ماذا يعني التخابر مع حماس؟!
د. أيمن أبو ناهية
يأتي توجيه تهمة التخابر
مع حركة المقاومة الإسلامية - حماس لمرسي كونها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين التي
ينتمي إليها، ضمن سلسلة الأساليب التي ينتهجها القضاء المصري لتشويه صورة حركة حماس،
والإصرار على زجها في الأحداث الجارية في مصر. وكانت محكمة استئناف القاهرة، قد أصدرت
قراراً بحبس الرئيس المنتخب محمد مرسي مدة 15 يوماً، احتياطيًا على ذمة التحقيقات التي
تجريها معه، ووجهت له اتهامات بـ"التخابر مع حماس" و"اقتحام السجون"
مطلع 2011.
لم أفهم بعد، على الرغم
من محاولتي المضنية تتبع كل كلمة وسطر كتبت عن هذا الموضوع، ما الذي تعنيه عبارة
"التخابر مع حماس"؟ وفي ضوء ذلك لا بد أن أتوقف قليلا عند بعض من الاستفسارات:
كيف لرئيس أكبر دولة عربية، أن يجعل من نفسه "مخبراً" لحركة أو فصيل في دولة
ثانية؟! كيف لأول رئيس مصري منتخب، أن يرتضي على نفسه القيام بمهمة تجسسية وضيعة؟!
كيف لمسؤول في "التنظيم الأم"، مركز الجماعة العالمي، أن "يرفع"
تقارير إلى "التنظيم الفرع"، الملحق والتابع وفقاً لدارج التصنيفات الإخوانية؟!
إنها تهمة مثيرة للسخرية،
أن يقال إن محمد مرسي كان على صلة وتواصل مع حماس، هذا أمر مفهوم، وبخلاف ذلك، يصبح
الأمر عصياً على الفهم والتصديق ... والسؤال هنا، مَنْ في مصر، وفي مستوييها الأمني
والسياسي، لم يكن على صلة وتواصل مع حماس؟ ومن قال إن الاتصال والتواصل بحماس، تخابراً،
بمعنى جريمة يحاسب عليها القانون؟ ولماذا الإصرار على "المبالغة" في تصوير
"العامل الحمساوي" في الأزمة المصرية؟ حقاً إنها تهمة مثيرة للسخرية.
يبدو أن القضاء المصري
لم يفلح في إيجاد تهمة للرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، فلفق له تهمة إذا ما سمعها
طفل في السابعة من عمره يظهر حبًا وولاءً لحماس، سيتفجر ضحكاً دون شك.
وفور إعلان القضاء المصري
تهمة مرسي التي لاقت استغرابًا لدى أنصار ومحبي الرئيس المصري في قطاع غزة، بدأ نشطاء
ومفكرون الفيسبوكيون بإطلاق "النكات والنهفات" التي كان أبرزها تصميم شهادات
تحمل شعار الحركة وتوقيع الرئيس المصري المنتخب، وتثبت التخابر مع حماس. دعونا نأخذ
بعض الأمثلة:
الكاتب والمفكر الفلسطيني
الدكتور إبراهيم حمامي عبر عن فخره بالانتماء لحركة حماس والتخابر معها، إن صح القول
بأن التعاون معها يعد تخابراً، وتناول تهمة الرئيس مرسي بتهكّم.
ونشر حمامي على صفحته بـ
"الفيسبوك" صورة لشهادة تثبت تخابره لحركة حماس بطريقة هزلية جاء فيها
"تشهد حملة متخابرون مع حماس بأن المتخابر إبراهيم الحمامي قد اجتاز كل المؤهلات
التضامنية ونشر فكرة الحملة ولذلك قررنا منحه صفة متخابر حمساوي"، وقد ذُيلت بتوقيع
من الرئيس مرسي باعتباره الأمين العام للحملة. وعلّق حمامي على الشهادة بالقول:
"باركولي تخرجت!"، موضحاً أن نشره للشهادة يأتي من قبيل "الاستهزاء
بالإعلام والقضاء المصري الفاجر ورداً عليه، وتدشينًا لحملة متخابرون". وجاءت
التعليقات على صفحة حمامي تبارك له الحصول على شهادة التخابر مع حماس، ومنهم من قال:
"مبارك عليك التخابر والله هذا وسام آخر على صدرك يا دكتور إبراهيم"، وقال
آخر: "لك كل الشرف والإباء والعزة وألف ألف مبروك".
واختار القائمون على الحملة
أن تحمل الشهادات توقيعين اثنين، الأول باسم "الأمين العام لـ(متخابرون) مع حماس
الدكتور محمد مرسي"، والثاني عن إدارة الحملة، كما تحمل شعار الحركة، وصورة الحاصل
عليها.
أما الناشط السياسي الدكتور
عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن، علّق متهكمًا على تهمة مرسي
بالقول: "أعترف أنا عزام التميمي، وأقر، وأصر على أني متخابر دائم سراً وجهراً
وبكافة الوسائل المتاحة مع حركة حماس، وسأظل على ذلك رغم أنف السيسي". ونشر أيضًا
التميمي الشهادة باللغة العربية كمشارك في "الحملة الساخرة"، وعبّر عن فخره
بالانتماء لحماس والتخابر معها، إن صح وصف التعاون معها تخابرًا، ولم يكتفِ بذلك بل
نشرها باللغة الإنجليزية. وقال التميمي في صفحته عبر "الفيسبوك: "لعل اعتقال
أبي العلا ماضي وعصام سلطان سببه أنهما تخابرا مع حماس!"، وأضاف ساخرًا:
"سيحتاج انقلابيو مصر إلى معتقلات كثيرة، وكثيرة جداً". وبادر المفكر والناشط
السياسي بنشر نموذج من الشهادة على صفحته؛ ليتمكن متابعوه ومعجبوه من عمل واحدة تحمل
أسماءهم. وكتب معلّقًا: "تهانيَّ الحارة لجميع المتخابرين مع حماس.. هذه شهادة
لكم جميعاً.. كل ما هنالك أضف اسمك وتصبح خريجاً رسمياً".
في الختام أقول كما قال
المفكر العربي عزمي بشارة, أن تهمة التخابر هي من صنع (إسرائيل) وهي التي تستخدمها
ضد الفلسطينيين وقد تستخدمها كثيرا في عمليات التنسيق لضرب المقاومة، ولكن من العيب
أن يتداولها العرب فيما بينهم، فإذا كان التخابر مع شرفاء الأمة فبها ونعمت، وهذا شرف
كبير لنا جميعًا، وإذا كان التخابر لدمار الأمة بهدف ضربها ببعضها وبث الفتن والقلاقل
والأكاذيب والتآمر، فإننا نبرأ منه ومن مفتعليه إلى يوم الدين.
فلسطين أون لاين