مرّ يوم الأم على فلسطينيات سورية.. كيوم الألم
بقلم: كريم عبد الله/ لاجئ نت
هي غربة أخرى إلا أنها الأشدّ والأمرّ عليها، فهي أم الشهيد وأم الجريح
وأم المفقود والمعتقل، وهي الشريدة والمهجرة والملوعة والحزينة وكل الأوصاف التي عرفتها
قواميس اللغة ومفردات الأدب.
في هذا اليوم الذي اعتاد الناس على تسميته «عيد الأم» كانت لنا جولة بين
الأمهات الفلسطينيات اللاجئات من سورية في بعض أماكن اللجوء في لبنان.
وكان السؤال الوحيد ما هو شعورك اليوم وأنت بعيدة عن بيتك وأبنائك؟
أم محمد
أم محمد؛ الأم لعشرة من الأبناء والبنات وهي من جيل النكبة الأول، تعيش
الهجرة من جديد إلى لبنان، أخبرتنا عن شعورها اليوم: إحساسي بالحزن كبير يفاقمه افتقادي
لأبنائي وبناتي وأخي الوحيد الذي خرجت من فلسطين ممسكةً بيده تارة وبيد والدي تارةً
أخرى، فما سمعت معايداتهم وما شعرت بالشعور الذي كان يراودني عندما كنت في اليرموك،
ففي هذه الساعات من كل عام كنت احتار ماذا سأطبخ لأولادي وأحفادي احتفالاً بزيارتهم،
أما اليوم فأنا بعيدة عنهم ولا أعلم أخبار بعضهم ولا حتى عناوينهم، وأخاف أن يكون مصيري
كمصير أمي التي توفيت بالغربة في ليبيا ودفنت هناك بعيدة عنا عندما كنا في سورية، فأخشى
أن أموت هنا في لبنان بعيدة عن أحبائي، ويتجرّع أبنائي ذات الكأس الذي تجرعته.
أم أنـس
اليرموك بالنسبة إلي نقطة الانطلاق التي أعد نفسي وأبنائي للعودة منه
إلى فلسطين، إلا أنني أبكيه يومياً، ففيه أحبابي الذين تركتهم وذكريات طفولتي ومسقط
رأسي ورأس زوجي وأبنائي، فأنا أعيش بلا هوية لأنني بعيدة عن وطني فلسطين، والغربة هي
الغربة؛ فأنا بسورية عشت غريبة وأعيشها في لبنان كذلك، ولا أمل لي في أي بقعة من بقاع
الأرض سوى قريتي لوبية في فلسطين.
كيف لي ألا أشعر بالغربة وإخوتي موزّعون على شتات الأرض فأخي الأكبر في
السويد والآخر في كندا والأوسط في الإمارات العربية المتحدة والأصغر في سورية وأخواتي
في الخليج وبعض أبنائهن في ماليزيا؟!
نحن نعيش التهجير بشقيه المادي والمعنوي، فشعوري بالأسى شديد لأنني افتقدت
معايدة ابنتي التي بقيت في سورية وأخواتي، وافتقدتُ أمي التي كانت تجمعنا في هذا اليوم
والتي توفاها الله قبل شهور وهي تبكي الغربة عن فلسطين.
أم يوسـف
شعوري تعيس جداً، لما أحياه من اللجوء والتهجير والبعد عن الأهل وخاصة
أمي، رغم أني أم لأربعة أولاد أيضاً إلا أن لدي حنين كبير يتعاظم ساعة تلو الساعة نحوها،
لقد تركتها في الحسينية مع من تبقى من إخوتي هناك والأخبار عنهم شحيحة، أما عن شعوري
تجاه أبنائي فأنا لم أعرف ما أقول لابني الصغير عندما طلب مني نقوداً لإحضار الكاتو
للاحتفال بهذا اليوم الذي اعتدنا عليه في الشام خصوصاً أننا لا نملك ثمن الخبز، وكذلك
دموع ابنتي التي ذهبت لتشتري لي هدية العيد وعادت مكسورة الخاطر لأنها عجزت عن الشراء.
نورى
منذ الصباح تلازمني الكآبة وشعرت بشوق إلى أبنائي البعيدين عني، وأحسست
فعلاً أننا في غربة وبكيت في صمت حتى لا أزعج من حولي فأولادي دفعتهم الأزمة في سورية
للسفر عنا والابتعاد عن مسرح الأحداث، حتى أنني محرومة منذ سبعة أشهر من رؤية والدتي،
رغم وجودنا في لبنان فأنا أقيم في الجنوب وهي تقيم في الشمال ولكننا لا نملك تكاليف
الزيارة والتنقل فيما بيننا، وأنا أدعو الله أن يجمعنا مع أبنائنا وأمهاتنا قريباً
وأقول لأمي وأمهات العالم ولأبنائي كل عام وانتم بخير والعام القادم نحتفل في فلسطين.