«مبادَرَة»
لاجئ فلسطيني!
جواد
البشيتي
يَحْكُون
في الأردن، الآن، عن لاجئ فلسطيني، فاجأ وأدْهَش وأذْهَل «الطَّبَّاخين (وكبيرهم
كيري)»، الذين يتوفَّرون على طَبْخ «حَلٍّ إبداعي» لمشكلة «حقِّ العودة»، فيه من
«الاحتيال (على هذا الحق)» أكثر كثيراً مِمَّا فيه من «الحلِّ (لمشكلته)»؛ فهذا
اللاجئ بَعَث «رسالة» إلى وزير الداخلية الأردني حسين المجالي، أبْلَغ إليه فيها
قراره التَّنازُل هو وعائلته عن «الجنسية
الأردنية»،
من أجل «الحفاظ على حقِّه في العودة»، الذي يسعى كيري الآن إلى شَطْبِه.
اللاجئ،
في «رسالته»، شَكَر الأردن على «استضافته (وعائلته)» زمناً طويلاً، قائلاً إنَّ
الأردن في قلوب اللاجئين جميعاً؛ لكنني أرغب في التخلِّي عن جنسيتي الأردنية؛
لأنني أرغب في العودة إلى فلسطين، وحتى أعين الأردن على مقاوَمة الضغوط التي
يتعرَّض لها الآن لِحَمْلِه على قبول حَلٍّ يُشْطَب فيه «حق العودة».
إنَّه،
في الأصل، لاجئ فلسطيني، تجنَّس (أو جُنِّس) بالجنسية الأردنية؛ وله حقٌّ شرعي
(حتى في قرار الأمم المتحدة الرَّقم 194) في العودة إلى ما يُعْتَبَر الآن «إقليم»
دولة إسرائيل؛ ولا شكَّ في أنَّ هذا اللاجئ قد فَهِمَ جيِّداً معنى «قَوْلهم» الآن
إنَّ في القانون الدولي ما يمكن أنْ يَحُول بين اللاجئ الفلسطيني في الأردن وبين
نَيْل حقه في التعويض؛ لكونه مُجنَّساً بالجنسية الأردنية ؛ ولقد عَرَفَ هذا
اللاجئ كيف يُوازِن، في موقفه الذَّكي هذا، بين «المبدئية القومية» و«البرغماتية
السياسية».
ولَكُمْ
الآن أنْ تتخيَّلوا أنْ يأتي موقف هذا اللاجئ، إنْ لم يكن اليوم، فَغَدَاً، بما
أتى به بوعزيزي التونسي إذْ أَحْرَق نفسه على
مرأى
من الناس؛ فإنَّ أحداً لا يمكنه الآن تَوَقُّع العواقب التي يمكن أنْ تتمخَّض عن
انتشار هذه «العدوى» بين جمهور غفير من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، أيْ بين
الفلسطينيين المجنَّسين بالجنسية الأردنية.
قَبْل
أنْ يَقْدِم ذاك اللاجئ على تلك «المبادَرَة»، وَصَلَت إلى اللاجئين الفلسطينيين
في الأردن «رسالة» مؤدَّاها أنَّ حقكم في العودة إلى ما يُسمَّى الآن «إقليم» دولة
إسرائيل هو «حقٌّ مستحيلٌ»، وأنَّ حقكم في التعويض (المالي) ليس مضموناً، وقد
تَفْقِدونه عمَّا قريب بـ «قوَّة القانون الدولي»؛ لأنَّكم مجنَّسون بالجنسية
الأردنية؛ لكنَّ الدولة الأردنية، التي ستنال
حقها
في التعويض المالي، لن تتوانى في الدِّفاع عن هذا الحق (أيْ «الحق في التعويض»)
لمواطنيها من اللاجئين (الفلسطينيين).
المصدر: صحيفة الوطن القطرية