القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

مقاومة الضفة بين العمل الفردي والمنظم

مقاومة الضفة بين العمل الفردي والمنظم


بقلم: لمى خاطر

مع كل عملية فردية للمقاومة في الضفة الغربية تثار العديد من الأسئلة، ومعها استنتاجات مقابلة بشأن واقع المقاومة في الضفة وإمكانات تعافيها أو تطوّرها، وصولًا إلى مقدرتها على إحداث نكاية كبيرة في صفوف المحتل ومستوطنيه، وهو ما يعني عودتها لتكون رافدًا أساسيًّا لعملية المقاومة الكلية ومشروع التحرير الشامل.

ولعلها غنية عن التأكيد دائمًا أهمية ساحة الضفة الغربية تحديدًا؛ كونها بؤرة إستراتيجية يمكنها أن تفرض معادلات جديدة على الأرض في حال انتعشت فيها المقاومة وتوافر لها وقود يعين على الاستمرار، ولو بحدود "القليل الدائم" الذي يبدو في حالتها الراهنة أفضل من خيار "الكثير المنقطع"، وهذه الأهمية تحيلنا مباشرة إلى فهم أسباب حرص كل من الاحتلال والسلطة على حصار المقاومة وملاحقتها في هذه الساحة، وضخّ إجراءات كثيرة ومتواصلة من أجل إعاقة نهوضها، ووأد خلاياها في مهدها، أو توجيه الضربات الاستباقية للعناصر التي يتوقع انخراطها في العمل العسكري في حال وجدت مجالًا لذلك.

وفي وقت وصلت فيه غزة إلى صناعة الصاروخ تراجعت المقاومة في الضفة لتعيد إنتاج وسائل المقاومة البدائية المتمثلة في السكين والحجر، وذلك بفعل سياسات تجفيف منابع المقاومة التي تجري فيها، وهو ما جعل واقع العمل العسكري في كل من الساحتين متباينًا جدًّا، ومع ذلك ما زلنا نجد أن هناك من يسارع إلى القول: "إن على الضفة أن تستنسخ تجربة غزة العسكرية"، دون أن يفطن إلى اختلاف الواقع السياسي والجغرافي والميداني في كلا الساحتين، إذ لولا سيطرة حماس على غزة لكان حال المقاومة فيها الآن مماثلًا لحال الضفة، وربما أسوأ، إضافة إلى أن تحرير غزة عام 2005م أتاح لها تقدمًا عسكريًّا سريعًا لا يعيقه استنزاف الاحتلال المباشر للكوادر بالاعتقال والتصفية، إضافة إلى ما وفرته الأنفاق إبان انتعاشها من إمكانات للحصول على سلاح متطور كانت تحتاج له غزة؛ لكي يناسب مرحلة المقاومة الجديدة التي تخوضها بالصمود على جبهات الحروب الثلاث التي فتحها الاحتلال خلال السنوات الست الأخيرة.

ومع ذلك الضفة الغربية لا يلزمها تقنيات عسكرية متقدمة جدًّا، بل إن القليل من السلاح قادر على صنع المعجزات، وتغيير مجريات المرحلة بأكملها، وذلك لوفرة الأهداف التي يمكن استهدافها داخل الضفة، حيث يحضر الاحتلال والاستيطان مباشرة، ويتداخل مع التجمعات السكانية في جميع المناطق، وبات ينعكس أي اشتعال في الضفة مباشرة على واقع القدس وضواحيها، لكن المهم هو الخلوص إلى استنتاج بخصوص التقنية العسكرية الأكثر جدوى وملاءمة، والأقل عرضة للانكشاف السريع.

وحتى يكون ذلك متاحًا، أو يأتي من يأخذ بزمام المبادرة كاسرًا جمود المرحلة؛ تبقى الخلايا التي قوامها شخص واحد أقدر على الإثخان في المحتل، أي عمليات المقاومة الفردية التي تستخدم في الأغلب السلاح الأبيض، وتكون بمبادرة من صاحبها فقط دون أن تأخذ نمط العمل المنظم، لكن مشكلتها تكمن في أنها ترتبط غالبًا بالإرادة الذاتية لأصحابها التي تنبني على ردة فعل على حدث أو حالة داخل الساحة، ولذلك تكون على فترات متباعدة، غير أنها لو تحوّلت إلى نمط مقاوم دائم، أو لو وعى جمهور المقاومة والمستعدون للانخراط فيها بجدوى هذا النمط الفردي المتقدم؛ فإن من شأن زيادة وتيرتها واستمرارها أن يؤديا تلقائيًّا إلى خلخلة القبضة التي تطبِق على رقبة المقاومة المنظمة، وأن يفضيا إلى تطور طبيعي لأنماط العمل المسلّح الذي أدى غيابه إلى الإضرار بواقع الضفة، واستمرار استباحتها وتغول الاحتلال بمزيد من إملاءاته على الأرض.

المصدر: فلسطين أون لاين