قرار «الأونروا» طعنة في خاصرة حق العودة
بقلم: أيمن أبو ناهية
لا يمكن لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)
أن تقدم على أي خطوة تؤدي إلى التنازل عن حق اللاجئين الفلسطينيين، تحت أي ظرف من الظروف؛
فحق العودة لن يسقط بالتقادم، مهما طال الزمن بعد أن طرد اللاجئون الفلسطينيون من ديارهم،
وهو حق غير قابل للتصرف من أي جهة، فكل لاجئ فلسطيني له الحق بالعودة، إضافة إلى الحق
في التعويض أيضًا, فهما حقان متلازمان ولا يلغي أحدهما الآخر، وحق العودة لا يعني فقط
العودة إلى فلسطين، وإنما عودة كل لاجئ إلى المكان الذي طرد منه أو غادره، لأي سبب
كان، لذا إن حق العودة لن يسقط أبدًا لا بالتوطين ولا بالتعويض، فهو حق شخصي وجمعي.
واضح أن الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها مخيمات اللاجئين
في قطاع غزة وباقي مخيمات اللاجئين في لبنان وسوريا على ما تقوم به (الأونروا) من تقليص
خدماتها التي بات جزء كبير من اللاجئين محرومًا منها بحجة العجز والإفلاس المالي الذي
تعاني منه أغنى المنظمات الدولية، وهي واحدة من منظمات الأمم المتحدة، مع أن جزءًا
كبيرًا من اللاجئين حتى من سكان المخيمات محرومون من خدماتها ومن دعمها التمويني منذ
أمد طويل، وبات هذا الدعم محصورًا في شرائح معينة من اللاجئين، ولا ندري من هو الذي
أعطى وكالة الغوث الحق في تصنيف اللاجئين على هذا النحو، وحرمان جزء منهم من أي دعم،
وتقليص الدعم عن جزء آخر، كما لا ندري أمسمّى اللاجئ يختلف بين مخيم وآخر أو بين مدينة
وقرية، علمًا بأن هموم ومعاناة اللاجئين الأساسية واحدة، فالتقليص الحاد لخدماتها والتزاماتها
الصحية والتعليمية والإغاثية للاجئين في قطاع غزة هو الحال نفسه في الضفة الغربية وباقي
مخيمات اللاجئين في الشتات، إذ تفصل الوكالة العاملين والموظفين لديها على خلفية اعتقالهم
من قبل الاحتلال، وقد بدا واضحًا أن الأمر مسيس من جهات فاعلة في المنظمة تريد إنهاء
التزامها الأخلاقي والقانوني، وتنفض يدها من المسؤولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين،
بل يعد طعنة في خاصرة حق العودة وغدرًا باللاجئين.
فهذا الموقف المتعنت لـ(الأونروا) والأضرار والمعاناة التي
لحقت بأهالي المخيمات تطرح السؤال عن سبب تعنت وكالة الغوث من جهة، وعن هذا الاحتجاج
والتظلم في المخيمات التي تعاني من أوضاع مأسوية، وأين يكمن حل هذه الأزمة إذ لا تزال
الوكالة مصرة على قرارها غير الإنساني، وتلكئها في القيام بمسؤولياتها والتزاماتها
الأخلاقية وواجبها الإنساني في خدماتها المقدمة للاجئين، عندما تلجأ إلى قوانين ما
أنزل الله بها من سلطان بإعطاء الموظفين إجازة مفتوحة دون راتب، وتعمل على تعطيل مؤسساتها
التعليمية والصحية وغيرها، يبقى السؤال: من سيعيل ويرعى هؤلاء الموظفين؟!، وما ذنب
الطلاب والمرضى لحرمانهم التعليم والعلاج؟!، ومن سيتحمل مسؤوليتهم، بعد تخلي المنظمة
عنهم؟!
فإذا كان هذا هو حال (الأونروا) التي تتنصل اليوم من مسؤولياتها
الإنسانية؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا وجدت إذن؟!، وهل انتهى عملها قبل إرجاع اللاجئين
الفلسطينيين إلى ديارهم؟!، أم أن المنظمة الدولية أعلنت إفلاسها وأصبحت عاجزة عن القيام
بمهامها الإنسانية تجاه اللاجئين الفلسطينيين؟!، حقيقة هي مسألة مدعاة للسخرية, فالوكالة
الدولية أوجدها أصلًا المجتمع الدولي انطلاقًا من مسؤولياته إزاء مأساة اللاجئين الفلسطينيين؛
من أجل دعمهم وتقديم الخدمات لهم إلى أن يعودوا إلى ديارهم وتحل قضيتهم جذريًّا، وعلى
هذا إن ما تقدمه الوكالة للاجئين الفلسطينيين ليس منة من أحد، بل ينبع أساسًا من المسؤولية
الملقاة على عاتق منظمة الأمم المتحدة التي _يا للأسف_ عجزت حتى الآن عن مواجهة الكيان
العبري، وفرض إرادة المجتمع الدولي عليه، وإلزامه بإنهاء احتلاله غير المشروع.
وعلى هذا يفترض بوكالة الغوث أن تقدم خدماتها ودعمها لجميع
اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم قسرًا عام ١٩٤٨م وشردوا وتشتتوا في مختلف
بقاع الأرض.
وإذا كانت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين عاجزة عن
القيام بواجبها الرئيس الذي حدد منذ إنشائها؛ فلتعلن ذلك صراحة ولتحمل المسؤولية للمجتمع
الدولي، وتطالبه بتغطية نفقاتها وميزانياتها، علمًا أن هناك من يعتقد أن جزءًا لا بأس
به من ميزانية (الأونروا) يذهب رواتب ومصاريف إدارية لكبار مسؤوليها، ومعظمهم من الأجانب،
وهي نفقات ومصاريف محسوبة على الدعم المفترض للاجئين الفلسطينيين.
لا نعلم ماذا تعني الوكالة بهذا القرار التعسفي غير الإنساني,
ومن يقف وراءه، ولماذا أصدر في هذا الوقت _تحديدًا_ الذي يشهد مؤامرة دولية للتخلص
من قضية اللاجئين الفلسطينيين.
فعلى وكالة الغوث أن تدرك الوضع المأسوي الذي يعيش فيه اللاجئون
الفلسطينيون، وأن تعيد النظر في موقفها المتعنت إزاء مطالب العاملين، ولا يعقل أن يتواصل
التمسك بهذا الموقف في الوقت الذي يعني ذلك زيادة معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين
أنشئت وكالة الغوث لخدمتهم ودعمهم.
المصدر: فلسطين أون لاين