كيف ستحتفل غزة بيوم الأرض..!!
بقلم: عماد عفانة
سبعة وثلاثون عاماً مرت على انتفاضة يوم الأرض ولا يوجد
في غزة حتى الان أي أثر يدل على تخليدها لهذا اليوم الذي انتفض فيه اهلنا في
الجليل والمثلث، عرابة وسخنين ودير حنا للدفاع عن اراضيهم من المصادرة والسرقة
الصهيونية فارتقى منهم ستة شهداء إلى ربهم على طريق درب الشهداء الذين عمدوا طريق
الحرية بدمائهم الزكية.
اذا كانت الانتفاضة 1987 ما هي الا استمرار ليوم الأرض
الذي مثل مشعل نور على طريق الجهاد المتواصل ضد الغاصبين والمحتلين، وحصيلة
تراكمات لمقاومة الشعب الفلسطيني، فان انتفاضة الأقصى تعد استمراراً لجهاد ومقاومة
هذا الشعب العظيم بأبطاله ورموزه جميعاً.
وهكذا يستمر الشعب الفلسطيني في جهاده ومقاومته، متنقلاً
من مرحلة إلى أخرى، ومن حرب الفرقان إلى حرب حجارة السجيل، ولا يبقى من آثارها
لأجيالنا القادمة ولقوافل أمتنا الزائرة إلا النزر اليسير ليطالعوه وليشهدوا على
هذه الاسطورة المستمرة.
تجرف آثار الدمار ويحل محلها الاعمار ولا يتبقى إلا
بقايا من وجع وألم وآهات مكتومة، وكثير من الأيتام والأرامل الذين يتيه ذكرهم في
زحمة المآسي التي تتكالب على شعبنا وفي مقدمتهم أسرانا الذين ما زالوا يواجهون
المحتل في الخندق المتقدم بأمعائهم الخاوية.
لما كنا صغارا كان يوم الأرض يمثل لنا يوم انتفاضة وثورة
على المحتل تستمر يوما او بعض يوم ثم تهدأ بعد ان نرشق بأيادينا الصغيرة ولكنها
بتجمعنا كانت كثيرة دوريات ومواقع العدو ببعض الحجارة وبكثير من العزيمة والإرادة.
مضت الأيام وتعاقبت السنون وذهب جيل وحل محله جيل، وما
زالت الاجيال تترى، وغابت مواجهات يوم الارض من مشهد غزة، فيما بقيت بعض الصور في
زوايا الذاكرة، لكنها غابت عن ذاكرة الأجيال الصاعدة اللهم إلا من بعض الاشارات
والقصص والأخبار هنا وهناك.
إذا كان يوم الأرض يوماً في مواجهة مصادرة الأرض
واستخراب العدو فيها، فان كل يوم ينبغي أن يكون يوما عظيما للأرض في ظل التغول
المتسارع لمصادرة الارض وتهويد المقدسات التي تجاوزت كل الحدود، وفاقت كل
التصورات، حيث لم يسلم شجر ولا حجر، ولا أرض مأهولة أو فارغة، فالتجريف والهدم
والدمار قد وصل كل الأماكن، وزرعت المستخربات في كل مكان، فحاصرت المدن والقرى،
وضيقت الخناق على الإنسان والشجر والحيوان، حتى أضحى شعبنا سجيناً في مدنه وقراه،
وخلف جدران الفصل العنصري.
فهل سيبقى يمر يوم الأرض يوماً كبقية الأيام التي نحتفل
بها في كل عام ثم يتفرق المحتفلون دون ان يورثوا اجيالنا القادمة ذاكرتهم الممتشقة
بحكايات الشهداء والأبطال..!!.
هل سنبقى نحتفل بيوم الأرض حتى يأتي وقت لا نجد فيه أرضا
نحتفل عليها بيوم الأرض..!!
هل ستبقى مساحات أحلام بعض قادتنا تتقلص وتتقلص حتى لا
يبقى من الحلم إلا مجرد ذكريات وبقايا من أوهام..!!.
لن يعيد الأرض إلا أصحابها، ولن يحرثها سوى من رواها
بدمه، ولن يعمرها بحق إلا من دفأها بأشلائه وأوجاعه،،،، فيهات هيهات أن يموت شعب
لا يعشق إلا أرض الشهداء والأنبياء.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام