مشاكل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان… أين
وصلت؟
بقلم: سليمان الشّيخ
برعاية وبدعوة من مدير الأمن العام اللبناني
اللواء عباس إبراهيم، عقد اجتماع موسع بين القيادة السياسية الفلسطينية في لبنان، ومدير
الأونروا السيد ماتياس شمالي، بحضور السيدة سيفرت كاغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة
في لبنان، وبحضور السفير الفلسطيني في لبنان، وذلك في مقر الأمم المتحدة في بيروت في
11/3/2016، وقد تم التداول في مجمل القرارات والاجراءات التي اتخذتها الأونروا في لبنان،
اعتبارا من مطلع هذا العام، وهي تتعلق بمشاكل الاستشفاء والمدارس والتقديمات الاجتماعية
وغيرها.
بعد مداولات مستفيضة تتعلق بهذه الأمور
وغيرها، أعاد مدير الأونروا طرح الاقتراح الذي تقدم به مع مفوض الأونروا العام السيد
بيير كونبول، والقاضي بـ إنشاء صندوق خاص لا تتحمل مسؤوليته الأونروا، ويتم تمويله
من قبل متبرعين أفراد أو دول، لتغطية تكلفة ما يمكن أن يترتب على استشفاء بعض اللاجئين
الفلسطينيين في المستشفيات الخاصة، وذلك بواقع 20٪، أو في المستشفيات الحكومية بواقع
15٪، أو في مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني بواقع 5٪، إلا أن وفد القيادة السياسية
الفلسطينية رفض الاقتراح وبيّن سلبياته ومترتباته على اللاجئين الفلسطينيين، وأنه يصب
في سياسة التحلل تدريجيا من مسؤولية الأونروا تجاه الفلسطينيين، وقد يكون هذا الأمر
هو رأس جبل جليد مجموعة من الإجراءات والقرارات اللاحقة، خصوصا وأن طرح مشكلة الاستشفاء
ترافقت مع إجراءات أخرى تتعلق بالمدارس والتعليم «تكديس أكثر من 50 طالبا أو طالبة
في الصف الواحد» وعدم توظيف معلمين أو معلمات جدد، وعدم استئجار مدارس جديدة، كذلك
فإنه تم التوكيد من قبل مدير الأونروا، التراجع عن دفع إيجارات البيوت المتعلقة ببعض
سكان مخيم نهر البارد، واللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا.
كما أن مدير الأونروا نوه بتقديم خدمة جديدة،
تساعد في معالجة ما كان يحصل أثناء استلام العائلات الفلسطينية الأكثر فقرا (نحو ثلاثة
آلاف عائلة) وذلك باعتماد بطاقة آلية لقبض ثمن المخصصات الإعاشية. واعتبر مفوض الأونروا
العام أن ذلك هو أدعى لحفظ كرامات المشمولين بالقرار، بحسب البيان الأخير الذي وجهه
إلى الموظفين في لبنان، وهذا بحسب بعض المصادر الفلسطينية اعتراف بأن توزيع الإعاشة
منذ 67 عاما كان يمس بالكرامة، وفق الطريقة التي كانت متداولة منذ زمن بعيد.
كما أن المصادر الفلسطينية علقت بالقول
بأن الطريقة الجديدة (البطاقة الآلية) ستعطل عمل العديد من عمال الإغاثة، إن لم تقض
على عملهم كاملا مع الزمن، وتحيلهم إلى أيد عاملة عاطلة، يضافون إلى ما هو معروف من
بطالة واسعة للأيدي العاملة الفلسطينية في لبنان، يمنع عليهم العمل في نحو 70 مهنة.
ما يجدر ذكره، أن وزير الصحة اللبناني وائل
أبو فاعور، كان التقى مدير الأونروا في لبنان في العاشر من آذار/مارس الجاري، أي في
اليوم السابق للاجتماع الموسع، وجاء في تصريح الوزير بعد اللقاء ما يلي: «قد تكون ثمة
أسباب مالية دفعت الأونروا إلى اتخاذ قراراتها، إلا أن ذلك أدى إلى ضغوط كبرى على أوضاع
اللاجئين الفلسطينيين، كما على وزارة الصحة اللبنانية والنظام الصحي اللبناني، وأضاف
أن الأونروا ليست فقط مؤسسة تعنى باللاجئين الفلسطينيين، بل إنها دليل على مسؤولية
المجتمع الدولي تجاه اللاجىء الفلسطيني، وبالتالي هناك مسؤولية عليها القيام بها، كما
ان هناك مسؤولية على المجتمع الدولي القيام بواجباته تجاه اللاجئين الفلسطينيين. ولفت
أبو فاعور إلى أن وضع هؤلاء اللاجئين في لبنان هو وضع بائس وسىء ولا يحتمل أي تخفيضات
، طالبا من مدير الأونروا في لبنان أن يعيد النظر بالقرارات التي تم اتخاذها».
وتجدر الإشارة إلى أن لقاء وزير الصحة اللبناني
مع مدير الأونروا وكذلك لقاء القيادة السياسية معه، وفرا إيجابية تتعلق بتفهم بعض السياسيين
في لبنان لمدى الظلم الذي ألحقته قرارات الأونروا الأخيرة بالفلسطينيين، وأن تحركاتهم
كانت ولا زالت محقة تجاه ذلك. كما أن السيدة سيغرت كاغ ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة
في لبنان، وبعد استماعها للمعاناة والمطالب الفلسطينية، أعلنت انها في صدد نقل ذلك
إلى الأمين العام للأمم المتحدة في لقائها الشخصي معه بعد أسبوع. فيما أعلنت القوى
الفلسطينية (خلية الأزمة) أنها ستستمر في ترتيب تظاهرات واعتصامات واحتجاجات أمام مكاتب
الأونروا في جميع المناطق اللبنانية التي يتواجد بها الفلسطينيون، وأن ذلك سيستمر سلميا
من دون تعطيل المهمات الحيوية الملقاة على عاتق الأونروا.
من الضرورة التنويه هنا إلى أن نحو عشرة
أشخاص من رجال ونساء، توفوا على أبواب بعض المستشفيات، لأنهم لم يستطيعوا تحمل تكاليف
حالاتهم المرضية، وما زال الأمر في تصاعد في ما يتعلق بهذا الصدد، إذا ما استمرت الأمور
على ما هي عليه، أي تطبيق قرارات الأونروا الأخيرة.
إن الاستمرار في تطبيق القرارات والإجراءات
التي أخذت في تطبيقها الأونروا في لبنان في بداية العام 2016، تشير إلى أن مخططا يصب
في سياسة استراتيجية في النهاية، يقضي بمشاريع توطينية وبإلزام الحكومات التي تستضيف
اللاجئين الفلسطينيين بتحمل احتياجاتهم الحياتية من صحة واستشفاء وتعليم ومساكن ومتطلبات
اجتماعية أخرى وغير ذلك. إن العجز المالي هو حجة كي تأخذ الأونروا تدريجيا، بالتخفف
من بعض أعباء الوجود الفلسطيني، ولو كان الأمر يتعلق بموازنة لا تتعدى مائة مليون دولار
سنويا، فإن أي متبرع غني، أو أي دولة مانحة، ولو كانت متوسطة الحال، يمكن أن تحل المشكلة
عبرهم، وكان الأجدر بالأمم المتحدة تخصيص مبلغ سنوي ثابت لموازنة الأونروا منذ نحو
67 عاما، فلماذا ترك الأمر لأهواء ومصالح المتبرعين والدول المانحة، التي كثيرا ما
راعت ضغوط ومصالح الدول الكبرى والمهيمنة، على حساب مصالح اللاجئين الفلسطينيين.
المصدر: القدس العربي