كفانا وعود... إعمار مخيم نهر البارد، حبراً على ورق
عبد الرحمن عبد الحليم- نهر البارد
سنوات وشهور وأيام وليال حالكات, مررن دون أن يحس بنا أحد لا من بعيد ولا من قريب, لا أحد يشعر بجرح البارد سوى أبنائه, فهم الذين عاشوا المأساة بتفاصيلها، وهم الذين تحملوا مرارة الأيام وقسوة الزمان ليحققوا الاستقرار والأمان وليعودوا من حيث خرجوا قسراً, ولكن اليوم بتنا نرى تراجع دور الأنروا في مواكبة تأثيرات الحرب الدامية التي قلبت حياة أهالي المخيم رأساً على عقب, وقد وضعت ملف مخيم نهر البارد على هامش جدول أعمالها كما نرى, وللأسف أيضاً غاب دور الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في بذل الجهد المفروض عليهم تجاه الضغط على الأنروا في تسريع وتيرة الإعمار والإلتزام بمواعيد تسليم الرزم، ولكف الكذب والألاعيب على أطفال ونساء ورجال المخيم المنكوب, وبعد كل هذا التواطؤ والإهمال من قبل الجهاة المسؤولة عن ملف العودة والإعمار، ألا نرى أن إعمار مخيم نهر البارد وعودة أهاليه حبرًا على ورق؟؟!
كنا قد ترصدنا لكم في العدد السابق بعض ما يحدث من لعب وأكاذيب على أهالي المخيم من قبل الأنروا وبعض الجهات المسؤولة, فيما يخص عملية الإعمار وعودة أهالي الرزمة الأولى إلى ديارهم, ولكن بدا لنا اليوم من خلال بعض المعلومات والمعطيات التي حصلنا عليها من مصدر خاص أن عودة المنكوبين إلى تلك الرزمة بعيدة المدى جداً, لأن مواعيد التسليم الكاذبة ما زالت تطلق وتؤجل من حين لآخر, ولأن آلية الإعمار ما زالت تحت وطأة الغش الحاصل في بناء الوحدات والمباني السكنية داخل المخيم القديم, ولو أردنا الحديث عن بعض أعمال الغش في الإعمار فسوف نجد أن حجم قسطل المجارير يبلغ 8 إنش, أي أن على أهالي المخيم وضع برنامج لتحديد مواعيد دخول الحمام لكل عائلة لكي يتسنى لجميع العائلات بنيل نصيبهم في دخول المرحاض، وذلك تحسباً من (تسطم المزراب) وهذا إن عادوا إلى المخيم أصلاً.
لا أريد المبالغة بالكلام , بل أريد أن أضعكم اليوم بما جد من معلومات تخص عملية الإعمار وتحديداً بعد الرسالة الأخيرة التي وجهتها الهيئة الأهلية إلى مدير قسم الطوارىء في الأنروا محمد عبد العال, فكان الرد على الرسالة من قبل مدير وحدة إدارة الشمال في الأنروا تشارلز هيغتر، حيث جاء في التالي حرفياً في الرسالة الرد:
السادة في لجنة الأحياء المحترمين،
نشكركم على رسالتكم المؤرخة في 10 كانون الثاني 2010 ونقدم لكم بعض التعليقات والردود على النقاط التي طرحتموها في رسالتكم في الأسفل .
1) نحن نتفق معكم في هذا ونرجعكم إلى وثيقة مؤتمر فيينا التي نصت على ما يلي حول منحة الأثاث:
4,3,6 البرامج الإجتماعية والإقتصادية
المجموع الجزئي : 37560000 دولار أميركي
سيتضمن برنامج النهوض الاقتصادي والاجتماعي للأنروا في مخيم نهر البارد تعويضاً يصل إلى 6000 دولار أميركي لكل عائلة من الـ 4600 عائلة وذلك لخسارتها الاحتياجات الأساسية من ممتلكات المنزل نتيجة للصراع . هذه الممتلكات تتضمن بعض البنود كالأجهزة، الأسرّة، ومستلزمات المطبخ المتنوعة.
كما تعلمون فإن هناك لجنة مشتركة تدعى لجنة الأثاث تتألف من أعضاء من المجتمع المحلي قد تم اختيارهم بواسطة اللجان الشعبية والفصائل وهي تعمل حالياً مع الأنروا لإيجاد صيغة تفاهم وسوف تقدم توصية بهذا الخصوص قريباُ، فإذا كان لديكم أي شكوى، الرجاء تقديمها إلى هذه اللجنة.
2) لا ترغب الأنروا بأي شيء سوى أن تكون قادرة على الالتزام بمواعيد محددة لتسليم الرزمة الأولى والثانية. ولسوء الحظ، فإن التجربة قد برهنت بأنه لا يمكن الالتزام بموعد نهائي في هذا المشروع وإن الفشل في تلبية المواعيد المحددة سوف يؤدي حتماً إلى خيبة أمل. بالإضافة إلى كل التحديات المعتادة كسوء الطقس، الخ...، وغيرها من العوامل التي يصعب قياسها بدقة وهي الخلافات حول المواد الصناعية، ضعف الإمدادات والموارد وعدم كفاية القوى العاملة، قصور في الإدارة من قبل المقاولين عدا عن صعوبات الوصول بسبب النظام الأمني في مخيم نهر البارد، ويمكننا أن نؤكد لكم بأن الأنروا لا توفّر أي جهد وتحاول جاهدة لتسريع تطور العمل في الرزمتين وتقليل التأخير في تسليم الرزم على سبيل المثال ، فإننا نقوم بمعاقبة المقاول على التأخير.
3) تقوم الأنروا بمحاولة تسليم الشقق بحالة جيدة وبدون مشاكل فنية . وسوف تعطي فترة سنة بعد تسليم الشقق بحيث يكون المقاول مسؤولاً فيها عن أي عيوب في البناء. أما تغيير تصميم الشقق فهو أمر مكلف يتطلب النظر فيه بعناية. وسيعتمد على قوانين ومبادىء توجيهية وسيتم مراجعته بواسطة لجنة من هيئة العمل الأهلي والإعمار قبل إرساله إلى الأنروا. بالإضافة إلى أنه يجب التبليغ عن أية أضرار في الوقت المناسب ليتم تنفيذها خلال الإعمار. فأي عائلة لديها مشاكل بشقتها يجب أن تجتمع بالفريق في هيئة العمل الأهلي والإعمار ليتم تسجيل شكواهم خطياً . وسيتم التعامل مع مشاكلهم بشكل فوري.
ولو أردنا التعليق على هذه الرسالة أو تحليل بعض مضامينها فإننا سنجد أن الأنروا تسعى إلى الخروج من دائرة تحمل المسؤولية تجاه إعمار المخيم وعودة أهله، لذا فإنها تقوم بتشكيل لجان أهلية من أبناء المخيم بالتنسيق مع فصائل المقاومة الفلسطينية واللجان الشعبية، لتصبح تهم التقصير والشكاوي توجه إلى تلك اللجان بدلاً من الأنروا، وبمعنى آخر إنها تسعى لزرع الفتنة بين أبناء المخيم من خلال وضع المسؤولية الكاملة على عاتق تلك اللجان، فمثلاً هي مسؤولة عن إستقبال الشكاوي من الناس والتي لا تعد ولا تحصى، إذ أن تلك الاعتراضات والشكاوي ستؤدي إلى تصادم الناس مع هذه اللجان أي تصادم أبناء المخيم مع بعضهم البعض هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى فإن الأنروا تحمل الطقس والعوامل الطبيعية في التأخير بتسليم الرزم، هذا يقودنا إلى سؤال عقلاني، هل من المعقول أن المقاول لا يقدر تلك الأيام التي تؤخر مشروعه؟ بالتأكيد أن هناك وقت يضاف على فترة إنهاء المشروع لأنه يعلم أن هناك عدة أمور تطرأ بشكل مفاجىء عليه، مثل الأمطار وأيام عطل الأعياد، فكفانا كذبًا فنحن لم نأت من عالم المريخ ، بل نعلم بكل تلك الأمور.
وبالنسبة لعمال مخيم نهر البارد داخل القديم، فلا تزال عملية الإضطهاد من قبل الشركات تطالهم، حيث أوقف عن العمل بتاريخ 31/1/2011م ما يقارب الـ 80 عامل من أبناء مخيم نهر البارد، حيث تم استبدالهم بعمال سوريين وذلك بحجة أنهم غير أكفاء في العمل، ونحن نعلم مدى كفاءة العامل الفلسطيني في عمله وإخلاصه به، فكيف إن كان يقوم بإعمار بيته ومخيمه فإنه حتماً سيقوم بجبل الطين بدماء شرايينه في حال فقد الماء، لكي يحقق حلم العودة لأبنائه وأهله الذين يعيشون على حلم العودة.
وفي ظل هذا الواقع المرير، فإننا نطالب الحكومة اللبنانية ورئيسها الجديد "نجيب ميقاتي" باتخاذ قرار سياسي لإنهاء مأساة أبناء المخيم تنفيذاً للبيان الوزاري وترجمة لوعود الحكومة اللبنانية السابقة لنازحي المخيم والتي أطلقها الرئيس السابق "فؤاد السنيورة" في ذلك الوقت بأن النزوح مؤقت، العودة مؤكدة والإعمار محتم.