كل شيء ينهار حول الفلسطينيين
أمنون لورد
في موضة التشخيص لشرطة الافكار تجاه
الاسرائيليين والفلسطينيين يتغير من موسم الى موسم. مرة رام الله هي اوشفتس ومرة
هنا ومرة هناك. ومرة اسرائيل هي على الاطلاق نازية والفلسطينيون آخر اليهود. مرة
احتلال ومرة استغلال ومرة تطهير عرقي. التطهير العرقي كان في الموضة عندما وقعت
المأساة الفظيعة لحروب البلقان في العقد الاخير من القرن الماضي. ودائما أبرتهايد.
منذ عهود موجة الدعاية المناهضة للصهيونية في الاتحاد السوفييتي في نهاية
الستينيات والسبعينيات، ولكن بالطبع بات هذا أكثر التقاطا في العقد الاخير.
منذ عهد وزيرة الخارجية الامريكية، كونداليزا
رايس، فان شخصية السود البيض اجتازت عملية ترميم. أبرتهايد أقل، سود أكثر في دول
الجنوب في العهود اياها ما قبل حركة حقوق المواطن. ومؤخرا، يوجد احتدام:
الفلسطينيون هم مثل العبيد السود في الولايات المتحدة في القرن الـ 19. تشخيص واحد
فقط ينقص: لموزعي العلامات ومنتجي الصيغ الثقافية لدى جدنوف وستالين، اللذين أمليا
الموضات الثقافية بين العديد من المفكرين في الغرب قبل سنوات عديدة.
شيء واحد فقط يصعب على رجال شرطة الافكار شرحه،
او لغرض الموضوع نفيه: للمثقفين المؤيدين للفلسطينيين وللمجموعات السياسية التي
خلقت لنفسها قواعد قوة في اسرائيل وفي العالم وللفلسطينيين ورجال دعايتهم توجد
قدرة وصول حرة واسعة الى الرأي العام الاسرائيلي. هذا لن ينفيه أحد. لديهم قدرة
على ان يدخلوا رسائلهم بشكل حر من خلال قنوات الراديو، التلفزيون والصحافة
المكتوبة. العكس، هذا يميل الى منحهم أكثر مما يسمى في وسائل الاعلام "الزمن
المتساوي". ومع ذلك، فقد فشلوا حتى اليوم في اقناع الجمهور الاسرائيلي
بحججهم. فهم يجدون صعوبة في اقناع الجمهور الاسرائيلي بتقديم التنازلات اللازمة كي
يكف المثقفون عن ادانتهم بصفتهم مستعبدين للآخرين، نازيين ومنفذي قتل الشعب.
هناك سببان أساسيان لفشل المدفعية المؤيدة
للفلسطينيين. لا اريد أن ادعي بان الفشل الدعائي هذا يفشل ايضا التنمية الاجتماعية
الفلسطينية ويمس بالمصالح الاجتماعية الانسانية الاساسية فيها، لأنه من الصعب أن
نرى من يخوض الكفاح المؤيد للفلسطينيين وزعماء الفلسطينيين أنفسهم يسعون الى تحقيق
اهداف كهذه. وبالفعل، فان هذا أحد الاسباب لماذا لا يقتنع الاسرائيليون. فهم
يلاحظون الميل العميق: الحرب المناهضة لإسرائيل بكل مستوياتها الدعائية،
الارهابية، الدبلوماسية والاقتصادية تستهدف قبل كل شيء المس بإسرائيل ان لم يكن
تصفيتها تماما؛ وهي ليست موجهة لتحقيق مصالح وطنية حقيقية للفلسطينيين.
السبب الثاني لفشل الكفاح المناهض لإسرائيل
الاوروبي الفلسطيني "هو احساس العدل العميق لدى الاسرائيليين، والى جانبه
احساس القوة الذي لم يكن موجودا في الماضي. عن روسيا يقال ان مكانتها تعززت جدا
مثلما لم يسبق أن حدث منذ الامبراطورية السوفييتية.
ولكن في الامور المقررة للمستقبل، روسيا تضعف
على نحو مستمر. بالنسبة لإسرائيل الواضع معاكس: فهي احيانا تبث ضعفا ولهذا فانها
تستدعي الضغوط. ولكن في الامور المقررة هي أقوى مما في الماضي.
العالم، بقدر ما يوجد شيء كهذا، يعترف أكثر
فأكثر بأهمية دولة اسرائيل وبالمكان الذي تحتله في الحقول الهامة للإنسانية.
وبينما لا يزال الفلسطينيون ومساعدوهم الأكاديميون يتسلون بلوائح اتهام استعمارية،
توجد اسرائيل بعيدا مما في الماضي. فهي مجدية للأسرة الدولية في الاقتصاد، في
العلوم، في الثقافة، في مجالات الامن والاعتبارات الجغرافية السياسية. اولئك الذين
يقاتلون ضدها يمثلون، مثلما هو دوما في تاريخ الصراعات المناهضة لليهود، نوعا من
الرجعية، رفض التقدم والحرية.
لو كان مؤيدو الفلسطينيين مثل سفير الاتحاد
الاوروبي في اسرائيل او مثقفون وسياسيون اسرائيليون يريدون حقا مساعدة
الفلسطينيين، لكانوا ينقلون إليهم رسالة لا لبس فيها: انظروا حولكم. العالم العربي
الذي عرفتموه ينهار على سكانه. مستقبلكم ورفاهكم يكمنان في توجه التعاون العميق مع
اسرائيل. وفقط الشراكة والسلام سيضمنان مستقبل ابنائكم. استراتيجية الكفاح
المناهضة لاسرائيل ستحكم عليكم بالتخلف والمعاناة المستمرين.
معاريف 9/2/2014
القدس العربي، لندن، 10/2/2014