مسيرة العودة يوم خُلد في سجل تاريخ الشعب الفلسطيني وحُفرَ بذاكرته
بقلم: فايز أبوعيد
خرج اللاجئون الفلسطينيون في سورية يوم 15/5/2011 تلبية لدعوة مسيرة العودة
وإحياءً لذكرى النكبة، فشدوا الرحال باتجاه الحدود الفلسطينية إلى بلدة عين التينة
التي تشرف على مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، حاملين معهم حلمهم الذي راودهم أكثر
منذ عشرات السنين في العودة إلى فلسطين والتمرغ فوق ترابها، يوم خُلد في سجل تاريخ
الشعب الفلسطيني، وحُفرَ بذاكرة الصغير قبل الكبير.
إنه يوم الزحف العظيم إلى تخوم فلسطين، لكن الذي حدث لم يكن بالحسبان،
فهؤلاء اللاجئون حطموا السياج، اقتحموا الحدود، واشتبكوا مع جنود الكيان الصهيوني،
فسقط منهم عشرات الجرحى وارتقى إلى الله منهم ثلاثة شهداء من أبناء مخيم اليرموك وهم:
"قيس أبو الهيجاء"و"عبيدة رغموت"و"بشارالشهابي"
شيعهم أبناء المخيمات الفلسطينية بعرس جماهيري خرجوا فيه بشيبهم وشبابهم ونسائهم وأطفالهم
لوداع جثامين الشهداء الثلاثة إلى مثواهم الأخير.
لم يكتف اللاجئون بذلك الوداع، بل صمموا على إعادة الكرة مرة أخرى، فما
أن أتى صباح يوم النكسة الخامس من حزيران، حتى هب الصغار منهم قبل الكبار للذهاب إلى
تخوم الجولان ومحاولة الدخول إليها، مؤكدين على أن فلسطين تتحرر بدماء الشهداء وبالعطاء
المتواصل وأن حق العودة مقدس وليس لأحد التنازل عنه، وأنهم لن ينسىوا حقهم في استعادة
أرضهم كما اعتقد قادة العدو وسيواصلون الزحف نحو فلسطين.
مرت ست سنوات تعرض خلالها فلسطينيي سورية للتهجير والشتات في أصقاع الأرض
مرة أخرى، جراء اندلاع الحرب في سورية، نتيجة تعرض مخيماتهم للقصف والدمار، وما لحق
بهم من قتل واعتقال واضطراره لركوب قوارب الموت من أجل حياة أفضل وكريمة، إلا أنهم
في الذكرى 69 للنكبة الفلسطينية ورغم ما حل به من كوارث ونكبات لم ولن ينسوا انتمائهم
لأرضهم وحقهم في العودة إلى ترابها، وكأن لسان حالهم يقول: " أنا الفلسطيني أغمد
بالأرض جراحي ليستفيق النهر ويعربد في غضب، أصوغ من لحم المكان اسمي، ومن عبق البارود
صوتي، وأقف بيني وبين موتي يكبر السؤال، حالماً بالعودة إلى ميراث آبائي وأجدادي، فكيف
لي أن أنسى حقي في أرض فلسطين؟