كيف تحول مقاتلوا "النصرة" بعين الحلوة...
إلى أشباح؟
برهان ياسين - قلم
لا احد يدري ماذا يحصل، حتى من هم يسكنون في أزقة
المخيم الضيقة، باتوا يشعرون أنفسهم يعيشون في مكان آخر، فكل يوم تفاجئهم هواتفهم الجوالة
برسالة على "الواتس آب" تحوي مقالا منشورا في إحدى الصحف لبنانية،او بالأحرى
قصة بوليسية من نسج الخيال صيغت لتكون على شكل مقال صحفي،ومحور تلك القصص كلها، عناصر
مسلحة تابعة لـ"جبهة النصرة" في مخيم عين الحلوة.
صحيفة الأخبار اللبنانية، ستكون بداية الرحلة معها،
لنعرف كيف تتبدل فصول الحكاية عند الراوي نفسه في ثلاثة أشهر، فقد كتبت الزميلة آمال
خليل تقريرا مشتركا مع الزميل قاسم قاسم تحت عنوان " عين الحلوة في إنتظار ولادة
فرع لـ جبهة النصرة " في العدد 1922 يوم الاثنين 4 شباط 2013، وقد ذكر الصحفيان داخل تقريرهما انه
"من مخيم عين الحلوة سيتجهز المقاتلون للمشاركة في «الجهاد» في سوريا....التذخير
جارٍ على قدم وساق، كذلك الأمر بالنسبة إلى تدشيم المواقع الأمنية في حيّ الطوارئ..
لا تقف استعدادات الإسلاميين عند هذا الحد؛ إذ سيطروا على 50% من مساحة المخيم، فيما
الخمسون الباقية هي للفصائل مجتمعة... وأجرى أنصار الجبهة، في الفترة الماضية، تدريبات
عسكرية في منطقة البساتين في المخيم. وظهورهم كان علنياً ومن دون أقنعة، على عكس ما
جرت العادة، وفي وضح النهار" وطبعا كل هذا الكلام منسوب لمصدر أمني فلسطيني لم
يذكر أسمه.
إذا فالمخيم مليء بالمسلحين التابعين لـ "النصرة"
والكل يراهم ويتجولون بحرية ويجرون تدريباتهم بالبساتين وكل ذلك تحت مرأى أهالي المخيم
!! طبعا هذا الطرح ليس منطقيا، فأهالي المخيم لم يروا ايّا من تلك المشاهد داخل أحيائهم
الشعبية، مما اثار موجة إستياء في عين الحلوة رفضا للتقرير ما دفع الصحفية آمل خليل
للدخول الى عين الحلوة ولتأكد من معلومات مصدرها الأمني.
وبعد إنتهاء زيارتها للمخيم في مطلع شهر أيار الماضي
اي بعد ثلاثة أشهر من تقريرها السابق، أحست خليل انها بالغت في وصف واقع ليس موجودا
سوى في مخيلتها،فعادت لتكتب في "الأخبار" تحقيقاً آخر تحت عنوان "إسلاميو
عين الحلوة: ارحمونا من تهـمة النصرة" في العدد 1996 بتاريخ 4 أيار 2013،وفي هذا التحقيق تحوّل كل أولئك المقاتلين
الى مجرد أشباح لا يخرجون في الضوء،يسمع الأهالي عنهم في "الواتس آب"،ولكن
لا أحد يراهم، فتقول : "البعض لفت نظرنا إلى أننا تحت الشمس لن نعثر على شيء،
مشيرين إلى ظهور مقنعين مسلحين يتجولون في الأحياء تحت جنح الظلام".
كيف ذلك؟؟ لا أحد يدري؟؟ فهل مصدر الأخبار الأمني
الفلسطيني المجهول كذب عليهم عندما سرد روايته لهم،هذا إن هناك مصدر في الأصل !!. بعض
اهالي المخيم اصبحوا اليوم يستمتعون بقراءة تلك المقالات،كيف لا وهي تكتب بأسلوب تشويقي
مبدع إستعمل فيها الكاتب اروع انواع الكتابة المسرحية والسينمائية،لكن قسما آخر من
أهالي المخيمات إستشعر الخطر المحدق الذي تحويه تلك المقالات والتحقيقات والتي ترسم
صورة مغايرة تماما لواقعها، صورة جعلتهم يظنون انهم يعيشون في مكان آخر غير ذلك الذي
تحصل فيه مجريات قصص صحيفة "الأخبار"، واللافت ايضا ان كاتبها لا يلبث ان
يتراجع عنها،ما يدفع للتساؤل : لماذا كتبها في الأصل؟؟