قضية اللاجئين بين المستحيل والممكن
بقلم: يوسف حجازي
في البداية لا بد من الاعتراف انه ليس من السهل أن يتناول الإنسان أي
إنسان قضية على هذا المستوى من السخونة / وخاصة إذا كان هذا الإنسان هو نفسه لاجئا،
وهو نفسه الذي يجب أن يكتب نفسه بنفسه، وهو نفسه الذي يجب أن يجمع بين نقيضين احدهما
موجب والآخر سالب، وهما الموضوعية والذاتية، بحيث يكون الباحث موضوعيا وبنفس الوقت
لا يهمل رأيه ولا يتجاهل ذاتيته ولا يلقي أحاسيسه ومشاعره وانفعالاته أدراج الرياح،
وهو في الأصل والنهاية إنسان مطعون الحواس ومطحون الأحشاء، لأنه يرى الآخرين يحكمون
في قضيته من ضمائرهم وليس من ضميره، ومن قانون لا يتضمن في محتواه أية عناصر أخلاقية،
ومن مجتمع دولي لم يوجه كل جهوده من اجل الحفاظ على وحدة بلده، وتهيئة المناخ الذي
يمكن فيه حتى محاولة زرع بذور الرغبة في التعاون بين الشعب الفلسطيني وهم السكان الأصليين
واليهود وهم غزاة أجانب على قاعدة تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 181 ( قرار التقسيم
والاتحاد الاقتصادي ) الصادر في 29/11/1947 الذي يشترط قيام دولة يهودية بقيام دولة
فلسطينية، وحل مشاكل القدس واللاجئين والحدود، وقيام اتحاد اقتصادي بين الدولتين، والقرار
194 الصادر في 11/12/1947 الذي يضع الأسس القانونية لحقوق اللاجئين في العودة واستعادة
ممتلكاتهم والتعويض، وفي حل ديناميكي يكفل حتى حقوقا متساوية، وهي في الحقيقة والواقع
شروط مؤلمة بالنسبة للشعب الفلسطيني.
العدالة وقضية اللاجئين
قال الملك البابلي حمو رابي ( 1792- 1750 ق م ) ( أن الآلهة أرسلته ليوطد
العدل في الأرض، ويزيل الشر والفساد بين البشر، وينهي استعباد القوي للضعيف، ولكي يعلو
العدل كالشمس، وينير البلاد من اجل خير البشر، ويجعل الخير فيضا وكثرة ). وبعد حمو
رابي أصبحت العدالة بعناصرها الاستفهامية نقطة الانطلاق الأساسية للأديان ولفلسفات
والإيديولوجيات على طول مراحل التاريخ منذ عصر المجتمعات البدائية وحتى عصر المجتمعات
المنظمة، حتى صارت أكثر الموضوعات قدسية في الفكر الاجتماعي والإنساني، ولكن للأسف
ليس في السلوك الاجتماعي والإنساني، ولكنها ورغم ذلك ظلت ممتدة في الزمان والمكان،
ولا يحدها زمان أو مكان، ولا تقف عند حدود معينة، فقد يطالب الناس بالمزيد من الحرية،
وفجأة يضطرون إلى التوقف عن طلب المزيد من الحرية حتى لا تنقلب الحرية إلى فوضى، ولكنهم
لا يستطيعون أن يتوقفوا عن طلب العدالة، لأنه لا يمكنهم أن يصلوا إلى درجة الإشباع
في تحقيق العدالة، لأن العدالة ليست مفهوم تجريدي في عالم العقل، ولا مجال لها في عالم
الواقع، ولكنها كانت ومنذ انتقال الإنسانية من مرحلة المجتمعات البدائية الى مرحلة
المجتمعات المنظمة صاحبة السيادة على غيرها من المفاهيم الاجتماعية، والقاسم المشترك
الذي ينظم العلاقة ويحقق التوازن بين هذه المفاهيم، وخاصة بين مفهوم الحرية ومفهوم
المساواة، ومفهوم الحق ومفهوم القوة، ولذلك لا يمكن تفكيك قضية اللاجئين، لأنها قضية
عدالة، والعدالة قيمة معنوية لا يمكن تفكيكها، ولا يوجد أي هامش للمناورة السياسية
فيها، ولأنها أيضا القضية التي يمكن أن تستبعد أكثر من كل القضايا الأخرى قيام سلام
بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولكن يمكن تفكيك المفاهيم الاجتماعية الأخرى، مثل مفهوم
الحرية، ومفهوم الحق، ومفهوم المساواة، لأنها قضايا مادية تخضع للمساومة والمناورة
السياسية
نشأة قضية اللاجئين
تدرج التفكير السياسي في قضية فلسطين من اعتبارها قضية واحدة لا يمكن
تفكيكها إلى اعتبارها مجموعة من القضايا وهي اللاجئين والقدس والاستيطان والمياه والحدود،
ولكن هذا في الحقيقة كان تقسيم سياسي وليس تقسيم عضوي، لان البنت لا تلد أمها ولكن
الأم هي التي تلد ابنتها، وقضية فلسطين هي الأم، وكل القضايا اللاجئين والقدس والحدود
والمياه هي البنات، ولا يمكن فصل الأم عن بناتها أو فصل البنات عن أمهن، وليس هناك
تعارض بين الأم وبناتها أو بين البنات وأمهن، لأن العلاقة بينهن مثل العلاقة بين المسألة
وحلها أو مثل العلاقة بين أساس البيت وجدرانه، ولكن وبخصوص نشأة قضية اللاجئين فأنا
أرى أن المنهجية التاريخية تفترض أن أعود إلى المسيحية الصهيونية
الصهيونية المسيحية
نشأت الصهيونية المسيحية في بريطانيا في القرن السابع عشر، وكان أول من
استعمل هذا المصطلح الناشر النمساوي ناثان برن هام في عام 1860، وهو مصطلح يشير إلى
الحركة التي تهدف إلى إعادة الشعب اليهودي إلى فلسطين، وهي إيديولوجية دينية رؤوية
سياسية ترجع جذورها إلى تيار الألفية الذي نشأ في القرن الثاني الميلادي في أوساط المسيحيين
من أصل يهودي، والذين يعتقدون بالمشيحية الزمنية والتأويل اللفظي لما ورد في سفر حزقيال
وسفر دانيال في العهد القديم وفي سفر يوحنا في العهد الجديد، وهو أن المسيح سيعود إلى
هذا العالم ليملك في الأرض ألف سنة، ولذلك سموا بالألفيين ( الاختلاف بين الديانة المسيحية
والديانة اليهودية هو حول شخص المسيح، لأن الديانة المسيحية تقول عودة للمسيح لأنها
تؤمن بالمسيح الأول عيسى بن مريم، ولكن الديانة اليهودية تقول ظهور المسيح اليهودي
لأنها لا تعترف بالمسيح بن مريم وتعتبره المسيح الكذاب )، وقد وجدت هذه الحركة رموزها
في بريطانيا وخاصة في العصر ( البيوريتاني – العصر ألطهري ) بعد أن كانت قد تراجعت
في ( العصر الالزابيتي )، وقد طالب البيوريتانيون البريطانيون باستعمال اللغة العبرية
في الصلاة المسيحية في الكنائس البريطانية، ونقل ذكرى قيامة المسيح من يوم الأحد المسيحي
إلى يوم السبت اليهودي، وإعلان التوراة دستورا لبريطانيا، ومن ابرز رموز هذا التيار
في بريطانيا القس برا يتمان الذي كان يدعو إلى عودة اليهود إلى الأرض المقدسة استكمالا
لنبوءة الكتاب المقدس، والبرلماني البريطاني هنري فينش الذي دعا الحكومة البريطانية
إلى دعم عودة اليهود إلى الأرض المقدسة، والشاعر جون ملتون الذي قال في قصيدة له
لعل الله يعرف الوقت المناسب
سيشق لهم البحر الأبيض المتوسط وهم عائدون مسرعون إلى وطنهم
كما شق لهم البحر الأحمر ونهر الأردن عندما عاد آبائهم للأرض الموعودة
إني اتركهم لعنايته وللزمن الذي يختاره من اجل عودتهم
والشاعر روبرت براون الذي قال في قصيدة له
سيرحم الرب يعقوب
وسيرى إسرائيل في حماه
عندما ترى يهوذا القدس
سينضم لهم الغرباء
وسيتشبث المسيحيون ببيت يعقوب
هكذا قال النبي وهكذا قال الأنبياء
وأوليفر كرمويل رئيس المحفل اليهودي البيوريتاني الذي دعا إلى عقد مؤتمر
في عام 1655 للتشريع لعودة اليهود إلى بريطانيا، وإلغاء قانون النفي الذي أصدره الملك
ادوارد، وربط الصهيونية المسيحية بالمصالح الإستراتيجية البريطانية، وعودة اليهود إلى
الأرض المقدسة، وذلك بالإضافة إلى القس لويس واى والشريف هنري دارموزر واللورد شافتسيوري
والقس وليام هشلر وجون لوك واسحق نيوتن والقس جوزيف برستلى واللورد بايرون والقس جيري
فالويل الذي قال ( الإسلام دين إرهابي )، ومارتن لوثر الذي اصدر قي عام 1523 كتابه
( عيسى ولد يهوديا ) وفال فيه ( ان الروح القدس انزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق
اليهود وحدهم، وان اليهود وحدهم هم أبناء الله، ونحن الضيوف الغرباء، ولذلك فان علينا
إن نرضى بان نكون كالكلاب التي تأكل ما يسقط من فتات مائدة أسيادها ) ولكن وفي أخر
أيامه وقبل ثلاث سنوات من موته في عام 1543 فال لوثر ( ان اليهود لم يعودوا شعب الله
المختار، وإنما أبناء الشيطان، ودعا إلى إحراق الكنس اليهودية وتدمير منازلهم ومنع
الحاخامات من الوعظ والاستيلاء على أملاكهم، ووصفهم بأنهم ( الديدان السامة ) التي
يجب ان تطرد إلى الأبد، وقال انه من الخطأ عدم قتلهم )، وجون فليجنها ور في ألمانيا
واندريس كيمب في السويد الذي قال ( إسرائيل صاحبة الحق في ارض كنعان ) وفيليب دي لا
نجير في فرنسا الذي (عرض روما على السلطان العثماني بدلا من القدس، وأخيرا بلفور مهندس
تصريح بلفور ووالتر ريغنز الأمين العام للسفارة المسيحية في القدس التي تأسست ردا على
سحب 13 دولة سفارتها من القدس في عام 1973. وقد انتقلت المسيحية الصهيونية إلى الولايات
المتحدة في القرن العشرين حيث أخذت إبعادا سياسية ودولية وترجمت بعض آيات التوراة ترجمة
سياسية تبرر احتلال العراق وحملة الإرهاب الأمريكية المنظمة في العالم ردا على أحداث
أيلول 2001، وإذا أخذنا نظرية نهاية العالم كما تصورها صموئيل هنتغتون وجدنا فيها بعض
الملامح التي ترافق احتلال العراق والرد الأمريكي على أحداث أيلول 2001، وهو ما قد
يشير إلى أن العالم قد اشرف على النهاية، وان عودة المسيح سوف تبدأ بعد هذه النهاية
حسب زعمهم، ولكن ليس بفعل جنرال أو سياسي يشعل نار حرب عالمية نووية، ولكن لأن الله
يريد نهاية العالم، لأنها تمهد لعودة المسيح، ومن علامات هذه العودة إعادة بناء دولة
إسرائيل، وظهور المسيح الدجال، وانتشار موجة من الفوضى، وهذا يتوج بمعركة هارمجدون
وهي قرية فلسطينية تقع في جبال الكر مل ويزعم دعاة الألفية أن هذه الحرب سوف تقع في
منطقة الشرق الأوسط، وأن الدول الكبرى سوف تزج فيها بكل قواتها بحيث يصبح السلاح النووي
أداة في تحقيق إرادة الله في عودة المسيح ليملك في الأرض ألف سنة.
الصهيونية اليهودية
الصهيونية اليهودية منظمة سياسية شوفينية عنصرية استعمارية احتلالية احلالية
متطرفة أسسها الصحفي الهنغاري تيودور هرتسل في عام 1897، وتقوم فلسفتها على عدم إمكانية
اندماج وتعايش الأقليات ( نحن شعب نسيج وحده وبين الشعوب لا يحسب )، وعلى فكرة أن سيطرة
الأكثرية على الأقلية مسألة طبيعية وحتمية، ولذلك أدت هذه الإيديولوجية ومبادئها وأفكارها
ومفاهيمها ووقائعها وممارستها إلى اقتناع العالم بأنها حركة عنصرية، ولذلك أصدرت الجمعية
العامة للأمم المتحدة القرار رقم ( 3379 ) في الدورة ( 30 ) في 10/11/1975 الذي تعترف
فيه بأن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وقد علق اسحق شامير رئيس
الوزراء الاسرائيلى الأسبق على ذلك بقوله ( لا يمكن الأخذ برأي شعوب هبط أهلها لتوهم
من فوق الأشجار ثم حسبوا أنهم زعماء العالم )، وقد كان الهدف من تأسيس هذه المنظمة
هو احتلال فلسطين، والتركيز على الجهد الإنساني وعدم انتظار التدخل الاعجازي للرب في
استعادة السنهدرين ( السلطة القانونية والدينية والسياسية العليا لليهود في فلسطين
)، وبناء الهيكل الثالث في مكان المسجد الأقصى، وهكذا نرى أن الصهيونية ظاهرة استعمارية
تختفي في ثوب أسطورة لاهوتية كاذبة، ولذلك اعتبرها الكثير من الحاخات اليهود خيانة
لليهودية، كما أكد هذه الحقيقة مؤتمر فلادليفيا الذي انعقد في عام 1869 أي قبل المؤتمر
التأسيسي الأول للحركة الصهيونية في بال في عام 1897، والذي اتخذ القرار التالي ( ليس
هدف الرسالة الميساوية لإسرائيل هو إعادة بناء الدولة القديمة، ففي هذا فصل جديد لليهود
عن بقية الأمم، هدف رسالتنا هو توحيد كل أبناء الله الذين يؤمنون بإله واحد حتى تتحقق
تطلعاتهم إلى الطهارة الخلقية )، ولكن الوجه الاستعماري للصهيونية يبدو أكثر وضوحا
في مسألة اغتصاب الأرض وفي مسألة الهجرة اليهودية وفي مسألة طرد الفلسطينيين من أراضيهم
وممتلكاتهم، ولذلك اخترعت أسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض، ووضعت خطة منظمة لنزع ملكية
الأراضي، والهجرة اليهودية وطرد السكان الفلسطينيين ومنع عودتهم إلى فلسطين، وأقوى
دليل على ذلك قول هرتسل في يومياته في 12/6/1895( سنحاول إجلاء السكان المعدمين إلى
خارج الحدود بتوفير العمل لهم في البلدان التي يعبرون إليها مع حرمانهم من العمل في
بلدنا نحن، ويجب أن تتم عملية نزع الملكية وإبعاد الفقراء بتكتم واحتراس )، والدكتور
رابين الخبير الزراعي والاقتصادي للوكالة اليهودية بقوله ( الأرض هي العنصر الذي لا
يمكن الاستغناء عنه لكي نضرب بجذورنا في فلسطين )، وفي مسألة اغتصاب الأرض بدأت الحركة
الصهيونية بسلسلة من الخطوات في هذا الاتجاه ومنها تأسيس مجلة ( الجويش كرونيكل ) في
عام 1861 في بريطانيا صاحبة المشروع الصهيوني في فلسطين في مجاله النظري ومجاله التطبيقي،
والاتصال بفرنسا التي أصدرت بعد أحداث دير القمر في لبنان في عام 1861 البيان الفرنسي
الذي أكدت فيه على حماية لبنان المسيحي وفلسطين اليهودية، وألمانيا وروسيا والخلافة
العثمانية، والترويج لأسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض، وأسطورة الصحراء، وانتشاء الصندوق
القومي اليهودي ( الكايرن كايمت ) وصندوق التعمير اليهودي ( الكايرن هايسود )، والاستيلاء
على المشروعات الهامة ( روتنبرج والبحر الميت وتجفيف بحيرة الحولة )، وتصفية البنك
العثماني الذي كان يقرض الفلاحين الفلسطينيين، وعدم تأسيس بنك آخر حتى يقع الفلاحين
الفلسطينيين فريسة سهلة للمرابين اليهود، وإنشاء المستعمرات الزراعية ( الكيبوتسات
والموشافات )، وقد بدأ ذلك فعلا قبل مؤتمر بال حيث أسست أول مستوطنة في فلسطين وهي
مستوطنة (بتاح تكفا – باب الأمل ) على أراضي قرية ملبس في شرق يافا في عام 1878، وقد
كان ذلك تنفيذا عمليا مطابقا لتلك النظرية الغريبة في الاستيلاء على الأرض وطرد سكانها
ترجمة حرفية لما جاء في التوراة ( لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى النهر الكبير
) ( سفر التكوين 15 - 18 )، ( وأعطى لك ولنسلك من بعدك ارض غربتك، كل ارض كنعان ملكا
أبديا ) (سفر التكوين 8 – 17) ( واجعل نسلك كتراب الأرض، حتى إذا استطاع احد أن يعد
تراب الأرض فنسلك أيضا يعد، لأن جميع الأرض التي أنت ترى أعطيها لك ولنسلك إلى الأبد
) (سفر التكوين 13 – 15 – 16)، وقد كانت هذه النصوص التوراتية الكاذبة في نظر الحركة
الصهيونية حقيقة تاريخية وصك ملكية وبرنامج سياسي وعسكري. وكأن الله يعمل وكيل عقارات
عند الحركة الصهيونية وكأن ذرية إبراهيم هم المنحدرون بصلة الرحم وليس بصلة الإيمان،
وكأن صلة الرحم تلك تنصب على نسل اسحق ولا تنصب على نسل إسماعيل، ولكن ورغم ذلك ورغم
المال والإعلام والضغوط العسكرية والاقتصادية لم تتجاوز نسبة الاراضى التي تسربت للحركة
الصهيونية ( 5.7 % من مساحة فلسطين ) سواء بالشراء من بعض العائلات الإقطاعية الفلسطينية
واللبنانية والسورية، أو عن طريق الاحتيال، أو تحت وطأة الديون، أو بواسطة بعض السماسرة
الذين كانوا يعملون لحساب الحركة الصهيونية، وإذا أضفنا هذه النسبة إلى مساحة الاراضى
التي استولت عليها العصابات الصهيونية بالتواطىء مع قوات الانتداب قبل رحيل هذه القوات
في 15 / 5 / 1948 وهي نسبة ( 8.3 % ) أصبح كل ما كانت تسيطر علية الحركة الصهيونية
من أراضى فلسطين عند إعلان الدولة العبرية في 14 / 5 / 1948، وقبل دخول الجيوش العربية
إلى فلسطين هو (14 % من مساحة فلسطين ) إما باقي المساحة التي استولت عليها الدولة
العبرية وهي 64 % من مساحة فلسطين فقد احتلتها من الجيوش العربية
1 - الساحل ( 13 % من مساحة فلسطين ) من قرية أسدود شمالا وحتى قرية ديرسنيد
جنوبا، وقد استولت عليها القوات الإسرائيلية من القوات المصرية في الفترة من بدء سريان
الهدنة الثانية في 18/7/1948 حتى 31 /10/ 1948، رغم ان فرار سريان الهدنة الصادر عن
الأمم المتحدة في 4 /11 / 1948 ينص على ضرورة التزام القوات المتحاربة بالوقوف عند
الخطوط التي كانت تحتلها قواتها في 15 /10 /1948 ( أسدود احتلت في 28 10 / 1948وقرية
ديرسنيد احتلت في 31 / 10 / 1948 ولم تعترض مصر لدي الأمم المتحدة على خرق إسرائيل
للقرار الدولي.
2 - المثلث ( 9 % من مساحة فلسطين ) احتلتها القوات الإسرائيلية بعد توقيع
اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل في جزيرة رودس في 24/2/1949، عندما طلبت الحكومة الأردنية
من الحكومة العراقية سحب القوات العراقية من منطقة المثلث ( نابلس – طولكرم – جنين
) ووافقت الحكومة العراقية ووافقت إسرائيل، ولكن بشرط أن ينسحب الجيش الأردني من حزام
من الأرض عرضه أكثر من كيلومترين على جبهة يبلغ طولها 180 كم وتسليمه للقوات الاسرائيليه،
بالإضافة إلى عقد اتفاقية هدنة بين الكيان الصهيوني والحكومة الأردنية، وقد وافقت الحكومة
الأردنية، وفي 23/3/ 1949 اجتمع وفد الكيان الصهيوني المكون من ييغان يادين ووالتر
ايتان ويهو شافط هركافي مع وفد الحكومة الأردنية في قصر الملك عبداللة في الشونة، وأسفر
الاجتماع عن توقيع اتفاقية الشونة التي عدلت بتاريخ 30/3/1949، وبعد توقيع هذه الاتفاقية
سافر الوفد الأردني برئاسة القائمقام احمد صدقي الجندي إلى جزيرة رودس ليبدأ المفاوضات
الشكلية مع الوفد الإسرائيلي تحت إشراف نائب الوسيط الدولي رالف بانش، لأن المفاوضات
الحقيقية كانت تجري في قصر الشونة في عمان مع الملك عبداللة شخصيا، وتنقل نتائجها إلى
جزيرة رودس حتى يتمكن نائب الوسيط الدولي رالف بانش في وضعها في صيغتها القانونية كما
قال مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية والتر ايتان، وقد علق الكوماندور ا هـ اتشيون
رئيس لجنة الهدنة الإسرائيلية – الأردنية على خط الهدنة بين الأردن وإسرائيل التي وقعت
بين الطرفين في رودس في 3/4/1949 قائلا، ( أن الخط يغري بإثارة المشاكل، فإسرائيل تحتل
السهول الساحلية الخصبة، بينما الخط يشطر القرى إلى قسمين، كما انه يفصل القرى عن آبار
مياهها ومقابرها، وتعتبر قلقيلية أبرز مثل على ذاك حيث يقع خط الهدنة على بعد أمتار
قليلة من أطرافها الغربية، وعلى أمتار قليلة من هذا الخط تبدأ بيارات البرتقال الخضراء
الرائعة التي كانت مصدر الثروة والعمل والعيش الكريم، وأصبحت كل خطوة بعد هذا الخط
يخطوها أي قروي فلسطيني تعني الموت، وقد حدث ذلك في مرات كثيرة، وقد أعطت هذه الاتفاقية
لإسرائيل حزام عرضه أكثر من كيلومترين على جبهة طولها 180 كيلومتر و460 ألف دونم من
أخصب أراضى فلسطين في المثلث الذهبي و31 قرية اجبر أهلها على النزوح منها، ومن أهمها
جلجولية وقلنسوة وباقة وبرطعة وعرعرة وأم الفحم ورمانة ومقيبلة وبئر السكة وميسر وبركة
رمضان وبرقة التي قسمها الخط إلى قسمين باقة الغربية في إسرائيل وباقة الشرقية في الضفة
الغربية التي كانت تخضع للقوات الأردنية وكفر قاسم الذي ارتكبت فيها القوات الصهيونية
مجزرة رهيبة عشية العدوان الثلاثي على مصر في 29/10/1956، وطريق العفولة – الخضيرة
والمرتفعات المحيطة به مما أتاح للعصابات الصهيونية السيطرة على شمال فلسطين، وطريق
طولكرم – قلقيلية الذي يبلغ طوله28 كم ومصانع البوتاس في جنوب البحر الميت وقرية أم
الشراش التي تقع على خليج العقبة عند التقاء حدود أربع دول عربية هي فلسطين المحتلة
والأردن ومصر والسعودية، وقد قامت القوات الصهيونية أثناء مفاوضات الهدنة بالزحف صوب
الخليج واحتلال الساحل الفلسطيني على الخليج، وإنشاء ميناء ايلات بوابة الكيان الصهيوني
إلى شرق إفريقيا وجنوب شرق آسيا. وكل ذلك كان في نظير أن تنسحب القوات الصهيونية من
قريتي بيت جبرين والظاهرية، وان تنسحب القوات المصرية من مدينتي بيت لحم والخليل ليحل
الجيش الاردنى محل الجيش المصري.
3 – صحراء النقب (42 % من مساحة فلسطين ) من مدينة بئر السبع شمالا والتي
احتلت في 21 /10/ 1948 إلى قرية أم الرشراش جنوبا، وقد استولت عليها القوات الإسرائيلية
من القوات المصرية في 9 /3 /1949 بعد قرار سريان الهدنة في 4 / 11 / 1948، وبعد توقيع
أاتفاقية الهدنة الدائمة بين مصر وإسرائيل في 24/2/1949. ولم تعترض مصر، ولم تتقدم
بأي شكوى للأمم المتحدة على خرق إسرائيل لقرار سريان الهدنة والهدنة الدائمة في رودس.
4 - ( المناطق المنزوعة السلاح )
1 - منطقة شمال تل العزيزية في أقصى شمال شرق فلسطين ومساحتها 4 كم2.
2- منطقة بحيرة الحولة وهي عبارة عن مثلث واسع جنوب بحيرة الجولة يضم
إلى شريط بمحاذاة نهر الأردن حتى مصبه في بحيرة طبريا ومساحتها 34 كم2 ويوجد بها أربع
قرى وهي كراد البقارة وكراد الغنامة ومنصورة الخيط ويرده.
3- منطقة بحيرة طبريا وتمتد من جنوب شرق بحيرة طبريا في خط يمتد من شرق
الحمة ويعود غربا حتى نهر اليرموك ثم يتصل ثانية ببحيرة طبريا شرق قرية سمخ ومساحتها
32كم2 ويوجد بها ثلاث قرى هي ألحمه والنقيب والسمرة ومستعمرة عين جيف.وتبلغ مساحة هذه
المناطق الثلاثة 70 كم2وذلك بالإضافة إلى شريط من الأرض يحيط بكل منطقة من هذه المناطق
عرضه 5كم.
وقد كانت هذه المناطق بعد حرب 1948 تحت السيطرة السورية لكن الوسيط الدولي
رالف بانش نجح في إقناع حسني الزعيم بتحويلها إلى مناطق منزوعة السلاح بعد أن قدم له
رسالة ضمانات باسم ( التغيير الرسمي ) في 26/6/1949 بأن لا تكون هذه المناطق خاضعة
للسيادة الإسرائيلية أو أن تكون حدودا دائم.
4 - منطقة العوجا حفير وقد استولت القوات الإسرائيلية عليها في عام
1950 رغم وجود قوات الأمم المتحدة،
وتقع جنوب شرق مدينة بئر السبع وعلى بعد ثلاث كيلو مترات من الحدود الفلسطينية-
المصرية, وقد نصت اتفاقية الهدنة الموقعة بين مصر وإسرائيل في 24/2/1949 على جعل مثلث
عوجا الحفير التي تبلغ مساحته 65 ألف دونم منطقة منزوعة السلاح ( ومنطقة حرام ) ولكن
اليهود توسعوا فيها عام 1953 وأقاموا مستوطنة كتسيوت واحتلوها بالكامل عام 1955 بالرغم
من وجود بعثة الأمم المتحدة فيها
5 – الضفة الغربية وغزة ومنطقة الحمة الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل
من مصر والأردن وسورية في حرب حزيران 1967
وكما وضعت الحركة الصهيونية خطة منظمة لاغتصاب الأرض وضعت خطة منظمة للهجرة
اليهودية، وكما كان الوجه الاستعماري الصهيوني أكثر وضوحا في مسألة اغتصاب الأرض كان
أكثر وضوحا في مسألة الهجرة اليهودية، وكما خلقت أسطورة ارض بلا شعب لشعب بلا ارض خلقت
أسطورة شعب الله المختار التي تقوم على التمييز الجنسي والحل العنصري للمشكلة اليهودية
بالهجرة إلى ارض فلسطين التي تزعم أن لليهود حقوقا تاريخية ودينية فيها، ولذلك أطلقت
على الهجرة اسم العالية بمعنى الحج أو الصعود إلى ارض الميعاد، ولجأت إلى التحريض على
الهجرة بالإشاعات وافتعال أحداث تجعل اليهود يخشون على حياتهم وممتلكاتهم والضرب على
وتر الإرهاب وخطر اللاسامية من جانب، والإغراء بحياة مستقرة ومستقبل مشرق وإثارة المشاعر
الدينية والقومية من جانب آخر، وقد تمكنت الحركة الصهيونية من إدخال 630 ألف مهاجر
يهودي إلى فلسطين في الفترة من عام 1822 إلى 1945، وإدخال الملايين بعد قيام الدولة
العبرية في عام 1948، وقد كان هؤلاء المهاجرون اليهود أداة الحركة الصهيونية في ضرب
العمالة وطرد العمال الفلسطينيين، وبناء المستوطنات والدولة، ودروع بشرية وخط دفاع
أول في مواجهة الفلسطينيين، ولذلك إسرائيل جيش يملك دولة وليس دولة تملك جيش، وكما
وضعت الحركة الصهيونية خطة منظمة في مسألة اغتصاب الأرض وخطة منظمة في مسألة الهجرة
اليهودية ة، وضعت خطة منظمة في مسألة التطهير العرقي وطرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم
وأراضيهم وممتلكاتهم، ولكن أود أن أشير إلى أنني لم أبتعد لا كثيرا ولا قليلا لأن مسألة
اللاجئين في الأصل والنهاية ترتبط بمسألة اغتصاب الأرض ومسألة الهجرة اليهودية بالمعنى
الايجابي الموضوعي الذي يعتمد على الوقائع، وبالمعنى العلمي الذي يعتمد على الواقع،
وبالمعنى الإنساني الذي يعتمد على تفسير الوقائع والواقع في نشأة الدولة العبرية
تعريف اللاجئين
أن أول ما يصطدم به الباحث في موضوع اللاجئين هو غياب تعريف موحد للاجئين
الفلسطينيين نظرا لاختلاف المصالح التي تعبر عنها الأطراف التي تتعاطى مع قضية اللاجئين
الفلسطينيين، ولذلك نجد أن وكالة الغوث الدولية ( الانروا ) قد عرفت اللاجئ الفلسطيني
( هو شخص كانت إقامته العادية في فلسطين لمدة لا تقل عن سنتين قبيل انفجار الصراع عام
1948 والذي نتيجته خسر منزله ووسائل عيشه ولجأ في عام 1948 إلى واحد من البلدان التي
تقدم الانروا فيها خدماتها وأن يكون مسجلا في عملياتها ومحتاجا )، ( وفي عام 1993 جرى
تعديل هذا التعريف حيث ألغيت معايير الحاجة لتوفير فرصة إضافية للاجئين غير المسجلين
لتسجيل أسمائهم في الانروا )، وهو تعريف يتعلق بتفويض الانروا في توفير الإعاشة والسكن
للفلسطينيين، ولم يقصد به أن يكون تعريفا قانونيا أو سياسيا، ولذلك وبسبب خصوصية القضية
الفلسطينية التاريخية والسياسية لم يجري تصنيف اللاجئين الفلسطينيين مع اللاجئين الآخرين
في نظام الحماية العام لاتفاقية اللاجئين الدولية، وذلك إلى جانب أن هذا التعريف استثنى
الفلسطينيين غير المسجلين في وكالة الغوث ( الانروا) والفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم
وأراضيهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم في داخل الخط الأخضر، والفلسطينيين الذين غادروا
فلسطين قبل عام 1948 لأسباب اقتصادية أو بسبب الهروب من الخدمة العسكرية في الجيش العثماني
ومنعتهم الدولة العبرية من العودة، لكن ( المادة 6 ) من الميثاق الوطني الفلسطيني الصادر
عن المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي انعقد في القدس في الفترة من 28/5 –
2/6/1964 عرفت اللاجئين بأنهم ( الفلسطينيينن هم المواطنون العرب الذين كانوا يقيمون
إقامة عادية في فلسطين حتى العام 1947 سواء من خرج منها أو بقي فيها، وكل من ولد لأب
عربي فلسطيني بعد هذا التاريخ داخل فلسطين أو خارجها هو فلسطيني ) أما تعريف حق العودة
كما جاء في قرار الأمم المتحدة ( 217 أ ) ( د - 3 ) المؤرخ في 10/12/1948 فقد نصت
( الفقرة الثانية من المادة 13 ) على ما يلي ( لكل فرد حق مغادرة أي بلد بما في ذلك
بلده وفي العودة إلى بلده )
تصنيف اللاجئين حسب الخروج من فلسطين
يصنف اللاجئون الفلسطينيون حسب أسباب الخروج من فلسطين إلى خمس فئات
الفئة الأولى : الفلسطينيون الذين هاجروا من فلسطين قبل نكبة 1948 إلى
أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة لأسباب اقتصادية آو أسباب تتعلق بالفرار من الخدمة
العسكرية في الجيش العثماني.
الفئة الثانية : الفلسطينيون الذين طردوا من منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم
بعد نكبة 1948 ويقدر عددهم حسب إحصائية الأمم المتحدة في عام 1948 بحوالي 726 ألف لاجئ
يعيشون في مخيمات الشتات وبلدان اللجوء.
الفئة الثالثة : الفلسطينيون الذين لم يغادروا فلسطين بعد نكبة 1948 ولكنهم
اقتلعوا من منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم وأجبروا على التجمع في ثلاث تجمعات في
الجليل والمثلث والنقب ويقدر عددهم بحوالي 300 ألف لاجئ.
الفئة الرابعة : الفلسطينيون الذين نزحوا عن الضفة وغزة بعد نكسة حزيران
1967 ويقدر عددهم بحوالي 350 ألف نازح وتمنع إسرائيل عودتهم.
الفئة الخامسة : الفلسطينيون الذين هاجروا لأسباب اقتصادية بعد نكسة حزيران
1967 وتمنع إسرائيل عودتهم إلى غزة والضفة.
تصنيف الفلسطينيون حسب الوضع القانوني
يصنف الفلسطينيون حسب الوضع القانوني في بلدان الشتات، والوضع القانوني
في الدولة العبرية وأراضي السلطة الفلسطينية وفقا للقوانين الإسرائيلية إلى أربع فئات
الفئة الأولى : فلسطينيو الشتات وهم جزء من الشعب الفلسطيني المنفي الذين
اندمجوا في المجتمعات المستقبلة ولهم وضع قانوني بواسطة جنسية أو إقامة دائمة مثل الفلسطينيين
في الأردن وكندا والولايات المتحد الأمريكية وأمريكا اللاتينية والسويد والنرويج ونيوزلندا
واستراليا.
الفئة الثانية : فلسطينيو الترانزيت وهم سكان مخيمات اللجوء الذين لهم
وضع قانوني مؤقت وينتظرون العودة إلى منازلهم ومدنهم وقراهم وممتلكاتهم.
الفئة الثالثة : الفلسطينيون داخل الخط الأخضر والذي تطلق عليهم إسرائيل
العرب المقيمون في دولة إسرائيل
الفئة الرابعة : الفلسطينيون المنصهرون الذين ذابوا في المجتمعات المستقبلة
بسبب طول فترة الهجرة والظروف الذي عاشوها في بلاد المهجر.
أسباب الخروج من فلسطين
قال ديفيد بن – غور يون رئيس وزراء الكيان الصهيوني في خطاب له أمام الكنيست
في عام 1961 ( لقد بدأ رحيل العرب من إسرائيل فورا بعد قرار التقسيم وفي حيازتنا وثائق
صريحة تشهد على أنهم غادروا فلسطين بناء على تعليمات من الزعماء العرب وعلى رأسهم المفتي
على أساس الفرضية القائلة أن هجوم الجيوش العربية سوف تقضي على الدولة العبرية وترمي
اليهود جميعا في البحر ) لكن وبعد الاطلاع على الوثائق الإسرائيلية التي وضعت في التصرف
ابتداء من عام 1978 بموجب قانون الثلاثين عام رد المؤرخون الإسرائيليون الجدد على رواية
ديفيد بن – غور يون برواية مختلفة تستند إلى المحفوظات الإسرائيلية، وقد وصف المؤرخ
الإسرائيلي ( بني موريس ) الذي ينتمي إلى حركة ( هشومير هتسعير )، وهي حركة صهيونية
يسارية في كتابه ( نشأة قضية اللاجئين )، والذي يسخر فيه (من الوجه الأبوي العطوف الذي
يضفيه على بن غور يون المؤرخ الصهيوني المتشدد ( شبتاي طيفت ) ووصفه بالمهجر الأكبر
) لأنه هو الذي قاد العمليات العسكرية والسياسية والدبلوماسية من أولها إلى آخرها من
العام 1947 إلى العام 1949، ولأنه كان المخطط والمنفذ للإجراءات التي أدت إلى طرد الفلسطينيين
والى إعاقة عودتهم، وهو الذي وضع الخطة العسكرية ( دالت ) التي كان هدفها طرد جميع
القوات المعادية فعلا أو افتراضا، وهو الذي أعلن أمام حزب مابام في 7/2/1948 ( أن ما
حدث في القدس حيث لم يعد هناك عربي يمكن أن يتكرر في جزء كبير من البلد، ومن الممكن
أن تطرأ خلال 6 أو 8 أو 10 أشهر من الحرب تغييرات مهمة في تركيبة السكان )، وهو الذي
أوحى بطريقة شبه سرية بعملية إبعاد 3500 فلسطيني ظلوا في حيفا من مجموع 85 ألف وتدمير
أحيائهم القديمة، وهو الذي اصدر الأمر بطرد أهالي اللد والرملة، وهناك محطة أخرى تجلت
فيها عبقرية بن – غور يون اللغوية عندما أجاب على سؤال يعقوب رفتن الأمين العام لحزب
مابام عما سيكون مصير الفلسطينيون في الشمال قائلا ( انه إذا تجددت المعارك في الشمال
فإن منطقة الجليل ستصبح نظيفة وخالية من الفلسطينيين ) ولكن ورغم أن بني موريس قد حمل
بن غور يون وإسرائيل مسؤولية تهجير الفلسطينيين إلا انه لم يعتبر أن ذلك قد حصل وفق
خطة مدروسة وموضوعة مسبقا وهذا عكس ما قاله المؤرخ أفي شلايم الذي يؤكد أن الخطة كانت
موضوعة بالاتفاق مع الملك عبد الله، والمؤرخ سيمحا فالبان الذي يؤكد وجود خطة لتهجير
الفلسطينيين إلى الدول العربية، والمؤرخ نعوم تشومسكي الذي يؤكد في كتابه ( قراصنة
وأباطرة ) على استمرارية اعتماد إسرائيل على مبدأ الترانسفير، والمؤرخ حاييم بنفنستي
الذي قال في حديث مع صحيفة هآرتس في تشرين أول 2007 ( أن المجتمع الفلسطيني تم تمزيقه
إلى أشلاء منفصلة ) والمؤرخ أيلان بابيه الذي ينتمي إلى التيار اليساري الراديكالي
الذي أكد في محاضرة له في مدينة الناصرة أن إستراتيجية الجيش الإسرائيلي في حرب
1948 كانت تنفيذا للخطة التي وضعها دافيد بن – غور يون و18 من كبار مساعديه السياسيين
والعسكريين، وقد كتب بن – غور يون الوثيقة بيده في 10/3/1948 قبل بدء الحرب، وشملت
الخطة توزيع فلسطين إلى مناطق جغرافية وأوكل إلى قيادة الهاغاناة مهمة تنفيذها عندما
تبدأ الحرب، ولخص بن غور يون الخطة بكل صراحة عندما قال ( يجب استحواذ الجيش اليهودي
على اكبر مساحة من فلسطين مع اقل ما يمكن من الفلسطينيين ) وذلك بالإضافة إلى يوسف
فايتس أحد رواد الاستيطان الصهيوني والمسؤول عن دائرة الإحراج واستثمار الأراضي في
الصندوق القومي اليهودي ورئيس لجنة الترحيل الرسمية الذي قال في عام 1940 ( انه يجب
أن يكون من الواضح انه ليس من مساحة في هذا البلد تكفي شعبين، فإذا غادر العرب سيصبح
البلد رحبا ويتسع لنا، والحل الوحيد بعد الحرب العالمية الثانية هو ارض إسرائيل على
الأقل الجزء الغربي أي القسم من فلسطين الواقع غربي نهر الأردن دون عرب، وليس هناك
تسوية ممكنة بشأن هذه النقطة وما من وسيلة أخرى إلا بترحيل العرب من هنا إلى البلاد
المجاورة )، ولذلك اقترح على شرتوك وزير خارجية الدولة العبرية في 28/5//1948 تشكيل
لجنة من ثلاثة أعضاء تكون مهمتها العمل على تحويل فرار العرب ومنعهم من العودة أمرا
واقعا، وبعد أن قدر أعضاء اللجنة انه تم طرد سكان 190 قرية و7 مدن أي ما يقارب 335
ألف فلسطيني اقترحوا اعتماد خمس إجراءات من شأنها توطيد عملية الطرد وتوسيعها وهي
·
تدمير القرى الفلسطينية قدر الإمكان خلال العمليات العسكرية
·
تحريم جميع أنواع الزراعة على الفلسطينيين
·
توطين اليهود في القرى والمدن الفلسطينية بما يمنع حدوث أي فراغ
·
وضع تشريعات لمنع العودة
·
القيام بحملة دعائية ضد العودة
وذلك إلى جانب سن قانون الطوارئ الخاص بأملاك اللاجئين الذي أقرته الحكومة
العبرية في 30/6/1948 وجرى تعديله في عام 1950 والذي حدد الغائبين على أنهم جميع الفلسطينيين
الذين غادروا أماكن إقامتهم في الفترة من 29/11/1947 إلى 1/9/1948 سواء كانوا غادروا
إلى الخارج أو إلى المناطق الفلسطينية التي احتلتها الجيوش العربية، على أن توضع أملاكهم
في عهدة حارس أملاك الدولة الذي سيسمى لاحقا القيم على أملاك الغائبين، وفي
28/8/1951 اتفق فايتس مع شاريت وبن – غور يون على ترحيل أهالي الجليل إلى الأرجنتين
وقد ذهب إلى الأرجنتين واشترى 600 ألف دونم وزار الجليل لإقناع السكان بقبول مشروعه
ولكن وفي زيارة له إلى قرية الجش قال له مواطن فلسطيني ( لا توجد بلاد أفضل من بلادنا
هذه، أن جبالنا أروع من سهولهم، فكل صخرة تخرج نبتا وكل حجر يؤتي ثمر ) ولكن وفي آخر
حياة يوسف فايتس اعترف بأنه لا مناص من حل عادل يعترف بحقوق الفلسطينيين كما اعترف
بذلك ابنه يحاييم فايتس المحاضر في جامعة حيفا.
وقد أكد حقيقة التطهير العرقي أيضا أبا أيبان وزير خارجية إسرائيل بعد
فشل مؤتمر لوزان حيت قال ( أن إسرائيل ليست بحاجة إلى السعي وراء السلام فاتفاقيات
الهدنة تكفينا فإذا طلبنا السلام سيطلب منا العرب ثمنه أما الحدود وأما اللاجئين وأما
الاثنين معا فلننتظر ) وكذلك رحبعام زئيفي مؤسس ورئيس حركة موليدت وزير السياحة الإسرائيلي
الذي كان ينادي بفكرة الترانسفير واحتلال الأردن وتوطين الفلسطينيين فيها، وكان يصف
الفلسطينيين مرة بالقمل ومرة أخرى بالسرطان، وقد أطلق عليه أربع أشخاص من كوادر الجبهة
الشعبية النار في فندق ريجنسي في 17/10/2001 ردا على اغتيال القائد الفلسطيني الكبير
أبو على مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في آب 2001، والذي اعترف
صراحة انه لا يدعي امتلاك حق ابتكار فكرة الترانسفير لأنه أخذها من أساتذة الحركة الصهيونية
وقادتها مثل دافيد بن – غور يون الذي قال من جملة أمور أخرى ما يلي ( أن أي تشكيك من
جانبنا في ضرورة ترحيل كهذا، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه، وأي تردد من قبلنا في صوابه،
قد يجعلنا نخسر )، وقد نشر بني موريس في عام 1986 دراسة أشار فيها إلى العوامل التي
أدت إلى ترحيل الفلسطينيين في الفترة من 1/2/1947 إلى 1/6/1948 وقد اعتمد فيها على
وثيقة أعدها فرع الاستخبارات في وزارة الدفاع الإسرائيلية بتكليف من دافيد بن – غور
يون رئيس الوزراء ووزير الدفاع في الدولة العبرية
·
العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الهاغاناة وقد أسهمت بنسبة 55%
·
العمليات العسكرية لقوات ( أرغون وليحي ) وقد أسهمت بنسبة 15%
·
الاعتبارات المحلية والخوف من المستقبل وقد أسهمت بنسبة 20%
·
الأوامر من المؤسسات العربية وغير الرسمية وقد أسهمت بنسبة 2%
·
أوامر بالرحيل من القوات الإسرائيلية وقد أسهمت بنسبة 2%
·
حملات النفس اليهودية ( الحرب النفسية ) وقد أسهمت بنسبة 2%
·
الخوف من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية وقد أسهمت بنسبة
1%
·
ظهور قوات عربية غير نظامية من خارج القرى العربية وقد أسهمت بنسبة
1%
·
الخوف من هجوم الجيوش العربية النظامية وقد أسهمت بنسبة 1%
·
القرى العربية المعزولة وسط منطقة يهودية وقد أسهمت بنسبة 1%
لكن بني موريس لم يشير إلى دور المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية
وجيش الدفاع الإسرائيلي في التطهير العرقي والتي بلغ عددها أكثر من 35 مذبحة أشهرها
مذبحة دير ياسين التي كانت قد وقعت في عام 1942 ميثاق عدم اعتداء مع المستوطنات المجاورة،
وأكبرها مذبحة الدوايمة، وبعض القرى تعرضت لأكثر من مذبحة مثل قرية سعسع، وبعضها حرق
أهلها أحياء مثل قرية الطيرة في قضاء حيفا، وأكثر من 100 عملية قتل جماعي، وقد اعترفت
منظمة الأرغون بدور المجازر في التطهير العرقي وأصدرت بيان قالت فيه ( إن احتلال دير
ياسين ولد الرعب في أوساط الفلسطينيين في القرى المجاورة، وبدأت بفعل الصدمة عملية
الفرار مما سهل استعادة التواصل بين القدس وسائر البلد ) كما اعترف بهذا الدور مناحيم
بيغن الذي قال ( أن أسطورة دير ياسين ساعدتنا بنوع خاص على إنقاذ طبريا واحتلال حيفا
) وأيضا الهاغاناة التي قالت في بيان لها ( أن دير ياسين كانت عامل تسريع قاطع في فرار
الفلسطينيين )، لكن الشاعر أيا كوفنز الناجي من المحرقة النازية في اوشفتز والضابط
الثقافي في كتيبة غفعاتي ذهب إلى أكثر من ذلك وكتب إلى سائقي الدبابات يقول ( لا تترددوا
يا أبنائي فهؤلاء القتلة عقوبتهم يجب أن تكون دما، وكلما طاردتم كلاب الدم هؤلاء أحببتم
الجمال والطبيعة والحرية ) و قال أيضا ( الحرية عادلة والدم حلال لأن ساعة العقاب تنادي
الانتقام الانتقام )
وقد علق على المجزرة جاك دو رينيه مبعوث لجنة الصليب الأحمر الدولية بقوله
( لا استطيع تصوير بشاعة ما جرى ) والكاتب الاسرلئيلي مارتن بوبر احد رواد فكرة الوطن
ثنائي القومية الذي قال ( أن دير ياسين نقطة سوداء في شرف الشعب اليهودي ) ومسؤول القسم
العربي في حزب مابام اهارون كوهين الذي قال في مذكراته ( انه جرى تنفيذ عملية طرد متعمدة
للعرب، وقد يطيب هذا الأمر للآخرين أما أنا كاشتراكي فإن هذا يشعرني بالخجل ويرعبني،
إذ أن دولة إسرائيل عندما تنشأ ستبقى واقفة على سلاحها إذا ما هي ربحت الحرب وخسرت
السلام ) كما انه لم يشير إلى دور حرب 1948 في التطهير العرقي وفي تسهيل عملية يوسف
فايتس الذي كان عليه من قبل أن يفاوض ويدفع ثمن كل دونم، فإذا بالهجرة الفلسطينية قد
مكنت الصندوق القومي اليهودي من وضع يده على ارض يصعب شراؤها وطرد عائلات الفلاحين
ممن وضعوا أيديهم على ارض كان ملاكها العرب الغائبون قد باعوها، والاستيلاء على مناطق
راموت ومناشي وقيرة وقامون ويوكنعام ودالية الروحاء ذات الأغلبية العربية والذي كان
فايتس قد قال عنها ( الم يحن الوقت للتخلص من هذه الأشواك بيننا )
الخطط والمشاريع للالتفاف على حق العودة
يأتي هذا المؤتمر في هذا الوقت الصعب الذي يتزامن مع الذكرى الستين للنكبة،
وحالة الانقسام في الساحة الفلسطينية، وحصار غزة، والانكشاف السياسي العربي، والهيمنة
الأمريكية على القرار الدولي، بحيث أصبحت القضية الفلسطينية لا تجد المكان المناسب
في مجلس الأمن، وبحيث تمكنت إسرائيل من كسب أرضية جديدة على الساحة العربية والدولية
وخاصة بعد فشل الأمم المتحدة، وقد استبقت وزيرة خارجية الكيان الصهيوني تسيبني ليفني
مؤتمر أنا بوليس الذي انعقد في 27/11/2007 وطالبت الدول العربية بالاعتراف باليهودية
كأساس إيديولوجي للدولة العبرية، وأعلنت أن إقامة دولة فلسطينية هو الحل القومي للفلسطينيين
في إسرائيل، وهذا يعني
·
طرد مليون ونصف مليون فلسطيني من إسرائيل
·
وطرد 100 ألف فلسطيني من القدس الشرقية
·
وإسقاط حق العودة
·
وتصفية القضية الفلسطينية
وهنا لا بد من الاعتراف بكل شفافية وموضوعية أن القيادة الفلسطينية لم
تعرف كيف تتعامل مع هذا الخزان البشري الوطني الفلسطيني داخل الخط الأخضر، وهو لا شك
خطأ يجب أن نقف أمامه ندرس ونفكر ونحلل أسبابه، وفي كيفية تحريكه للمحافظة على بقائه
فوق أرضه، وفي دعم نضال شعبنا في الضفة وغزة والشتات، وفي ضرورة التنسيق معه ومع قيادته
في بلورة شكل سياسي ونضالي جديد يكون جزء من المخطط الفلسطيني العام وليست عملية جزئية
محدودة تأخذ شكل شبح علاقات عامة أو جالية، وإنما على أساس أن نتعامل معهم بأفق جديد
ونسألهم ونحاورهم حول أساليب العمل الممكن ليس من أجل إيصال نائب إلى الكنيست ولكن
من أجل بلورة مكانهم ومكانتهم في العملية النضالية الآن وفي المستقبل، لأنه ليس من
المعقول أن يستمروا في ممارسة دورهم من داخل المؤسسة الصهيونية سواء من خلال الأحزاب
أو من خلال المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية، وليس من المعقول أن ننتظر حتى تفاجئنا
إسرائيل في أية مفاوضات قادمة بأن تضعنا أمام ثنائية ضيقة، الحكم الذاتي للمستوطنين
في المستوطنات في الضفة الغربية أو تبادل السكان بين سكان المستوطنات في الضفة الغربية
والسكان الفلسطينيين في الكيان الصهيوني، وقد بدأت الخطط ومشاريع الالتفاف حول حق العودة
منذ وقت مبكر يرجع إلى الوقت الذي صدر فيه قرار الأمم ألمتحدة رقم 194 في
11/12/1948 والذي وضع الأسس القانونية لحقوق اللاجئين في العودة واستعادة ممتلكاتهم
والتعويض ومن هذه المشاريع
1 – مشروع ماك غي ( 1949 ) مستشار وزير الخارجية الأمريكية ويدعوا إلى
إعادة 100 ألف لاجئ فلسطيني إلى فلسطين بشرط الاعتراف بالدولة الإسرائيلية، وتوطين
اللاجئين الآخرين في أماكن تواجدهم، وتقديم مساعدات ومشاريع تنموية لاحتواء اللاجئين
في الدول التي يمكنها القيام بذلك على أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتحمل التكلفة
المالية للمشروع.
2 – بعثة غوردن كلاب ( 1949 وهي بعثة أرسلتها الأمم المتحدة لدراسة الحالة
الاقتصادية في عدد من الدول العربية وقدرتها على الاستيعاب، ووضعت تقريرا في عام
1949 أوصت فيه
بتأسيس صندوق لدمج اللاجئين برأسمال قدره 49 مليون دولار تساهم الولايات
المتحدة الأمريكية بنسبة 70%
وإقامة برامج للأشغال العامة مثل الري وبناء السدود وشق الطرق وحرف أخرى.
3 - مشروع جون بالاند فورد المفوض العام السابق للانروا ( 1951 ) وقد
أوصى بتخصيص 250 مليون دولار لدمج اللاجئين في البلاد العربية.
4 – مشروع اريك جونستون ( 1953 – 1955 ) مبعوث الرئيس إيزنهاور إلى الشرق
الأوسط ( مشروع الإنماء الموحد لموارد مياه نهر الأردن ) نظرا لأهمية المياه أطلق بعض
السياسيين على النصف الثاني من القرن العشرين اسم الحقبة المائية، لأن المياه هي المادة
الأولية التي تتصل بحياة الإنسان، والقاعدة الأساسية للتطور الصناعي والتنمية الاقتصادية،
والاستقرار الاجتماعي والسياسي، والنمو الحضاري، وذلك بالإضافة إلى دور المياه في الأمن
القومي والحروب وتغيير الجغرافية السياسية إقليميا ودوليا، ولذلك اقترحت الولايات المتحدة
إجراء مفاوضات بين إسرائيل والدول العربية وإقامة مشاريع ري مشتركة بين العرب وإسرائيل
على نهر الأردن تنفذ على خمس مراحل تستغرق كل مرحلة من 2 إلى 3 سنوات وترمي إلى ري
أراضي الضفة الشرقية وتنميتها اقتصاديا بهدف توطين اللاجئين الفلسطينيين فيها.
5 – دراسة سميث وبروتي وهما نائبان في الكونغرس الأمريكي أرسلتهما لجنة
الشؤون الخارجية في الكونغرس على رأس بعثة استقصاء إلى الشرق الأوسط في بداية 1954،
وقد أصدرت البعثة تقريرا في تشرين الثاني 1954 يوصي بالضغط على الدول العربية لتفتح
أبوابها أمام استيعاب اللاجئين، وفي عام 1955 أصدرت اللجنة تقريرا يوصي بتخفيف معاناة
اللاجئين وتحمل مسؤولية إعادتهم إلى وطنهم أو إعادة توطينهم.
6 – مشروع جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكية ( 1955 ) قال جون
فوستر دالاس في خطاب تضمن رؤية الإدارة الأمريكية لمستقبل التسوية في الشرق الأوسط
بعد جولة له في المنطقة أنه يجب وضع حد لبؤس مليون لاجئ فلسطيني عن طريق العودة إلى
وطنهم في حدود الممكن، أو توطينهم في البلاد العربية الموجودين فيها عن طريق استصلاح
أراضي من خلال مشاريع ري تمولها الولايات المتحدة الأمريكية، ودفع تعويضات يتم دفعها
من خلال قرض دولي في الولايات المتحدة الأمريكية بصورة أساسية، ووضع حد لحالة الخوف
التي تسيطر على دول المنطقة مما يجعلها عاجزة عن الشعور بالأمن، واقترح إجراءات جماعية
من اجل ردع أي عدوان بشكل حاسم وأعرب عن استعداد الولايات المتحدة الأمريكية في الدخول
في معاهدات من شأنها منع أي عمل من قبل أي من الطرفين يؤدي إلى تغيير الحدود بين إسرائيل
وجيرانها بالقوة.
7 – المشروع البريطاني ( 1955 ) ( مشروع التوطين في العراق ) أعدت وزارة
الخارجية البريطانية تقريرا مفصلا عن مشكلة اللاجئين وأرسلته مع المدير العام لوزارة
الخارجية " شكيرج " إلى واشنطن لمناقشة فكرة التوطين في العراق وقد اشترك
في دراسة التقرير السفارة البريطانية في العراق وقسم التطوير في المكتب البريطاني في
الشرق الأوسط في بيروت وذلك بهدف استيعاب مليون لاجئ فلسطيني في العراق.
8 – مشروع بيرسون ليستر وزير خارجية كندا ( 1957 ) وقد طرح وزير الخارجية
الكندي مشروعه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وقد تضمن تثبيت وضع المنطقة، والتقيد
باتفاقيات الهدنة، وإقامة إدارة مدنية دولية في غزة بالتعاون مع مصر وإسرائيل، ووضع
قوات طوارئ دولية على الحدود.
9 – مشروع جون كيندي ( 1957 ) وقد قال كيندي في خطاب أمام المؤتمر القومي
للمسيحيين واليهود في خطاب عكس فيه بعض تصوراته للصراع العربي – الإسرائيلي في الشرق
الأوسط واقترح بشأن اللاجئين عودة من يرغب ليعيش في ظل الحكومة الإسرائيلية وتعويض
من لا يرغب في العودة وتوطين الآخرين في بعض الدول العربية المحيطة في إسرائيل عبر
القيام بمشروعات اقتصادية في المنظفة.
10– دراسة هيوبرت همفري عضو الكونغرس الأمريكي ( 1957 ) وهو مشروع يقوم
على ترسيخ حق القوة ومساواته بحق التعويض.
11- مشروع منزيس رئيس وزراء استراليا ( 1957 ) وقد اقترح تسوية نهائية
ومضمونة للحدود العربية الإسرائيلية، وتسوية قضية اللاجئين، وتقديم مساعدات اقتصادية
دولية غير مشروطة إلى الدول التي تحتاجها وتشجيع التبادل التجاري السلمي بين الطرفين
العربي والإسرائيلي، والاعتراف بالجوانب المدنية والاقتصادية (لحلف بغداد) وتوسيعها.
12– مشروع داغ همرشولد الأمين العام للأمم المتحدة ( 1959 ) وقد اقترح
توسيع برنامج تأهيل اللاجئين وقدرتهم على إعالة أنفسهم والاستغناء عن المساعدات
13– مشروع جوزيف جونسون رئيس مؤسسة كار نجي للسلام ( 1960 )، وهو مشروع
يقوم على مبدأ الاختيار بين العودة والتعويض على أساس الممتلكات والفوائد الفردية.
14– مشروع أبو رقيبة ( 1965 ) وقد تقدم الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة
بمشروع تسوية للنزاع العربي الإسرائيلي على أساس قرار التقسيم تضمن أن تعيد إسرائيل
إلى العرب ثلث المساحة التي احتلتها منذ إنشائها لتقوم عليها دولة عربية فلسطينية،
وأن يعود اللاجئون الفلسطينيون إلى دولتهم الجديدة، وأن تتم المصالحة بين العرب وإسرائيل
بحيث تنتهي حالة الحرب بينهما.
15– مشروع اشكول رئيس وزراء الكيان الصهيوني ( 1965 ) الذي رد فيه على
أبو رقيبة بضرورة إجراء مفاوضات مباشرة بين العرب وإسرائيل، والاتفاق على تسوية على
أساس الوضع القائم، وإعادة توطين اللاجئين ودمجهم في بيئتهم الطبيعية " الوطن
العربي " وان تساهم إسرائيل في إعادة التوطين.
16– مشروع أبو مازن – بيلين ( 1996 )، وقد اتفق الاثنان على الاعتراف
المتبادل بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرئيل، وعلى أن تكون القدس عاصمة للدولتين،
وان تعترف إسرائيل بأن حق العودة والتعويض حق مبدأي لكن شرط اعتراف الجانب الفلسطيني
بأن العودة كما نص عليها القرار 194 أمر غير عملي
17– رؤية كلينتون ( 2000 ) وقد كان كلينتون أول رئيس أمريكي يقضي اكبر
وقت مع القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين، وكان رهان الحكام العرب عليه كبيرا ولذلك
تمنى بعضهم على السلطة الفلسطينية أن تنتهز فرصة وجوده في البيت الأبيض وتقبل ولو في
الدقيقة الأخيرة من إدارته حزمة المقترحات التي طرحها للقفز فوق السدود الأكثر وعورة
في القضية الفلسطينية وهي اللاجئين والقدس والحدود والمستوطنات، وضغطوا على السلطة
بهدف أن تقفز قفزة جريئة في هذا الاتجاه، لكن كلينتون لم يقدم شيء يمكن أن يقبله أكثر
الفلسطينيين اعتدالا لأن حزمة المقترحات التي طرحها كانت تقوم على فكرة توطين اللاجئين
الفلسطينيين في أماكن إقامتهم في الخارج وذلك ضمن رؤية لحل هذه الإشكالية في سياق حلول
أخرى وهي توطين الفلسطينيين في دولة فلسطينية جديدة، وفي الأراضي إلى سوف تنقل من إسرائيل
إلى الفلسطينيين، وفي الدول المحيطة بإسرائيل، وفي دولة ثالثة.
18– مشروع يوسي بيلين – ياسر عبد ربه ( وثيقة جنيف 2003 ) وقد اجتمع الطرفان
ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية ويوسي بيلين وزير
العدل الإسرائيلي في جنيف واتفقا على
حل وكالة الغوث الدولية ( الانروا ) على أن تحل محلها هيئة دولية، وإعادة
تأهيل واستيعاب اللاجئين في أماكن إقامتهم وتطوير أوضاعهم المعيشية وتذويبهم في الحياة
اليومية التي يعيشون فيها.
19– مشروع سري نسيبة – عامي ايالون وقد اجتمع الطرفان سري نسيبة مسؤول
ملف القدس في منظمة التحرير الفلسطينية وعامي ايالون وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي
السابق في وزارة الخارجية اليونانية بحضور خافيير سولانا مسؤول السياسة الخارجية في
الاتحاد الأوربي واتفقا على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على أجزاء من الضفة
وغزة، وإسقاط حق العودة وكل الحقوق المترتبة على تهجير الفلسطينيين والبحث عن أماكن
لإيوائهم.
20 – مشروع الينا روز لشتاين ( 2006 ) وقد اقترحت الينا روز لشتاين عضو
الكونغرس الأمريكي رئيس اللجنة الفرعية لشؤون الشرق الأوسط ووسط آسيا صناعة قرار يدعو
جورج بوش الابن إلى مطالبة الدول العربية باستيعاب اللاجئين المقيمين على أراضيها،
وحل وكالة الغوث الانروا، ومعالجة قضايا اللاجئين بواسطة المفوضية العليا للاجئين.
21 - مشروع آن سروفانس ( 2007 ) وقد اجتمع كل من صائب بامية المستشار
الاقتصادي للاتحاد العام للصناعات الفلسطينية وحاييم رامون القائم بأعمال رئيس الوزراء
الإسرائيلي، وبعد نقاش ومباحثات تناولت قضية اللاجئين اتفقا عل ما يلي، إسقاط حق العودة
مقابل تعويض يتراوح من 55 مليار إلى 85 مليار دولار، وذلك إلى جانب عدد من المشاريع
العربية والإسرائيلية والدولية الأخرى مثل مشروع حسني الزعيم في عام 1949 الذي اقترح
استيعاب 300 ألف لاجئ فلسطيني في الجزيرة في شمال سورية، ومشروع سيناء في عام 1951،
و مشروع يوسف فايتس في عام 1951 الذي كان يدعو إلى توطين الفلسطينيين في ليبيا والأرجنتين،
وقد اتفق فعلا مع المستوطنين الايطاليين، وسافر إلى الأرجنتين واشترى مساحة 600 ألف
دونم لتوطين سكان الجليل فيها، وذهب إلى الجليل يحاول إقناع السكان الفلسطينيين وهناك
قال له احد المواطنين الفلسطينيين في قرية الجش ( لا توجد بلاد أفضل من بلادنا هذه،
أن جبالنا أروع من سهولهم، فكل صخرة تخرج نبتا وكل حجر يؤتي ثمرا )، ومشروع أبا أيبان
في عام، ومشروع أل 14 نقطة المقدم من غونار يارنغ في عام 1970، ومشروع التوطين في غزة
لإزالة المخيمات، ومشروع يغال ألون الذي يدعو إلى توطين اللاجئين في سيناء والعريش
والضفة، ومشروع مردخاي بن طوف في عام 1975، ووثيقة غاليلى المفكر الإيديولوجي لحزب
العمل الذي اختزل موضوع اللاجئين في غزة والضفة وفي التأهيل والتطوير وتحسين ظروف السكن،
ومشروع بيغن في عام 1973 ومشروع بن بورات في عام 1983 الذي يدعو إلى إعادة إسكان اللاجئين
في الضفة الغربية وقطاع غزة وإفراغ 28 مخيم من سكانها البالغ عددهم 250 ألف لاجئ فلسطيني،
ومشروع شامير في عام 1989 الذي قدمه للدول الصناعية السبعة في القدس والذي يدعو إلى
عقد مؤتمر دولي لحل مشكلة اللاجئين لأن حلها يجب أن يكون من خلال مجهود دولي في توفير
شروط سكن أفضل. أما بالنسبة إلى مشاريع التوطين في البلاد العربية فقد كانت العراق
ولا زالت هي المرشحة الأكبر من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الكيان الصهيوني،
خاصة وان مشاريع التوطين سقطت إلى حد ما في الأردن نظرا لفقره ووظيفته الكيانية، وفي
لبنان نظرا لعدم استقراره وتركيبته الديموغرافية الفسيفسائية، وفي سورية أيضا نظرا
لأن مشروع التوطين في سورية مشروع مقلق من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل،
وذلك لأن سورية اكبر بلاد الشام والوريث الطبيعي لفكرة الشام، ولأن موقع سورية موقع
حاكم بالنسبة للقضية الفلسطينية بسبب العلاقات التاريخية والجغرافية والاجتماعية، ونظرا
لأن سورية قلب العروبة، ولذلك ونظرا لمساحة العراق 438 ألف كم 2 وموارده وإمكانياته
وخيراته وثرواته البترولية والمائية، وبعده عن فلسطين، وذلك بالإضافة إلى دور الفلسطينيين
كما تتصور أمريكا وإسرائيل في الحد من خطر التوغل الشيعي، وخلق حالة من التوازن الديموغرافي
بين السنة والشيعة، لأن مذهب الفلسطينيين هو المذهب السني، وذلك بالإضافة إلى العوامل
التي تدعم هذا التوجه وخاصة الضغوط والضربات والحصار الذي كان العراق يتعرض له في السابق
والاحتلال الانجلو – سكسوني للعراق حاليا، وترجع مشاريع التوطين للفلسطينيين في العراق
إلى ما قبل قيام دولة الكيان الصهيوني وبالتحديد إلى العام 1911 حيث طرح الصهيوني الروسي
جوشواه أبو خميل موضوع التوطين هذا في المؤتمر الصهيوني العاشر، وقد ناقش مؤتمر الصلح
في باريس هذا المشروع، وفي 17/2/ 1937 أرسل دافيد بن – غور يون مذكرة إلى اجتماع لجنة
العمال الصهيونية المنعقد في بريطانيا للمساعدة في ترحيل الفلسطينيين إلى العراق نظير
عشرة ملايين جنيه فلسطيني مقابل توطين 100 ألف فلسطيني، وقدموا خطة لترحيل الفلسطينيين
إلى العراق إلى الجنرال باترك هرلي ممثل الرئيس روزفلت عند زيارته إلى فلسطين في عام
1943، وفي عام 1993 قالت الدكتورة ( لارا ادراك ) المحاضرة في الجامعة الأمريكية في
واشنطن أن ضغوط مورست على الرئيس صدام حسين كان آخرها وساطة مغربية وفرنسية، ولكن الرئيس
صدام رفض التوطين، ولم يستبعد جلال لطالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس الجمهورية
العراقية الحالي في زمن الاحتلال فكرة توطين الفلسطينيين في كردستان العراق، ولكن الأكراد
رفضوا الفكرة لأنها سوف تغير الخارطة الديموغرافية للإقليم، وعند ذلك طرحت الولايات
المتحدة منطقة الوسط العراقي ولكن الرئيس العراقي رفض، ولم يكن هدف إسرائيل والولايات
المتحدة الأمريكية من وراء هذه المشاريع حل قضية اللاجئين، ولكن كان هدف الدولتين هو
القضاء على كل ما من شأنه التذكير بعملية التطهير العرقي الواسعة التي ارتكبتها إسرائيل
بحق الشعب الفلسطيني، وإلغاء الهوية الفلسطينية، وتذويب الفلسطينيين في المجتمعات العربية
والدولية، وإنهاء الوجود المادي للمخيمات باعتبارها الشاهد الحي على اكبر عملية تطهير
عرقي في العصر الحديث، وإلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 الصادر في
11/12/1948 الذي وضع الأسس القانونية لحقوق اللاجئين الفلسطينيين في العودة واستعادة
الممتلكات والتعويض، وتفريغ المخيمات من اللاجئين الفلسطينيين، وتصفية القضية الفلسطينية،
وطرح مبدأ التبادلية بين اللاجئين الفلسطينيين وما يسمى اللاجئين اليهود التي تزعم
إسرائيل أنهم طردوا من البلاد العربية، ولذلك كانت الدولتان تطرحان مجموعة من الأفكار
للالتفاف على حق العودة ومنها
·
فكرة الوطن البديل
·
فكرة الخيار الأردني
·
فكرة الحكم الذاتي في أجزاء من الضفة الغربية وقطاع غزة
·
فكرة الدولة الفلسطينية المنزوعة السيادة والسلاح
·
فكرة السوق المشتركة للشرق الأوسط
·
فكرة السوق المشتركة لدول البحر الأبيض المتوسط ( الدول الأوربية والدول
العربية )
·
فكرة الشرق الأوسط الجديد
·
تحطيم الهوية الجماعية للاجئين ( تذويب الهوية الوطنية للاجئين )
·
الاستيطان والتوطين
·
السلام الاقتصادي
قناة البحرين الأحمر والميت التي تربط حياة الأردن والضفة بالعدو الإسرائيلي
الذي سوف يتحكم بشريان المياه ومحطات التحلية والمشاريع التي سوف تقام على جانبي هذه
القناة
·
مشروع برافر وضم أراضي النقب إلى دولة الكيان الصهيوني
·
خطة المناظر ( إحياء مشروع تهويد الجليل وخطة النجوم السبعة )
·
جدار الفصل العنصري
·
تهويد المعالم الأثرية والتراث
·
قضية اللاجئين بعد اتفاقية أوسلو
وبعد توقيع اتفاق أوسلو في 13/9/1993 أحيلت قضية اللاجئين إلى مفاوضات
الوضع الدائم، واكتفت الأطراف المتفاوضة للأسف الشديد بذكر القرار 242 الصادر في
22/11/1967 الذي يتعامل مع نتائج حرب حزيران 1967، والقرار 338 الصادر في
22/10/1973 الذي يتعامل مع نتائج حرب تشرين 1973، ولا ادري كيف وافق المفاوض الفلسطيني،
ولماذا وافق على هذين القرارين كمرجعية لقضية اللاجئين في الوقت الذي لا يوجد فيه أية
علاقة بين هذين القرارين وبين قضية اللاجئين، وكيف وافق ولماذا وافق على قطع العلاقة
بين قضية اللاجئين والقرارين 181 و194 اللذين يشكلان المرجعية الشرعية الدولية لقضية
اللاجئين، وكيف وافق ولماذا وافق على إحالة قضية اللاجئين إلى إطار تفاوضي يتكون من
عدة أطراف ومسارات وهي ( لجنة عمل اللاجئين الثنائية المتعددة المسارات ) مع الأردن
ولبنان وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية، الأمر الذي أدى إلى تحويل قضية اللاجئين
إلى قضية إقليمية عربية – إسرائيلية، وهذا بالطبع ما كانت تخطط له إسرائيل وتسعى إلى
تحقيقه، لأنه ينسجم مع موقفها الذي يقوم على التوطين بتواطؤ إقليمي، كما لا ادري كيف
وافق المفاوض الفلسطيني ولماذا وافق أن يتجاهل اتفاق أوسلو القرار 237 الصادر في
14/6/1967 الذي يتعامل مع قضية النازحين بعد حرب حزيران 1967 كمجموعة وليس كأفراد،
ويدعو إلى عودتهم الكاملة غير المشروطة، ويحيل هذه القضية إلى ( لجنة رباعية ) مكونة
من مصر والأردن وإسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ولهذا نجحت إسرائيل وللأسف الشديد
في آن تدخل كل تلك القرارات الدولية التي تشكل مرجعيات شرعية دولية لقضية اللاجئين
والنازحين في مناوراتها السياسية وفي متاهات التفاوض والمساومات حول من هو اللاجئ،
ومن هو النازح، وكم عدد اللاجئين، وكم عدد النازحين، وشروط عودة اللاجئين، وشروط عودة
النازحين، وتفسير القرار 242، وتفسير القرار 338، وتفسير القرار 237، وتفسير القرار
194، إلى أن وصلت إلى حد الإعلان عن عدم مسؤوليتها عن تهجير اللاجئين الفلسطينيين،
وفي سياق ذلك رفضت عودة اللاجئين استنادا إلى ذرائع إيديولوجية وديموغرافية وأمنية
وسياسية، ودعت إلى اعتبارهم جاليات موزعة في البلاد العربية يجب توطينهم في أماكن تواجدهم،
وحجتها في ذلك أن الحراك الجغرافي في عصر العولمة تجاوز حدود الدولة الوطنية والقومية
بحيث لم يعد هناك أي معنى للوطن والجنسية، وان الإبقاء على المخيمات الفلسطينية قرار
سياسي لابتزاز إسرائيل، ولذلك دعت إلى دمقرطة قضية اللاجئين واعتبارها قضية إنسانية
لحالات فردية تدرس كل واحدة منها على حده، خاصة وأن طول فترة اللجوء أدت إلى خلق سوسيولوجيا
مزدوجة فيها الاستمرار الاجتماعي والانقطاع الهوياتي والعرقي والطبقي في نفس الوقت،
وهو ما أدى إلى خلق علاقات مع الوطن المستقبل، وجعل إمكانية العودة الفيزيائية قرار
صعب، وهذا ما يستدعي إعطاء اللاجئ حرية الاختيار بين البقاء في الوطن المستقبل والعودة،
وهذا وللآسف الشديد ما يفسر ما يجري الآن من حديث عن إحياء مشاريع التوطين في الأردن
وسورية ولبنان والعراق، واستعداد كندا على استيعاب عدد من اللاجئين، وإعلان الولايات
المتحدة الأمريكية عن إنشاء صندوق دولي للتوطين والتعويض، وارتفاع بعض الأصوات الفلسطينية
التي تدعوا الفلسطينيين إلى توقع توقعات أكثر واقعية، لأن إسرائيل لا يمكن أن تقبل
بعودة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني لأسباب إيديولوجية وأمنية وسياسية وديموغرافية، وترويج
أفكار تدعي أن القرار 194 غير ملزم قانونيا، حتى وصل الأمر بالبعض إلى الحديث بلغة
الأرقام عن تكلفة التوطين والتعويض، وافتراض أن عودة اللاجئين مسألة بديهية افتراض
خطأ، وافتراض أن العودة مرتبطة بموضوع الاستيعاب المادي افتراض خطأ أيضا، لأن اللاجئ
ليس إنسان ذو بعد واحد وذو نزعة وطنية محضة يمكن أن يعود إلى الوطن بغض النظر عن موضوعات
تتعلق بالعمل وحرية التعبير والانتماء السياسي والحق في ممارسة حياته الشخصية والاجتماعية،
وهو الذي عاش في بلدان لها عادات وتقاليد تختلف عن العادات والتقاليد الرائجة في المجتمع
الفلسطيني، إضافة إلى تجربة السلطة الوطنية والاشتباكات الفلسطينية- الفلسطينية، وفي
هذا السياق جرى طرح شكلين للدولة الفلسطينية، الشكل الأول دولة ذات حيز جغرافي متغير
يعيش شعبها في أي مكان في العالم وأينما يذهب تذهب معه دولته، والشكل الثاني دولة ذات
جغرافية عابرة لحدودها وترتبط مع دول شتات شعبها باتفاقيات تسمح لهم أن يعيشوا في إطار
مواطنتين أو مواطنة عبر قومية، والآن وأمام هذه الصورة السوداء وهذا التناقض بين أيديولوجيات
تدعي احتكار المبادئ والأخلاق الإنسانية ومسلكية سياسية مبنية على نفي وسحق الآخر،
وأيديولوجيات ترى ضرورة الاعتماد على قوانين التاريخ ولكنها وبنفس الوقت لا ترى أن
حركة التاريخ لا تقع من ذات نفسها وهي شأن كل حركة تحتاج إلى وقود ووقود حركة التاريخ
هو طاقة الفعل الإنساني، وأيديولوجيات عاشت وقتها، ونظريات تقيئها مخترعوها، لا بد
من وقفة موضوعية مع النفس من اجل تصحيح مسار ومسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية وخاصة
في مجال قضية اللاجئين، تصحيح لا يعني استبدال كلمة مكان كلمة آو عبارة مكان عبارة
أو فقرة مكان فقرة، ولكنه يعني إعادة صياغة الجوهر والخروج من القوالب الفكرية المحنطة
والأيديولوجيات التي تقيئها مخترعوها والاتفاقيات التي عاشت وقتها، لأن مصالح الشعوب
ومصائرها وخاصة في وقت الأزمات تقتضي تنوعا في الأساليب والأدوات لا تغيب عنها الأهداف
الإستراتيجية، ولذلك يجب طرح قضية اللاجئين من زاوية واحدة فقط وهي زاوية حق العودة،
لأن فلسطين أرضنا ونحن طردنا منها ويجب أن نعود إليها، وهذا هو الفهم الطبيعي لقضية
اللاجئين، ولا أمن ولا أمان ولا سلم ولا سلام ولا قرار ولا استقرار إلا وفق هذا الفهم،
لأن قضية اللاجئين هي الأساس الذي يحمل أي حل للقضية الفلسطينية، والأساس لا يجوز أن
يكون موضع اختلاف أو خلاف، لأنه هو الذي يحمل البناية، وإذا كان عدد الطوابق أو عدد
الشقق أو مساحة كل شقة أو شكل كل شقة أو ديكور كل شقة يمكن أن يكون موضع خلاف أو اختلاف،
فإن عمق الأساس وحجم المواد اللازمة للأساس من حديد وأسمنت مسلح وخرسانة مسلحة وأعمدة
لا يجوز أن تكون موضع خلاف أو اختلاف أو تلاعب أو غش، لأن ذلك سوف يؤدي إلى انهيار
البناء وقتل السكان وإلحاق الضرر بالبنايات المجاورة، ولذلك يجب التمسك بنص الفقرة
( 11 من القرار 194 ) التي تنص على ما يلي
( تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة
إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم
العودة إلى ديارهم عن كل خسارة أو ضرر يلحقان بهذه الممتلكات، وتقتضي مبادئ القانون
الدولي أو الإنصاف من الحكومات أو السلطات المسؤولة أن تعوض عنهما ) إضافة إلى التمسك
بالتعويض للاجئين الذين لا يريدون العودة، والتعويض عن فقدان الممتلكات والأضرار التي
لحقت بها، والتعويض عن استغلال الممتلكات واستثمارها، والتعويض عن المعاناة والتشرد
والضياع، ورفض مشروع التبادلية في التعويض بين اللاجئين الفلسطينيين وما يسمون اللاجئين
اليهود التي تزعم إسرائيل أنهم طردوا من البلاد العربية، وهذا عكس الحقيقة، لأن هؤلاء
لم يطردوا ولم يجبروا على المغادرة، ولكنهم سافروا بمحض إرادتهم للاشتراك في قتال الفلسطينيين
وطردهم، ورفض فكرة الاستفتاء لأن مجرد قبول هذه الفكرة يضع القضية كلها في دائرة الشك،
ورفض فكرة البحث عن حل لأن القضية في الأصل والنهاية ليست قضية البحث عن حل ولكنها
قضية البحث عن حق. وأخيرا يجب التمييز بين القضية والسلطة، لأن القضية تجمع جميع الفلسطينيين
بكل اختلافاتهم الدينية والمذهبية والسياسية والاجتماعية ولكن السلطة حتى ولو افترضنا
أنها سلطة ديمقراطية فهي تعبر عن بعض الفلسطينيين مع اختلاف في نسبة هذا البعض من النسبة
الإجمالية للشعب الفلسطيني حسب درجة التزام السلطة بالأهداف الإستراتيجية للشعب الفلسطيني،
ولأن الشعب لا يتغير بالانتخابات ولكن السلطة هي التي تتغير بالانتخابات وبغير الانتخابات
أيضا إذا لزم الأمر، ولأن الشعب هو الذي يفوض السلطة لذلك يكون هذا التفويض محدود زمنيا
حتى موعد الانتخابات القادمة، ومحدودة موضوعيا بالبرنامج الانتخابي التي جري انتخابها
على أساسة، لذلك ليس من حق السلطة المحدودة زمنيا وموضوعيا أن تحكم من ضميرها المحدود
زمنيا وموضوعيا في قضايا غير محدودة زمنيا وموضوعيا مثل قضية حق عودة اللاجئين والتي
هي حق طبيعي وفردي ووطني وقومي وديني وقانوني وإنساني.
مصادر البحث
1 - د.خرفان سعد الدين، الصهيونية المسيحية وعلاقتها بالصراع العربي الإسرائيلي،
العروبة صحيفة يومية سياسية تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر، حمص
2008 العدد 12773
2 - اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف،
منشأ القضية الفلسطينية وتطورها 1917 - 1988، الأمم المتحدة نيويورك 1992
3 - جارودي روجيه، ملف إسرائيل، دراسة للصهيونية السياسية، دار الشروق
بيروت الطبعة الأولى 1983
4 - د. أبو ستة سليمان، حق العودة، المركز القومي للدراسات والتوثيق غزة
1999
5 - د. أبو ستة سليمان، اللاجئون الفلسطينيون الواقع الراهن والحل في
إطار حق العودة
المركز القومي للدراسات والتوثيق غزة الطبعة الأولى 2001
6 - د. حنفي سري، هنا وهناك نحو تحليل العلاقة بين الشتات الفلسطيني والمركز،
مواطن – المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية بالتعاون مع الدراسات المقدسية القدس
رام الله 2001
7- د. أبو ستة سليمان، حق العودة مقدس وقانوني وممكن، المؤسسة العربية
للدراسات والنشر بيروت ساقية الجنزير بناية برج الكارلتون
8- حجازي يوسف، أيام فلسطينية في القرن العشرين المركز القومي للدراسات
والتوثيق غزة 1997
9- واكيم واكيم، المهجرون الفلسطينيون في وطنهم، جمعية الدفاع عن حقوق
المهجرين الفلسطينيين في إسرائيل 2000
10- الحسن هاني عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، العودة إلى الينابيع،
في الخط السياسي المشاركة الفلسطينية في التسوية كيف تمت وكيف يجب أن تكون، مشروع للحوار
مقدم من هاني الحسن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح 1992