القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

قصة سعاد سرور وعائلتها

قصة سعاد سرور وعائلتها

/cms/assets/Gallery/1127/552710_334259146710749_863846998_n.jpg

في شهادة لوالدة سعاد سرور تقول أم أحمد:

والله وقّفونا، وإحنا هيك رافعين إيدينا، وبلّشوا يرشّوا. أول ما بلّشوا فيّ أنا وبالبنات. أنا وقعت بالأرض حسّيت ضهري انفتح وقلت أنا رحت وما عاد مني رجا. وبنتي الكبيرة كمان تصاوبت وبعدها الشظايا بإيدها وبكتفها وبضهرها. ومن يومها بنتي سعاد انشلّت، وبنتي نهاد انجرحت، ولكن الباقين كلهم راحوا. كلهم راحوا. سمعت فريد بقول: ((يا بابا إجو ليّي))، وما كبسوا إلاّ مخه راح طالع. وحسّيت شادية الصغيرة بتحوم حواليّ وبتقولّي: ((يا ماما يا ماما.)) قاموا جابوها وضربوها، وما ضربوها إلا رصاصة إلاّ وروحها طالعة.

.. شفت إنو عندي بنتي الوسطانية نهاد مجروحة فيها تمشي، أما سعاد كانت ما فيها تتحرك. جيت أنا وإخوتها الاثنين لنحملها، ما عدناش نقدر نحملها، كاينين مقوصينها لسعاد أربع رصاصات، منهم بضهرها حتى انشلت. وما كان فيها تتحرك مش توقف. راحت قلتلي: (يما أنا إجريّي وقفوا، خدي إخواتي وإذا فيكي تهربيهم اطلعي، أهربي مع إخوتي يمّا.

كان على سعاد سرور أن تسافر إلى بلجيكا بعد مرور عشرين عاماً على المجزرة، من أجل استعادة حقها من القاتل، ويعرف العالم قصة عائلتها ومأساتها، لعل البارقة التي في القوانين البلجيكية سوف توفر لها الدعم اللازم لقبول دعواها والعمل فيها.. وضج العالم في تلك الفترة بقصتها، ولم يستطع شارون زيارة بلجيكا لعلمه أن القضاء سيعتقله، وغيّر برنامج جولته الأوروبية بسبب الدعوى القضائية المرفوعة ضده.

سعاد؛ التي بقيت سنتين في صمت مطبق، أرسلت قصتها كاملة إلى بلجيكا، وشرحت كيف تعرضت ثلاث مرات لمحاولة قتل، وذكرت لهم حصيلة المجزرة في عائلتها:

رفعت أختي الصغيرة ذات السنة والنصف يديها طالبة من أمي أن تحملها لأنها شعرت بالخوف.. ثم بدأوا بإطلاق النار علينا.

أصيبت أختي الصغيرة برصاصة قاتلة في رأسها وأصيب والدي في صدره إلا أنه بقي حياً.. ثم مات بعد ذلك [في اليوم نفسه].

أما أخي شادي (3سنوات)، فريد (6سنوات)، بسام (11 سنة) وأختي شادية (سنة ونصف) وكذلك جارتنا ليلى.. فقد ماتوا جميعاً على الفور..

واليوم لا تملك سعاد سرور وأهلها من أمرهم شيئاً، بعد أن تم تعديل القانون البلجيكي الذي يسمح للقضاء بمحاكمة مجرمي الحرب إذا مروا على أرضها، وتم ذلك بضغط أمريكي معروف بعد أن توالت الدعاوى، ولكن (حق القوة) انتصر على (قوة الحق) في بلجيكا، بعد أن ظنت سعاد عكس ذلك ومعها أقارب أكثر من ألفي ضحية..

من يقرأ تفاصيل الشهادات التي أوردها أكثر من مصدر، يدرك مقدار الراحة والبرود الذي تمت به المجزرة على مدى ثلاثة أيام، وهذا لا يمكن أن يتم إلا لمن يُحكم سيطرته على الأرض، ومهما حاول الاحتلال أن يتنصل من المسؤولية فإنه لن يكون مقنعاً في ذلك، والزيارة الميدانية لمنطقة المجزرة تثبت معرفة قيادة الاحتلال بمجريات المجزرة.

وقد فصلت د. بيان نويهض في دراسة هوية القاتل، من خلال: أقوال الشهود والسلاح المستخدم ولغة القاتل ومخلفاته وهوية القاتل ونوازعه.. وقد تبين من خلال هذه العناصر أن القاتل كان يقوم بفعلته بتنسيق وإشراف وتعاون وتسهيل من قبل قوات الاحتلال.

أما لجنة كاهان (1982)، التي شُكلت بعد مجزرة صبرا وشاتيلا (أول مجزرة مُتلفزة)، فقد نتج عنها إزالة التهمة عن الجيش الصهيوني، و((تنظيف الدولة من إرهابها))، وكانت العقوبة القصوى هي تحميل شارون جزءاً من المسؤولية، وسُحبت منه حقيبة وزارة الدفاع، وعاد وزيراً للإسكان، ثم أصبح رئيساً للوزراء لاحقاً.

لقد بدت حال الاحتلال مع وقائع مجزرة صبرا وشاتيلا، كمن ينقل مجموعة من الذئاب بآلياته، ويدسهم في حظيرة ليحصدوا النعاج النائمة.. فهل يكون المذنب هنا هو الذئب أم الذي سهّل العملية ووجّهها؟!