مخيم عين الحلوة
على صفيح ساخن
بقلم: علي بدوان
يعيش مخيم عين
الحلوة للاجئين الفلسطينيين، الواقع قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، أوضاعاً غير مُستقرة
وقلقة هذه الأيام. فقد عادت الى هذا المخيم، وهو توأم مخيم اليرموك، مظاهر الإنفلات
الأمني من جهة، وعودة الاغتيالات والاشتباكات المُتقطعة من حين الى آخر بين بعض الفصائل
الفلسطينية الرسمية من جهة، وبعض المجموعات الموجودة داخله من جهة ثانية، وغالبيتها
مجموعات غير فلسطينية مع أنها تضم العديد من الشبان الفلسطينيين في صفوفها.
أخر تلك الأحداث
المؤلمة كان اغتيال الفلسطيني خالد أبو جيدا، الذي هرب من جحيم الحرب السورية الى لبنان،
ولقي حتفه برصاصات غادرة، عن قصد أو من دون قصد، أُطلقت عليه من مسلحي مجموعات مُتطرفة
موجودة داخل مخيم عين الحلوة.
يعود أبو جيدا
في أصوله الى مدينة حيفا، وهو لا ينتمي الى أي فصيل فلسطيني، ولا الى أي طرفٍ مُسلح
من الأطراف الموجودة داخل مخيم عين الحلوة، بل هو لاجىء فلسطيني خرج من أتون الحرب
الطاحنة التي شُنت على مخيم اليرموك، ليُقتَل في مخيم عين الحلوة على يد العابثين بأمن
الناس وحياتهم.
المسألة هنا ليست
حادثاً فردياً، أو حدثاً طارئاً، بل باتت تلك الحوادث تَتَكرر على الدوام، وأكثر ضحاياها
من سكان مخيم عين الحلوة وغيره من التجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية. عدا عن
نتائجها الوخيمة التي تَدفَع يومياً أعداداً لا بأس بها من سكان المخيم لمغادرته، بل
ومغادرة لبنان نهائياً إن استطاعت الى ذلك سبيلاً، في سياق الهجرات الفلسطينية على
قوارب الموت نحو أصقاع المعمورة الأربعة.
إن تلك الأعمال
والممارسات غير الأخلاقية، تقف وراءها جهات استخبارية مُختلفة، كما تقول مُعظم الفصائل
الفلسطينية، وكما تُشير العديد من الدلالات، وهو ما يفترض وضع حد لتلك الانفلاتات الأمنية
المُتكررة في مخيم عين الحلوة، وهو ما بات مطلباً شعبياً فلسطينياً، ومسؤولية وطنية
فلسطينية، كما أن هذا المطلب هو محل توافق وإجماع بين كل القوى الفلسطينية، وعلى رأسها
حركتا «فتح» و»حماس» و»الجبهة الشعبية» وغيرها من القوى والفصائل.
على كل الفصائل
والقوى الفلسطينية المسؤولة أن تُدرك أن أحوال اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، وتحديداً
في سورية ولبنان، قد استُنزِفت، ولم تَعُد تحتمل المزيد من المتاعب، فالمصائب الهابطة
على رؤوسهم تكفيهم، وتزيد حالهم بلاءً على بلاء. فرحمة ولطفاً بهم، أوقفوا الانفلاتات
الأمنية، وعودوا الى تنسيق المواقف، بما يضمن تفكيك كل ظواهر الانفلات الموجودة في
مخيم عين الحلوة وعلى تخوم هذا التجمع الفلسطيني الكبير في لبنان.
المصدر:
الحياة