القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

مبادرة إحياء الموتى

مبادرة إحياء الموتى

بقلم: إياد القرا

دخلت عملية التسوية مرحلة الموت السريري منذ عدة سنوات، ولم يبقَ منها سوى بعض المحاولات التي يطلق خلالها بعض الأطراف دعوات لإحيائها من جديد، ومحاولة فاشلة لبعثها من جديد، وهي حال المبادرة الفرنسية التي تحدثت عنها الصحف الفرنسية الأيام الأخيرة، للخروج مما تسميه حالة الجمود السياسي، وهي في الحقيقة محاولة إيقاظ الميت.

المبادرة الفرنسية هي محاولة فاشلة مسبقًا لأسباب كثيرة؛ أبرزها أنها تقوم على تغطية الموقف الإسرائيلي وتلبية شروطه القائمة على ضمان يهودية الدولة, وتجاهل قضية اللاجئين, وإقامة دولة فلسطينية على جزء من الأراضي المحتلة عام 1967، وتوفير الأمن للمستوطنين في منطقة الأغوار الفلسطينية, وضمان وجود للاحتلال الإسرائيلي.

لم تأتِ بنودها بجديد، لكنها تأتي بثوب فرنسي جميل؛ بأنها تريد أن تعيد إحياء عملية التسوية في المنطقة, على الرغم من أن فرنسا تدرك أن المنطقة لا تحتمل هذه المبادرات، وأن الجميع منشغل بالملفات الإقليمية المحيطة والتي تمثل خطورة عليه وآخر ما يفكر فيه هو عملية تسوية في المنطقة لا يعرف مصيرها في ظل المتغيرات السريعة في الإقليم.

بنود المبادرة الفرنسية تقوم على توفير الأمن للاحتلال الإسرائيلي ودفع قيادة السلطة لقبول أي ثمن يعرض عليها مهما كان، وخاصة أنها لا تملك من أمرها شيئًا سوى الموافقة بعد أن فقدت شرعيتها الفلسطينية وغياب النصير العربي من فريق التسوية، ولم يبقَ لها ما تتمسك به مقابل الاحتلال، وعدم قدرتها على مواجهة التعنت الإسرائيلي، بعد أن وضعت البيض كله في السلة لدى الاحتلال الإسرائيلي.

توقيت المبادرة يثير العديد من التساؤلات حول أسباب طرحها في هذا الوقت، وخاصة أنها لم تقدم جديدًا سوى مزيد من الضعف في قيادة السلطة، ومزيد من التعسف والصلف الإسرائيلي، وتهربه من كل الاتفاقيات السابقة والاندفاع بقوة نحو مزيد من الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد القدس وتدنيس المقدسات.

من الصعوبة الإجابة عن التساؤل حول توقيتها، لكن المؤكد أن هناك الكثير من الأصوات الفلسطينية التي ترفض المبادرة بشكل كامل, سواء من حيث المبدأ كما هو الحال مع حركتي حماس والجهاد الإسلامي اللتين ترفضان المبدأ والتفاوض مع الاحتلال، أو الموقف المتقدم للفصائل الفلسطينية التي ترفض المبادرة لما جاء في مضمونها, وهو تطور مهم خلال السنوات الأخيرة من تلك الفصائل لرفض مشروع التسوية الذي يقوده محمود عباس.

المصدر: فلسطين أون لاين