معركة الشرعية بلا شك
د. إبراهيم حمامي
شهد ختام مؤتمر فلسطينيو أوروبا الحادي عشر بمدينة
بروكسل عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي تطوراً دراماتيكياً غير متوقع، حيث أعلن المنظمون
وبشكل واضح لا لبس فيه أن محمود عباس ومنظمته وسلطته وسفارته تآمروا لافشال المؤتمر،
وحرضوا واتصلوا وفعلوا المستحيل لهذا الغرض، ووصل الأمر لتسمية محمود عباس وعاملته
في بروكسل ليلى شهيد كمسؤولين مباشرين عن ذلك.
قبل ذلك وفي سياق المؤتمر وفي كلمة البروفيسور سلمان
أبو ستة المرجعية العالمية في قضيايا اللاجئين وحق العودة، وجه ذات الاتهامات والمسؤولية،
بعد استماتة عباس وأتباعه في محاولات إفشال لقاء سابق الاربعاء الماضي 15/05/2013 وفي
ذكرى النكبة في البرلمان الأوروبي الذي استطاعت مؤسسة نشطة هي مجلس العلاقات الأوروبية
الفلسطينية تنظيمه لأول مرة في التاريخ وبمشاركة عشرات البرلمانيين الأوروبيين تأييداً
للقضية الفلسطينية.
إحياء ذكرى النكبة ولأول مرة في داخل البرلمان الأوروبي
يبدو أنه أساء وأغضب سلطات الاحتلال، فقامت بتوجيه أتباعهم في سلطة رام الله لمحاولة
إفشال النشاط، وبحسب ما وصلني من معلومات خاصة، فقد اتصلت عاملة عباس في بروكسل ليلى
شهيد وموظفيها بالنواب الاوروبيين نائباً نائباً لتحرضهم على عدم المشاركة – نعم لهذا
الحد وصلت الأمور، وهو ما حذا بمدير مركز العودة الفلسطيني ماجد الزير ليقول:
"أنهم أصبحوا يعانون من السفارات الفلسطينية في أوروبا أكثر من الصهيوني"،
مؤكداً أن "ما يحدث في السفارات الفلسطينية عار على كل فلسطيني ، موجها رسالته
إلى عباس قائلا " احمينا من رجالك " حسب وصفه.
للأمانة فإن القائمين على مؤتمر فلسطينيو أوروبا
السنوي والذي تحول لأكبر تجمع فلسطيني حول العالم على الاطلاق، في وقت يعجز مؤيدو تيار
الاستسلام والخيانة في حشد عشرات الاشخاص في أي مكان حتى ولو للاحتفال بذكرى انطلاقة
أو رحيل رمز، نقول أنه وللأمانة حرص المنظمون على مشاركة جميع فئات الشعب الفلسطيني،
وعبر السنوات شاركت قيادات يسارية وفتحاوية، كانت المرأة دائمة الحضور وكذلك أبناء
الشعب الفلسطيني من المسيحيين، ومناصري القضية من الغربيين، وبمشاركة "سفراء فلسطين"
- إن جاز التعبير – في بعض الأحيان، لينطلق مؤتمر فلسطينيو أوروبا من نجاح لآخر أكبر
وبزخم متصاعد من سنة لأخرى، وبحضور الكل الفلسطيني بلا تمييز، رغم كل محاولات البلبلة
والتخريب في كل عام، ورغم محاولات وصف المؤتمر وتصنيفه والتعليق عليه من قبل أشخاص
معروفون ومنتشرون من فيينا لبرلين للدول الاسكندنافية وغيرها، لا عمل لهم إلا اختلاق
الأكاذيب وتحريض الاعلام الغربي ضد هذا النشاط الفلسطيني السنوي الجامع.
ما يثير الاشمئزاز أن كل قصة نجاح لصالح قضيتنا
يتم مواجهتها وبقوة من قبل الزمرة المهيمنة على مفاصل القرار، طبعاً لسبب مفهوم وهو
أن النجاح لا يكشف فشلهم فقط لكنه يفضح دورهم في العمل لصالح الاحتلال في كل مؤسسة
ومنظمة دولية، والأمثلة على ذلك كثيرة.
لقد قررت الطغمة المتنفذة اشعال معركة الشرعية المفترضة
في الداخل الفلسطيني – كما فعلوا بكل وقاحة وصفاقة مع الزيارات لقطاع غزة والتي كانت
آخرها زيارة العلامة الجليل الشيخ القرضاوي – وكذلك في الخارج عبر أوكارهم التجسسية
ضد أبناء الشعب الفلسطينية والمسماة سفارت فلسطين زوراً وبهتاناً.
التقارير التي نشرتها بعض الجهات عن ممارسات بعض
"السفارات" سواء من جهة التجسس على الفلسطينيين أو لصالخ استخبارات أجنبية،
أو الفساد المالي والأخلاقي، يندى لها الجبين، ولطالما طالبنا وبشكل واضح وصريح بوضع
حد لتلك المخازي التي تشوه نضال الشعب الفلسطيني، ولطالما طالبنا بتحقيقات مستقلة ومتابعة
وملاحقة ومحاسبة ومعاقبة كل من يسيء. إن يقينهم المطلق بأنهم لا يمثلون الشعب الفلسطيني
ولا شرعية لهم، إضافة إلى الزخم والدعم والتأييد للتيار المعارض لسياساتهم الاستسلامية
والتفريطية بل والخيانية، هو ما يجعلهم في حالة من الهياج والاستشراس والتصرف بشكل
غير مدروس يزيد من فضحهم وعزلهم حول العالم.
المعركة باتت "على المكشوف" وعلى الملأ،
ويجب على أبناء الشعب الفلسطيني غير الخاضعين لهيمنة عباس وطغمته أو أجهزة الاستخبارات
العربية اصة في الغرب، عليهم رفع الصوت وبشكل منظم وجماعي لتعرية هؤلاء وسحب أي شرعية
مزعومة منهم، وباستخدام كافة الوسائل القانونية المتاحة، وهي كثيرة وكثيرة جداً في
أوروبا على سبيل المثال، ولا نبالغ ان قلنا أن "جرجرتهم" في المحاكم هي الأسهل!
نقول لمشوهي صورة شعبنا، والمتآمرين على نشاطاته
ونجاحاته، والمفرطين في حقوقنا وثوابتنا، والخونة المنسقين مع الاحتلال ضد كل شيء في
الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً من الاحتلال وأذنابه، ولشركاء الاحتلال في المؤسسات
والمنظمات الدولية لاجهاض أي مشروع يدين الاحتلال، نقول لهم:
معركة الشرعية قد بدأت، من يدق البابا سيسمع الجواب،
وبالأمس ومن بروكسل جاءت مقدمة هذا الجواب، فانتظروا البقية، التي بالتأكيد لن تسركم،
لأن الجواب لن يكون إلا من خلال اسقاط شرعيتكم المزعومة، والعمل على ايجاد قيادة فلسطينية
حقيقية منتخبة وممثلة للشعب الفلسطيني، ومن خلال عزلكم تمهيداً لمحاسبتكم ومحاكمتكم
على كل جرائمكم.