مخيم اليرموك يغتال جهاراً نهاراً
بقلم: إبراهيم العلي
مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين أكبر
التجمعات الفلسطينية وعاصمة الشتات كما يرغب اللاجئون الفلسطينيون تسميته.
مخيم اليرموك الذي ضم في جنباته يوماً ما
الأحرار المتضامنين مع القضية الفلسطينية من جميع أنحاء العالم ، ليصبح بعد ذلك قبلة
المناضلين ضد القهر والظلم ومدرسة نضالية لحركات التحرر.
كل ذلك ربما لم يشفع له ولم يمنحه الحصانة
ضد التدمير والاغتيال، عندما صدر قرارا ً خفيا ً من أعلى المستويات باغتياله التدريجي
وشطبه من ذاكرة اللاجئين لينضم لقائمة المخيمات المدمرة جنبا ً الى جنب مع مخيم تل
الزعتر وجسر الباشا والنبطية ونهر البارد ، وإلا ما هي مبررات ما يجري على أرض اليرموك
منذ أربع سنوات على الأقل من عمر الأزمة السورية؟
ففي الثاني من آب – أغسطس 2012 استهدفت
قذائف الهاون حي الجاعونة في وسط المخيم القديم قبيل آذان مغرب رمضان من ذاك العام
شيع بعدها الأهالي 25 شابا ً وطفلا ً من فلذات اكبادهم ، وفي السادس عشر من ديسمبر
– كانون الأول 2012 استهدف الطيران الحربي السوري بصواريخه الموجهة نحو مركز إيواء
مسجد عبد القادر الحسيني الذي خلف مئات الشهداء والجرحى، وتسبب باليوم التالي بنزوح
عشرات الآلاف من سكانه إلى شوارع وضواحي دمشق ولم يسمح لهم بعد ذلك بالعودة إليه.
وقع اليرموك ضحية التجاذبات العسكرية بين
مسلحين وجدوا فيه بوابتهم نحو دمشق ونظام استمات في منعهم من الوصول لبوابة المخيم
الشمالية مهما كان الثمن.
أضحى المخيم بمن فيه من مدنيين - شيوخا
ً أطفالا ً نساء ً - رفضوا الخروج منه محاصرا ً يفتقد الكهرباء ثم الدواء ثم الماء
في ظل قصف شبه يومي ومحاولات اقتحام وكر وفر دمرت أحياءه وقتلت من أبنائه حتى ضاقت
بهم المقابر التي لم تسلم ايضا ً فدفن اللاجئون ضحاياهم في الحدائق.
لم تفلح كل الجهود والمبادرات في تحييد
المخيم وإعادة سكانه إليه إسوة بغيره من المناطق السورية ربما لعدم توفر الإرادة لدى
بعض المنتفعين ممن يملكون القرار من أصحاب المصالح في بقاء الحال على ما هو عليه لضمان
استمرار إنسياب نهر الذهب الذي يصب في جيوبهم بعدما ازدهرت تجارتهم على حساب المحاصرين
والجياع داخل المخيم، أو لأسباب غير معلنة حتى اللحظة قد يكون لها علاقة بتغيير الطبيعة
السكانية للمنطقة الجنوبية التي يشكل المخيم جزءاً هاماً وحيوياً منها.
تقاسمت المخيم الفصائل المسلحة وجعلته قطاعات
وإمارات وبدأت تظهر فيه التحالفات للاستفراد فيه من قبل أطراف معينة فكانت البدايات
في الأول من نيسان 2015 عندما تحالف تنظيم الدولة الإسلامية " داعش " مع
جبهة النصرة لإخراج كتائب أكناف بيت المقدس إلى خارج المخيم ومحاولة القضاء عليها في
معركة قاسية سقط فيها العشرات من ابناء المخيم.
مع غرة شهر نيسان – ابريل 2016 اختلف حلفاء
الأمس وبدأت معركة طاحنة بين أعداء اليوم داخل المخيم " داعش والنصرة " أخذت
شكلا ً أكثر دموية لمحاولة كل من الفريقين فناء الآخر باتباع سياسة الأرض المحروقة
بغض النظر عن الموقف مما ستؤول إليه أحوال المدنين الضعفاء الموزعين على الأحياء الذين
أصبحت منازلهم وما يملكون وقودا ً لهذه الحرب محاصرين بلا طعام أو ماء أو دواء لا يستطيعون
الخروج لقضاء حوائجهم.
في ظل هذه الأوضاع المتأزمة يطرح اللاجئ
الفلسطيني سؤاله الاستنكاري المتكرر للمرة فوق الألف:
أين من يدعون تمثيل الفلسطيني سواء على
المستوى الوطني ام الدولي أم الاسلامي؟
أين هم من مناشدات اللاجئين داخل المخيم
وما هو الحراك القادم لصيانة الدماء والأعراض؟
وهل هانت على العرب حرائر فلسطين اللواتي
أضحين سبايا لدى أمراء الحرب داخل المخيم؟