ما بين الكذب "الإسرائيلي" والحق الفلسطيني
بقلم: غسان أبو حبل
يعد حق العودة بالنسبة للشعب الفلسطيني أحد الركائز المهمة في القضية الفلسطينية التي يناضل الشعب الفلسطيني من أجلها، وهذا الحق يصب في جوهر القضية الفلسطينية، فمن دون العودة لا معنى للنضال الفلسطيني، ويكاد يجمع الفلسطينيون على ضرورة التمسك بالعودة كحق لا مساومة عليه، وعدم استبادلها بأي تعويض أو أي حل يبطلها.
ولعل التمسك المستشرس بالعودة، عبر الأجيال الفلسطينية المتتابعة، وضع صانع القرار الإسرائيلي في مأزق استراتيجي كبير، خاصة وأن مراهنته على نسيان الأجيال اللاحقة لجيل النكبة قد فشلت، فقد أثبت الفلسطينيون عبر المراحل التاريخية المتتابعة على القضية الفلسطينية، أن مستوى التمسك بالأرض يتجذر أكثر فأكثر في كل جيل عن الجيل الذي سبقه، رغم الإخفاقات التي تعيشها القضية الفلسطينية في مراحل معينة من التاريخ.
غير أن العدو الذي ابتلع الأرض، ويستشعر الخطر من الإصرار الفلسطيني على التمسك بحقه التاريخي في وطنه التاريخي، يجعله يبحث دائماً عن سبل وطرق تبطل هذا الحق وتفقده شرعيته وقيمته.
آخر هذه السبل هي طلب "إسرائيل" من الأمم المتحدة تخصيص جلسة خاصة غير مسبوقة لطرح مسألة اليهود المطرودين من الدول العربية، كتوطئة للاعتراف قانونياً بحقوقهم كلاجئين، وهذا يشكل اعترافاً صريحاً من جانب المؤسسة الدولية بأن اليهود طردوا من الدول العربية وأن لهم حقوقاً كلاجئين، ستكتسب الشرعية القانونية، وليس المعنوية فحسب، وفق مسؤولين "إسرائيليين". ويزعم "الإسرائيليون" أن هناك 900 ألف يهودي اضطروا إلى الفرار من الدول العربية، مع إعلان "إسرائيل" على أرض فلسطين عام 1948، مطالبين بالعودة والتعويض عن أملاكهم التي قدروها بقيمة تتراوح ما بين 100 - 400 مليار دولار. ويدعي "الإسرائيليون" أن هؤلاء اليهود هجّروا قسراً من الدول العربية والإسلامية، وهي الأردن ومصر وسورية واليمن والعراق وإيران والبحرين والمغرب وليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا، بين الأعوام 1948 حتى 1956، ولهم الحق بالتعويض عن عقاراتهم وأملاكهم التي فقدوها. هذا الزعم "الإسرائيلي" ومحاولة ترويجه وتشريعه دولياً، يبدو واضحاً في خلفياته المختلفة، فمواجهة حق العودة الفلسطيني بحق عودة يهودي، يعني أن على الدول الداعمة لهذا الحق خاصة العربية والإسلامية منها، أن تسكت عن دعمها لحق العودة، وإلا كان لزاماً عليها تقديم تعويضات باهظة نتيجة تهجير اليهود المزعوم منها. وبعيداً عن المضي في التحقيق التاريخي الذي ينفي أو يؤكد هذه المزاعم، وإن كنا نشك كثيراً في حقيقة هذه المزاعم، فإن "إسرائيل" ومن خلفها الصهيونية العالمية لن تعدم الحيلة في تلفيق التاريخ وترويج الأكاذيب بمساعدة حلفائها في العالم، فالدولة المبنية على خرافات العقيدة اليهودية بأحقيتها التاريخية في أرض فلسطين، لن تتوانى عن إختلاق التاريخ، وتزوير الوثائق. في كل الأحوال لا يمكن ربط حق العودة الفلسطيني بالزعم "الإسرائيلي" المستحدث بحق عودة اليهود العرب إلى بلدانهم وتعويضهم، فالحق الفلسطيني منفصل، وهو غير معني بقضية مختلقة بعيدة عن قضيته، وهذا يعني أن على كل الفعاليات الفلسطينية والعربية رسمياً وشعبيا أن تفضح هذا الزعم وتكشف زيفه من جهة، وأن تصر على حتمية عودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه، وأن الكذب الصهيوني، حتى ولو لقي أذن تنصت إليه، لن يعني ذلك المساومة على حق العودة، فيما يمكن الحديث عن مسألة "التهجير القسري لليهود من البلدان العربية" في إطار المحاججة التاريخية، والتي بالتأكيد ستثبت زيف الادعاء "الإسرائيلي".
على الرغم من السعي "الإسرائيلي" المستمر في الدفع باتجاه اختلاق الأكاذيب في سبيل تذويب القضية الحقيقية، قضية الحق التاريخي للفلسطيني الذي هجر من أرضه وبيته وقريته ومدينته ووطنه على أيدي عصابات القتل الصهيونية، فإن الفلسطيني سيبقى دائماً على ثباته في طلب الحق، وتخقيق العودة عاجلاً أو آجلاً، فالقضية التي يناصرها الحق، لايمكن إجهاضها بأضاليل الباطل.
المصدر: اسلام تايمز