحدثني بعد قرار إقالة الرئيس المعزول محمد مرسي رغم أن هذا الصديق ليس فتحاويا ولا ينتمي لأي فصيل ولكنه كان كأغلبية الغزيين يعتقد أن مصر اكبر من ان يحكمها ويتحكم فيها فصيل واحد.

ولم تكن تلك المكالمة الغاضبة هي الوحيدة التي أسمع فيها شكوي أهل غزة من الإعلام المصري بل تكرر الأمر معي عشرات بل مئات المرات تارة عبر التليفون وتارة عبر الفيس بوك وثالثة عبر البريد الإليكتروني.. فقد نجح إعلامنا الهمام في تحويل فرحة غزة بثورة 30 يونيو إلي كابوس وذلك عندما أصبح ينسب كل كارثة في سيناء إلي غزة عن جهل لان الغالبية العظمي من سكان القطاع فرحوا بالإطاحة بحكم الأخوان المسلمين في مصر أكثر منا معتبرين أن هذا الأمر سيدفع حركة حماس في النهاية لقبول المصالحة مع حركة فتح بعد أن كانت تستقوي بجماعة الأخوان المصرية بل أن بعض الغزيين وزعوا الحلوي علي اقاربهم ومعارفهم عند الإطاحة بمرسي مثلما وزعت حماس الحلوي عند فوزه في الأنتخابات.

وللحقيقة والتاريخ أقول انه حتي بالنسبة أيضا للقيادة السياسية لحماس فأنها حاولت ولو مضطرة للنأي بنفسها عما يحدث في مصر وسعت رغم حزنها علي الإطاحة بمرسي وأخوانه للوقوف علي الحياد لأنها لاتريد ان تتأزم علاقاتها المستقبلية مع الجيش المصري بشكل خاص وأخص من تلك القيادة السادة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة ونائبه إسماعيل هنية رئيس الوزراء والدكتور محمود الزهار والذين يعتبرون الأمن القومي الفلسطيني جزءا لايتجزء من الأمن القومي المصري وغيرهم ولكن خطأ تلك القيادة أنها لم تستطع أن تحكم تماما السيطرة علي العناصر الميدانية الاكثر تشددا في كتائب القسام الجناح العسكري للحركة والجماعات الجهادية السلفية المتطرفة مثل جلجلت وجيش الإسلام وجيش الأمة الذين تشبعوا بالأفكار الوهابية ويعتبرون أن مرسي وأخوانه يخوضون معركة بقاء ضد علمانيين كفار حيث أستغل هؤلاء المتشددين ا كثرة عدد الأنفاق بشكل يصعب مراقبتها جميعا في التسلل لسيناء وتقديم الدعم للتكفيريين الذين يحاربون الجيش المصري هناك بزعم الدفاع عن الإسلام.

أن المطلوب من الإعلام المصري ان يفرق بين غزة وحماس بل مطلوب منه أن يفرق بين حماس والعناصر الأكثر تطرفا فيها لأن الغالبية العظمي من أبناء القطاع وحتي أبناء حماس يعشقون مصر كما نعشقها نحن المصريون بل أن الكثيرين منهم يتباهون أنهم من أصول مصرية وهم يكرهون من يكره مصر حتي من أبناء جلدتهم ولايمانعون في معاقبة من يثبت تورطه في الإضرار بالأمن المصري أو حتي التدخل في الشأن الداخلي لأرض الكنانة ولذا فأنهم غاضبون أشد الغضب من ظلم الشارع المصري لهم منقادا خلف إعلام لايفرق بين الغث والثمين وهنا فان الثمين هو أهلنا في غزة أما الغث فهم التكفيريين الذين لاتفرق رصاصات جهلهم بين المصري والغزي.

المصدر: الأهرام