ما الذي تريد "إسرائيل" قوله للعالم؟
بقلم: حسام شاكر
لدى "إسرائيل" ما تود قوله للعالم
بعد أن غضب الفلسطينيون مجدداً وانقضى زمن الهدوء. ما تريد قوله ببساطه أنّ ما
يجري منذ أسابيع هو حالة من التوتر، وصدامات مدفوعة بكراهية اليهود. هكذا ببساطة.
لا تُفصح الدعاية الإسرائيلية عن الأسباب
الواقعية التي بعثت كل هذا الغضب الفلسطيني، ولا تجرؤ بلاغاتها على التفوّه بكلمات
مثل "الاحتلال العسكري" أو "التوسع الاستيطاني"، ثم إنها
تمتنع كعادتها عن ذكر مصطلحات جوهرية مثل "فلسطين" أو "الشعب
الفلسطيني"؛ فهي من المحظورات على الخطاب الإسرائيلي.
ما تريد "إسرائيل" قوله للعالم
اليوم، أنه كان على "أولئك الفلسطينيين" أن يرشقوا قوات الاحتلال
بالورود، ويوزعوا بطاقات التهنئة على الذين سرقوا أرضهم وحقولهم. كان على الطوابير
الفلسطينية الطويلة أن تبتسم لجنود الاحتلال عند حواجز الإذلال العسكرية التي تمزق
أوصال الضفة الغربية. وكان على أهالي القدس أن يفتحوا بوابات المسجد الأقصى كل
صباح ترحيباً بجولات الاستفزاز التي يقوم بها من يحلمون بخرابه الوشيك، ولا يفوت
أهالي الخليل أن يبادروا بالتقاط صور ذاتية (سيلفي) مع أقرب مستوطن مسلّح يتصرف
وكأنّ الربّ تعالى موجود لأجله.
ما نفهمه من الدعاية الإسرائيلية هو أنّ العيش
تحت الحكم العسكري الإسرائيلي هو الفردوس الأرضي بحد ذاته، وما على الفلسطينيين
سوى أن ينعموا بهذه الفرصة المثالية.
لا يتردد بعضهم في أوروبا في التقاط الرسائل
الإسرائيلية، فيعيدون تمريرها إلى الجماهير باللغات المحلية. ما زال هؤلاء يتحدثون
عن مزايا نظام الاحتلال حتى في زمن الصورة والبث المباشر والإعلام الاجتماعي، ولكن
هل يرغبون بالعيش في ظل الجدار الرمادي الكئيب أو بجوار بؤر استيطانية متطرفة؟
يدافع بعضهم في أوروبا عن نظام الاحتلال
العسكري والتوسع الاستيطاني، فيترافعون في وسائل الإعلام والمنتديات بالنيابة عن
المستوطنين المتعصبين، الذين قاموا بالسطو المسلح على الأراضي والموارد الطبيعية
فسلبوها من أصحابها، لأنهم يرون أنفسهم فوق البشر جميعاً.
على مروِّجي دعاية "إسرائيل" أن
يجيبوا على السؤال؛ إن كانوا يستسيغون العيش تحت الاحتلال العسكري والاضطهاد
والأبارتهيد (الفصل العنصرية) وسلب حقوقهم الأساسية في تقرير المصير والاستقلال
والسيادة على أرضهم ومواردهم؟
دفعت الحكومة الإسرائيلية الأوضاع إلى حافة
الهاوية وأشعلت بسياساتها وممارسات قواتها وإرهاب مستوطنيها مخزون الغضب
الفلسطيني، وليس بوسعها اليوم أن تطفئه بمزيد من الإعدامات الميدانية وحملات
الترويع والتنكيل بحق الفلسطينيين. ثم يقول نتنياهو إن هتلر لم يكن يريد إرسال
يهود أوروبا إلى المحرقة، ولكنهم الفلسطينيون، مرة أخرى، الذي يقفون وراء الشرور
في هذا العالم.
(*)
ترجمة عن «ميدل إيست مونيتور»