القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

مؤامرات توطين اللاجئين الفلسطينيين وتصفية حق العودة ما زالت مستمرة

مؤامرات توطين اللاجئين الفلسطينيين وتصفية حق العودة ما زالت مستمرة

بقلم: محمد أبو لبدة

شكلت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في دول الشتات وفي الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس الشريف الدليل الابرز والشاهد الأساس على قضيتهم منذ النكبة وحتى اللحظة على أمل العودة الى ديارهم التي طردوا منها تحت تهديد السلاح وهرباً من المجازر والمذابح التي ارتكبت بحق ابناء جلدتهم في اطار المؤامرة الكبرى التي قامت بها الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا بإقامة وطن لليهود في بلادهم بعد ان يتم تشريدهم واذابتهم في البلدان المجاورة.

ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم والمؤامرات الدولية تحاك في محاولة للقضاء على هذه المخيمات والتي هي ايضاً معلم من معالم النكبة، وصولاً الى توطين اللاجئين في الدول التي تتواجد فيها هذه المخيمات او السماح لهم بالهجرة الى دول اوروبية او توطينهم في سيناء لمنع عودتهم الى ديارهم التي شردوا منها.

وقد فشلت حتى الآن هذه المحاولات التي شاركت بها الى جانب الدول الاستعمارية، ربيبة هذه الدول وهي اسرائيل وكذلك بعض القوى والحكومات العربية التي لا تريد ان تعمل من اجل اعادتهم الى ديارهم وتحمل تبعات مواجهة اسرائيل التي ترفض تطبيق حق العودة الذي اقرته الأمم المتحدة استناداً للقرار ١٩٤ الذي يدعو الى عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم في اقرب وقت ممكن.

كما حاولت ايضاً وكالة الغوث المسؤولة عن هذه المخيمات في بعض الاحيان التجاوب مع المؤامرات الدولية لتوطينهم والتخلص من قضيتهم وذلك من خلال تقليص الخدمات التي تقدمها لهم وعدم تحسين اوضاعهم المعيشية والانسانية والصحية .. الخ.

واليوم نشهد محاولات جديدة لإزالة هذه المعالم توطئة لانهاء قضيتهم التي تدل على عجز الدول العربية والاسلامية في ارغام المجتمع الدولي واسرائيل على تنفيذ قرار حق عودتهم الى ديارهم ووطنهم فلسطين.

ففي العراق رغم انه لا يوجد مخيمات فيها لرفض الحكومات العراقية منذ النكبة ان تكون وكالة الغوث هي المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين فيها لاسباب لا مجال لذكرها هنا، الا انه منذ الغزو الاميركي والغربي لهذا البلد العربي عام ٢٠٠٣ والمؤامرات ضد الفلسطينيين هناك قائمة على قدم وساق من خلال قتل العديد منهم وتشريد الآلاف واعتقال المئات والزج بهم في غياهب السجون واعدام بعضهم والحكم بالسجن المؤبد على العديد منهم وذلك بتواطؤ اميركي وغربي واضح.

وحسب الاحصائيات الرسمية فإن عدد الفلسطينيين في العراق كان قبل الغزو ٤٠ الف فلسطيني وكانوا يعيشون في اوضاع معيشية لا بأس بها واليوم بسبب استهدافهم لم يبق منهم سوى ٣٥٠٠ لاجىء ووفقاً لاحصائيات اخرى فإن العدد اقل من ذلك والباقي اما اضطر للهجرة مرة اخرى الى الدول العربية المجاورة او الى اوروبا بعيداً عن بلادهم التي حلموا ولا يزالوا يحلمون من اجل العودة اليها.

كما ان الآلاف منهم يعشون في مخيمات على الحدود مع سوريا في اوضاع مزرية وغير انسانية، دون ان تحرك منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية ساكناً من اجل انقاذهم مما هم فيه باستثناء تسليم الرئيس ابو مازن قائمة للحكومة العراقية باسماء سجناء فلسطينيين اثناء عقد القمة العربية في العراق قبل عدة سنوات ومطالبته لها بالافراج عنهم ولكن بعدها لم يتم متابعة الموضوع وكأن مسؤولية الفلسطينيين في بلدات الشتات لا تقع على عاتق منظمة التحرير التي هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده.

وفي سوريا فإن هناك مؤامرة كبرى من اجل تصفية المخيمات وتشريد اللاجئين الفلسطينيين لانهاء قضيتهم التي تؤرق الدول العربية وتكشف عجزهم عن المساهمة في اعادتهم الى ديارهم ومواجهة اسرائيل.

فالحرب الأهلية التآمرية في هذا البلد استهدفت ايضاً مخيمات اللاجئين الفلسطينيين التي جرى تدمير العديد منها وتهجير سكانها هجرة جديدة ربما هي اسوأ من هجرة عام ٤٨م لأن هذه الهجرة الجديدة هي بأيد عربية متواطئة مع الدول الغربية وتحديداً الولايات المتحدة الاميركية.

فعلى سبيل المثال فإن اكبر مخيم للاجئين في سوريا هو مخيم اليرموك الذي كان يضم اكثر من ١٦٠ الف لاجىء فلسطيني عدا عن سوريين، ولا يقطنه الآن سوى عشرة آلاف لاجىء فلسطيني يعيشون في ظروف معيشية غاية في السوء حيث النقص في الغذاء والماء ومحاصر من جميع الجهات وسيطرت على جزء كبير منه حركة داعش الارهابية، وقد استشهد المئات من ابنائه في هذه الحرب المدمرة والباقي إما هاجروا هجرة ثانية الى الدول العربية المجاورة او الى اوروبا وتركيا او غرقوا في البحار بعيداً عن وطنهم.

ونفس الشيء ينطبق على المخيمات الأخرى في سوريا والمنتشرة في مناطق حلب وحمص ودرعا وغيرها حيث أدت الحرب الأهلية التي طالت هذه المخيمات الى تدمير الجزء الاكبر منها الأمر الذي دعا اهلها لهجرها هرباً من الحرب والدمار الذي لحق بها ولم يبق في سوريا من اللاجئين الفلسطينيين سوى ١٠٪ من اللاجئين الذين يعيشون في ظروف حياتيه صعبة ولاانسانية مؤلمة حيث لا طعام ولا شراب والمجاعة متفشية خاصة في مخيم اليرموك حيث توفي العديد من الاطفال نتيجة سوء التغذية وانعدام العلاج وتقصير وكالة الغوث تحت ادعاءات عدم قدرتها الوصول الى المخيمات جراء الحرب الأهلية الطاحنة والتي دمرت سوريا.

اما في لبنان فحدث ولا حرج ، فأوضاع المخيمات هناك بائسة لعدة اسباب منها تدمير بعض المخيمات وعدم اعادة بنائها من جديد كمخيم تل الزعتر ومخيم نهر البارد وكذلك اجراءات السلطات اللبنانية التي تحول دون تحسين ظروف معيشتهم وكذلك تقليصات وكالة الغوث التي ادت جميع هذه العوامل الى هجرة ابناء هذه المخيمات للخارج بحثاً عن العمل لتحسين اوضاعهم.

فعلى سبيل المثال فإن اكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان هو مخيم عين الحلوة فهو منذ انشائه حتى اليوم وهو مقام على نفس المساحة رغم التزايد السكاني، كما ان بيوته آيلة للسقوط في اية لحظة وازقته ضيقة ولا يصلح للعيش الى جانب ضمه لعدد من الأسر الفلسطينية التي اضطرت للهجرة من سوريا الى لبنان.

وحسب الاجراءات اللبنانية فإنه يحظر على اللاجئين الفلسطينيين في لبنان العمل في عدة مهن وهي حوالي ٧٥ مهنة الأمر الذي يجعلهم يعيشون في ظروف سيئة للغاية.

وقد دفع ابناء مخيمات لبنان اثمانا باهظة في الدفاع عن الثورة الفلسطينية حيث دفعوا ثمن الحرب الاهلية التي اندلعت هناك في السبعينات وكذلك دفعوا ثمناً باهظاً في مواجهة الاعتداءات والاجتياحات الاسرائيلية للجنوب اللبناني وصولاً الى بيروت ومجازر صبرا وشاتيلا.

والآن تشتد المضايقات عليهم في اطار المؤامرة الكبرى التي تستهدف هذه المخيمات توطئة لتصفية حق العودة.

اما المخيمات الفلسطينية في الاردن فإن عدد اللاجئين هناك هو الاكبر ورغم ان اوضاعها افضل من بقية مخيمات اللاجئين في الدول العربية المجاورة. الا انهم يعانون حيث الكثافة السكانية في المخيمات والنقص في الخدمات المقدمة من وكالة الغوث والتفرقة بين الاردني الاصلي والاردني من اصل فلسطيني.

صحيح ان الاردن منح الفلسطينيين اللاجئين فيه جوازات سفر اردنية سهلت عليهم الكثير، بدلاً من وثائق السفر التي منحتها لهم سوريا والعراق ولبنان، الا ان معاناة اللاجئين في هذا البلد وان كانت اقل من معاناة اخوانهم في الدول الأخرى الا انهم يعانون من محاولات التوطين وتصفية حق العودة.

وباختصار شديد فإن ما يجري بحق المخيمات الفلسطينية في بلاد الشتات هو مؤامرة جديدة تشارك فيها العديد من الدول لتصفية حق العودة وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في البلدان التي يتواجدون فيها او في اوروبا وامريكا بعيدا عن وطنهم الذي شردوا منه عنوة وقسرا حتى لا يساهموا في الدفاع عنه وفي النضال من اجل العودة.

اما على صعيد مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية وقطاع غزة بما في ذلك القدس، فهي ايضا مستهدفة من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي بهدف تهجير اهلها منها،فقد شاهد العالم ما فعله شارون في مخيمات القطاع خاصة مخيم جباليا حيث دمر العديد من منازله يحجه شق شوارع، كما ان تضييق الخناق على مخيمات الضفة قائم ومتواصل وفرض حصار خانق على مخيم شعفاط، وتدمير مخيم جنين كل ذلك من اجل ارغام اللاجئين على تركها بصفتها كما ذكرنا معالم على محنة اللاجئين الفلسطينيين ودليل على ظلم العالم وذوي القربى.

ان هذه المؤامرة الجديدة التي تستهدف المخيمات الفلسطينية خاصة في دول الشتات وتقاعس منظمة التحرير عن القيام بدورها في افشال هذه المؤامرة يتطلب من المنظمة وكافة فصائل العمل الوطني والاسلامي العمل بجدية على افشال هذه المؤامرة التي تأتي تحت ستار ايجاد حل للقضية الفلسطينية بدون حق العودة خاصة وان حكومة الاحتلال الاسرائيلي تسعى بدعم اميركي الى الضغط على السلطة الفلسطينية كي تعترف باسرائيل بأنها دولة الشعب اليهودي الامر الذي يعني التنازل عن حق العودة.

كما يتطلب الامر الضغط على وكالة الغوث من اجل وقف تقليص خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين لان عملية التقليص هي جزء من المؤامرة الدولية التي تستهدف ازالة مخيمات اللجوء وصولا الى التوطين وانهاء حق العودة.

المصدر: القدس دوت كوم