مؤامرة تفكيك «أونروا»
بقلم: د. فايز رشيد
تأكيد رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو
على ضرورة «تفكيك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»،
لأنه (من وجهة نظره) «آن الأوان لإزالتها»، هو مؤامرة صهيونية قديمة جديدة. وحسب قوله
فإنه قدم طلباً بهذا الخصوص إلى سفيرة أمريكا في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، خلال لقاء
جمعهما أثناء زيارتها للكيان. وأضاف مستطرداً أنه تقدم بالشكر إلى هايلي على تصريحاتها
الحازمة المؤيدة «لإسرائيل»، وقد سبق لهايلي أن «شجبت الهوس المعادي لـ«إسرائيل» والسائد
في الأمم المتحدة». أضاف نتنياهو أنه وجه لها رسالة بأنه «آن الأوان للأمم المتحدة،
للنظر في حلّ الأونروا».
بالطبع، يدرك القارئ أهداف دولة الكيان
من تفكيك الأونروا، باعتبارها شاهداً دولياً على النكبة الفلسطينية وتداعياتها المتصلة
منذ عام 1948 وحتى هذه اللحظة. نتنياهو لا يتحدث عن جرائم كيانه ضد شعبنا الفلسطيني
منذ ما قبل النكبة واستمرارها على مدى سبعة عقود بعد إقامة الكيان، من خلال المذابح
الجماعية والتهجير القسري والاعتقال والاغتيال وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها أومصادرة
الأراضي للاستيطان الذي بلغ أعلى مستوى له في هذا العام 2017.
نتنياهو لم يتحدث عن قرب إنهاء الاحتلال،
إن كيانه يمارس كافة الجرائم السابقة حالياً بحق شعبنا وأمتنا بشكل أكثر تطوراً، ولعلّ
من المفيد نقل ما ذكره المفوض العام «للأونروا»، بيير كرينبول في بيان أصدره باسم مفوضية
«الأونروا» في فلسطين بمناسبة الذكرى الخمسين لعدوان يونيو/حزيران 1967. كرينبول ليس
فلسطينياً ولا عربياً بل هو إنسان ذو ضمير.
يطالب البيان بإنهاء الاحتلال «الإسرائيلي»،
«الذي يؤثر سلبياً في كل جانب من جوانب حياة الفلسطينيين». ويضيف: «إن العواقب الإنسانية
للاحتلال لاتزال قائمة»، بعدما «تعرض عشرات الآلاف من الفلسطينيين للتشريد جراء الحرب،
بمن في ذلك أكثر من 120,000 لاجئ من فلسطين المحتلة». وأضاف أن «الاحتلال يؤثر سلباً
في حياة أكثر من مليوني لاجئ فلسطيني، يشكلون حوالي 42% من إجمالي الفلسطينيين في الأراضي
الفلسطينية المحتلة. وأوضح أن «اللاجئين كمعظم الفلسطينيين، يعانون من القيود الصارمة
على الحركة وحرمان بلوغ الموارد الأساسية مثل الأرض والمياه، والتعرض في الضفة الغربية
للتشريد المتكرر والاستيطان وهدم المنازل والعنف، لاسيما خلال العمليات العسكرية «الإسرائيلية»
في مخيمات اللاجئين».
بالطبع، ووفقاً لما أكدّته «الأونروا» فإن
«الجمعية العامة للأمم المتحدة هي الوحيدة المخولة بتغيير مهام ولاية الوكالة، وتغيير
تفويضها في قضية اللاجئين الفلسطينيين».
للعلم، بفعل ضغوط أمريكية وصهيونية يجري
تقليص خدمات «الأونروا» المقدّمة للاجئين الفلسطينيين، بسبب العجز المالي الذي تعانيه
نتيجة عدم دفع العديد من الدول إسهاماتها المالية المفروضة أو تقليصها، الأمر الذي
يؤدي إلى تراجع تدريجي في قدراتها وخدماتها. ليس ذلك فحسب، بل جرى الضغط عليها لتغيير
اسمها، وتظاهرت الجماهير في كل مخيمات اللجوء وتراجعت الهيئة الدولية عن خطوتها. أيضاً
لقد حاول الكونجرس الأمريكي من خلال قرار صدر عنه عام 2012 إيجاد تعريف جديد للاجئ
من خلال حصره بالأشخاص الذين هاجروا شخصياً من فلسطين، وألا تنطبق كلمة «لاجئين» على
أبنائهم وأحفادهم الذين ولدوا خارجها. هكذا يجري التواطؤ دوماً بين الكيان الصهيوني
وحلفائه لشطب «الأونروا»، تماماً كما المحاولات الحثيثة لهدم المخيمات الفلسطينية جميعها
وإزاحتها من الوجود.