القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

مشعل و"حماس" والمرحلة الجديدة

مشعل و"حماس" والمرحلة الجديدة

بقلم: مأمون الحسيني

يثير انتخاب خالد مشعل رئيساً للمكتب السياسي لحركة "حماس" بالتزكية، وللمرة الرابعة على التوالي، بعد تأخير استطال لعام كامل بسبب رزمة من التعقيدات لعل أبرزها تلك الخلافات الداخلية حيال قضية المصالحة الفلسطينية، وعدم موافقة أي بلد على عقد اجتماع مجلس شورى الحركة الذي يضم ممثلين عن قطاع غزة والضفة الغربية والشتات الفلسطيني، على أراضيه، أو عدم وجود مكان آمن لعقد الاجتماع بعد الخروج من سوريا، وفقاً لمصادر "حماس". يثير هذا الانتخاب أسئلة قلقة عن توجهات وسياسات وبرامج وموقع الحركة في المرحلة الجديدة المتخمة بالتحديات والإشكاليات التي طفت على سطح المشهدين العربي والفلسطيني بعد اندلاع ما يسمى "الربيع العربي"، وبالأخص ما له صلة بالمصالحة والتسوية والعلاقة مع الدول العربية، والدول الإقليمية، والولايات المتحدة وبقية دول العالم.

لا بد، في البداية، من الإشارة إلى أن اختيار مشعل الذي تسلم رئاسة المكتب السياسي ل "حماس" للمرة الأولى، العام ،1996 ونجا من محاولة اغتيال "إسرائيلية" في سبتمبر/أيلول 1997 في الأردن، لشغل المنصب الأهم في الحركة من جديد، كان ترجمة لرغبة فلسطينية وعربية ودولية، كون الرجل الذي حققت "حماس" في ظل قيادته مكانة بارزة في الساحة الفلسطينية، وتمكنت من السيطرة على قطاع غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية العام ،2006 يعد من الرموز المنفتحة على المصالحة مع حركة "فتح"، ومن الداعين إلى الاعتدال في مقابل العديد من الرموز المتطرفة في الحركة الطامحة إلى قيادة الشعب الفلسطيني، والتي تجد نفسها اليوم أمام تعقيدات لا حصر لها: الطلاق البائن مع سوريا (وحلفائها)؛ الانتقال الجغرافي الذي سيترتب عليه "انتقال سياسي"، بالضرورة، إلى مصر وقطر؛ توتر العلاقة مع قطاع واسع من المعارضة المصرية، والتعرض لحملة سياسية وإعلامية شرسة، فضلاً عن عملية تدمير الأنفاق التي تمثل الرئة التي يتنفس منها القطاع المحاصر.

وعليه، وتحت وطأة هذه التعقيدات، وحاجة قوى الإسلام السياسي، سواء تلك التي صعدت إلى سدة السلطة في مصر وتونس، أو نظيرتها التي يرتفع منسوب نفوذها في بلدان أخرى، إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية للمحافظة على الحكم أو الوصول إليه، فإن الثمن المطلوب من "حماس" هو تقديم المزيد من التنازلات للقبول بها لاعباً فلسطينياً رئيساً يمكنه الوفاء أكثر من غيره بتطبيق الاتفاقات. بكلام أوضح، مطلوب من الحركة الإسلامية التي ترى بعض أوساطها ضرورة مساعدة الإخوان المسلمين على عقد صفقة مع الغرب من خلال تقديم جرعة إضافية من "الاعتدال" أملاً في الحصول على الشرعية العربية والدولية، أن تعلن قبولها بشروط اللجنة الرباعية، والالتزام بالاتفاقيات الفلسطينية- "الإسرائيلية"، وهو ما ترفضه "حماس" حتى الآن، وتحاول الالتفاف عليه من خلال موافقتها، وحتى ترشيحها، رئيس السلطة الفلسطينية وزعيم "فتح" محمود عباس لرئاسة حكومة الوفاق الوطني في المرحلة الانتقالية التي جرى الاتفاق عليها في جولات المصالحة الأخيرة، رغم، أو حتى بسبب التزامه بالاتفاقات الموقعة مع "تل أبيب" وشروط الرباعية، ورؤيته التي لا تجد بديلاً من التسوية السياسية. في ظل هذا المناخ، وبهدف توفير البيئة المطلوبة سياسياً وإعلامياً لدفع "حماس" التي يشكل إعادة انتخاب مشعل لرئاسة مكتبها السياسي، ملمحاً بارزاً في توجهات الحركة المستقبلية، وبالأخص ما يتعلق بالمصالحة والانضمام إلى منظمة التحرير، نحو درب ما يسمى "الاعتدال"، تتراكم التحليلات والتقديرات التي ترى أن زيارتي الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري مؤخراً إلى الأراضي الفلسطينية أحيتا مجدداً آمال "السلام" في الشرق الأوسط، ولكن شرط إشراك "حماس" في المفاوضات. وحسب بعض خبراء مركز "مؤسسة بروكينغز" الأميركي، فإن استئناف هذه العملية يقتضي أولاً مصالحة الفلسطينيين بين بعضهم بعضاً. ولا بد من أخذ "الإسلاميين" الذين لهم وزنهم في الحسبان. ويرى هؤلاء أنه إذا أراد جون كيري أن يسهم في مصالحة محتملة بين "إسرائيل" والفلسطينيين، فيجب عليه أن يعترف بأن حماس "طرف يجب أن يجلس حول الطاولة".

ولأن واشنطن تعارض رسمياً أي تفاوض مباشر مع "حماس" التي تعدّها، ومنذ العام 1997 "منظمة إرهابية أجنبية"، فإن سفير "إسرائيل" الأسبق في الولايات المتحدة إيتامار رابينوفيتش يتوقع أن تقوم دول أخرى بوساطة بين الأمريكيين والحركة الإسلامية. وقد تكون تركيا، التي دفع بها الرئيس أوباما مؤخراً إلى التصالح مع "تل أبيب" كون المصالحة بين الجانبين يشكل عامل "سلام واستقرار في المنطقة"، على حد قول وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، هي المرشحة للقيام بهذه المهمة، ولا سيما بعد إعلان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أنه سيتوجه إلى الضفة الغربية وقطاع غزة في إبريل/نيسان الجاري، من دون أن يثير غضب، أو حتى تحفّظ واشنطن.

الخليج، الشارقة، 5/4/2013