كي لا يكون الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين
بقلم: د.عصام عدوان
دائماً كان الأردن ينفي أن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين. منشأ هذه الشبهة التي لاحقت الأردن منذ نشأته أن بريطانيا قررت تأسيس كيان في الأردن منفصل عن التزاماتها في وعد بلفور من أجل أن يستوعب الفلسطينيين الذين سيتم إخراجهم من فلسطين تطبيقاً لوعد بلفور. هذا ما أقر به أحد الحكام المساعدين لهربرت صموئيل، والذي كان حاكماً على منطقة إربد وعجلون، وذلك في كتابه "خشخشة الأشواك". سلوك القيادة الأردنية دعم هذه الشبهة منذ أن قبل الأمير عبد الله (الأول) ضم الأجزاء العربية من فلسطين وفقاً لتقسيم لجنة بيل الملكية البريطانية في عام 1937م. ثم قبل بضم القسم العربي وفقاً لقرار تقسيم فلسطين رقم 181 في عام 1947م ودخل الحرب من أجل الحفاظ على هذا القسم تحت قيادته. وبعد الحرب بذلت القيادة الأردنية جهودها من أجل ضم الضفة الغربية إلى الأردن، وجرت انتخابات برلمانية مشتركة وتم تشكيل حكومة مشتركة. وأكد الدستور الأردني في مادته الأولى وحدة أراضي المملكة الأردنية الهاشمية؛ في إشارة إلى شقيه الشرقي والغربي. وقد خشي الأردن من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، واحتاج أحمد الشقيري لبذل جهود كبيرة حتى أقنع الملك حسين بأن المنظمة لن تمثل الفلسطينيين في الأردن، وإنما سيقتصر عملها غرب الضفة الغربية. ظلت مخاوف الأردن شاخصة وهو يرى العالم يعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للفلسطينيين في عام 1973م، فلم يعترف بذلك حتى حصل من ياسر عرفات على مقايضة بأن الفلسطينيين في الأردن هم أردنيون، وأن المنظمة لا تمثلهم، وإنما تمثل الفلسطينيين في سائر أماكن تجمعهم. هذا السلوك الأردني يؤكد حرصه الدائم على نفي صفة الفلسطينية عن فلسطينيي الأردن. هذا الأمر لن يعجب الأردن وسينبري ناطقوه لينفوا ذلك، وليؤكدوا كالعادة أن الأردن لن يكون وطناً بديلاً للفلسطينيين. هذا النفي بحاجة إلى دليل.
هذه الأيام تتفق الفصائل الفلسطينية على إجراء انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني حيثما أمكن. فما الذي يمنع الأردن من أن يغتنم الفرصة ليؤكد صدق مقولته بالدليل العملي لا بالأقوال؟ إن سماح الأردن للفلسطينيين المتواجدين في أراضيه جميعهم بالمشاركة في انتخابات المجلس الوطني، وبتسجيلهم في سجلات الناخبين يكون دليلاً قاطعاً لا شبهة فيه بأن الأردن حريص على فلسطين وشعبها، وأنه لن يكون بديلاً عن وطنهم فلسطين. إن قيام الأردن بهذا الواجب القومي تجاه الفلسطينيين سيكون أمراً مقدّراً وموضع إعجاب وترحيب كبير من الفلسطينيين، وسيكتسب مكانة مرموقة في نفوسهم، وقد يسهم ذلك في تهيئة الأجواء أمام مشاريع وحدة بين القطرين الشقيقين في أقرب فرصة. إن الأردن لن يخسر شيئاً من سماحه لفلسطينييه بالانخراط في العملية الانتخابية للمجلس الوطني الفلسطيني. ويمكنه الاتفاق مع منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية على آلية لضمان عدم تكرار التمثيل للفلسطينيين، وأن الفلسطينيين أمام خيار عضوية المجلس الوطني الفلسطيني أو البرلمان الأردني. وعضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أو الحكومة الأردنية. وليس هناك ضرر على الأردن من ممارسة الفلسطيني لحقه في الانتخاب المزدوجة للبرلمان الأردني وللمجلس الوطني الفلسطيني، المهم أن لا يكون هناك ازدواجية في عضوية الهيئات التنفيذية والتشريعية.
ما هو مطلوب من الأردن سهل وبسيط:
1- أن يوقع اتفاقاً مع منظمة التحرير ينظم العلاقات الانتخابية المتداخلة، وما ينبني عليها من حقوق وواجبات.
2- أن يمنح الأردن لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية المكلفة بالإشراف على عملية انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني نسخة من السجل الوطني للناخبين الفلسطينيين لديه.
3- أن يسمح لتلك اللجنة من تسجيل الناخبين الفلسطينيين غير المسجلين في السجل الوطني الأردني، وهم اللاجئون في المخيمات.
4- أن يسمح بإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني في موعدها الذي يقرره الإطار القيادي المؤقت للمنظمة. وأن يوفر مراكز انتخابية في أراضيه.
إن على الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير والإطار القيادي لها أن يبذلوا كل جهدهم لإقناع الأردن بجدوى هذه الانتخابات، وبعدم مساسها بسيادته ووحدة شعبه. وأن يستمروا في المحاولة. وكما نقول لا انتخابات بدون القدس، يجب أن نتفق جميعاً على أنه لا انتخابات بدون فلسطينيي الأردن الذين يشكلون 40% من مجمل فلسطينيي العالم. لن نبيع شعبنا، ولن نقبل بالتفاوض على فلسطينية أي فلسطيني. ومن يحترم شعبنا وحقه في تقرير المصير عليه أن يفسح المجال أمام الفلسطينيين للمشاركة في انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني.