القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

قراءة في لوحات "دافنشي فلسطين"

قراءة في لوحات "دافنشي فلسطين"

بقلم: ياسمين محمد

"على عتبة الدار"، معرض برعاية جمعية تواصل للفنان الشاب المحترف أحمد الدنان، أستاذ مادة التربية الفنية في مدارس الإيمان في صيدا.

عندما تطأ قدميك مدخل المعرض، تنتابك رجفة غريبة، لعلها تعود بك إلى زمن طفولتك وأنت تبحث في ثنايا الوقت عن طفولة ضائعة. يغمرك الحنين لعالمك الطفولي الخاص وأنت تحدق بلوحات تنطق كل واحدة منها حكاية تختلف عن الأخرى ولكن ما يوحدها جميعها هو لغة الأرض المسلوبة وطفولة تكبر قبل أوانها، لأن أطفال اللجوء يولدون رجالا ويكبرون قبل أوانهم أيضاً.

واقع أليم فرضه علينا لجوء قاهر. ولكننا رغم ذلك لازلنا نحلم بالعودة!ونحلم ونحلم!

وها هي الطفولة في لوحات أحمد الدنان تعكس حلم العودة بلغتها الخاصة، فهناك تلك الطفلة البريئة تطل برأسها من وراء ستار خيمة متواضعة، تلك الخيمة التي نصبناها دهراً وعندما خرجنا من الوطن كنا نسمع جدي يقول "مش مطولين يابا، كلها يومين وبنرجع"، وانتهى اليومان وامتدت الأيام لتصبح ٦٩ عاماً.!!

خيمة، وما أدراك ما الخيمة. تلك الخيمة التي استحملت تضاريساً مختلفة ومناخات متقلبة، تلك الخيمة التي امتزج قماشها بوحل الشتاء ولهيب الصيف، تلك الخيمة التي أنشأت جيلا لا يعرف الخنوع ولا الاستسلام، وخرّجت اجيالا من الأطباء والمثقفين والمعلمين.

حقا كانت خيمة قاسية ولاتزال حتى الآن رمز الألم ولغة الجلاد التي يحاورنا بها ونحاوره بها!!!

تخطو بعض الخطوات لتقف أمام لوحة أخرى، إنها طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة تؤكد على حقها بأن تعيش مثل باقي الأطفال، تشد بيدها على لعبتها الجميلة وتأبى مفارقتها!! وطفل اخر يرتدي قميصا زهري اللون تتخيله لوهله أنه يمشي أمامك مزهوا بثياب العيد الصيفية المتماشية مع انغام وألوان الموضة هذا العام!!!

وآخر يحضن قنينة ماء وكأنه لا يوجد غيرها، لربما كان يحدث نفسه عن جدوى ونفع هذه القنينة في صيف لجوء شحيح بلا ماء. هل ستكفي العائلة للشرب ام لتبدل بها والدتة ثياب أخته الرضيعة وتعد لها قنينة حليب اللجوء أيضا!!!

فهذا الفنان الشاب، يؤكد من خلال لوحاته على حتمية العودة واهمية الاعتراف بحقوق الطفل الفلسطيني اللاجىء،رسم الطفولة كما هي بلا زيادة أو تنمق. بعثر محتويات علب التلوين مزج الألوان بفكره قبل أن يحركها بأنامله، أمضى ستة شهور يرسم الطفولة ويعيش مع الطفولة بكل لحظاتها ليرسم لنا طفولة فلسطين المتماشية مع واقع اللجوء ليطلق صرخة عنوانها على عتبة الدار!

ترى هل نبقى ننتظر على عتبة الدار، أم ستفتح لنا الأبواب يوما ليدخل كل فلسطيني داره بعد كل هذه النكبات!!!