«مكة (2)» وآمال إنهاء الانقسام
بقلم: محمد مصطفى شاهين
1- مما لا شك فيه أن اتفاق مكة الذي وقع بين حركتي حماس وفتح في مدينة
مكة المكرمة كان بداية حقيقية لوقف الاقتتال بين الحركتين، وذلك تحت رعاية الملك السعودي
الراحل عبد الله بن عبد العزيز في 7 شباط 2007م، وبعد مدة قصيرة تردي الأوضاع السياسية
أدى إلى تعطيل الاتفاق، وعدم تطبيق بنوده جميعًا على أرض الواقع، إلا أنه بقي كمرجع
للاتفاقات التالية في ملف المصالحة، إذ استند إليه في بنود اتفاق القاهرة، وأكدت ضرورة
تطبيقه، وفيما بعد أشير إليه في اتفاق الشاطئ.
2- في إطار متابعة ملف المصالحة، واحتياجات المرحلة الهامة التي تمر
بها القضية الفلسطينية، وتداعيات ذلك الملف الهام؛ ظهرت كلمات نائب رئيس المكتب السياسي
لحركة حماس إسماعيل هنية التي دعا فيها المملكة العربية السعودية ممثلة بالملك سلمان
بن عبد العزيز لأن يكون لها دور محوري ورئيس في ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام،
جاء ذلك في خطبة ألقاها هنية أثنى فيها على دور المملكة الأصيل في دعم القضية الفلسطينية.
وتركزت الأضواء الإعلامية في الأيام القليلة الماضية
على زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، التي جاءت _حسبما يرى المحللون_ بناءً
على إشارات سعودية في هذا الملف؛ من أجل الدفع بعجلة المصالحة المتعثرة، والتقى كارتر
خلال الزيارة الرئيس محمود عباس، وأبدى خلالها عباس استعداده لإجراء انتخابات تشريعية
عند توافر الأجواء المناسبة لذلك.
3- وفضلًا عن هذا إن أطرافًا عدة على رأسها قطر وتركيا تدعم جهود المصالحة،
وتبذل جهودًا للدفع باتجاه توافق وتقارب حقيقي بين حركتي فتح وحماس، هذا وصدرت تصريحات
عن حركة حماس تشيد بأهمية الدور السعودي في دعم ملف المصالحة، وفي الوقت نفسه أكدت
حماس أن ذلك ليس بديلًا عن الدور المصري، ومثل ذلك درجة كبيرة من الحكمة والفهم لمتطلبات
هذه المرحلة، وليثبت من جديد أن حماس مستعدة للمصالحة ومرحبة بها؛ لوعيها وإدراكها
العميق المصالح العليا للشعب الفلسطيني، وممهدة الطريق أمام طريق "اتفاق مكة
(2)".
في لبنان كان هنالك لقاء جمع بين فتح وحماس، ضم
عزام الأحمد مسؤول ملف المصالحة عن فتح، وسفير فلسطين في لبنان أشرف دبور، وممثل حركة
فتح في لبنان اللواء فتحي أبو العرادات، وعن حركة حماس عضو المكتب السياسي للحركة د.
موسى أبو مرزوق، وممثل حماس في لبنان علي بركة، ويرمي هذا اللقاء إلى التباحث في سبل
الدفع في ملف المصالحة إلى طريق الحل، ووضع حلول للمشاكل العالقة، ومن ضمنها تأكيد
ضرورة تنفيذ اتفاق القاهرة واتفاق الشاطئ.
4- ولادة "اتفاق مكة (2)" باتت وشيكة في ظل الحراك الدبلوماسي
الحثيث لإنهاء الانقسام، إن الأيام القليلة القادمة هي التي ستقرر هل "اتفاق مكة
(2)" سيرى النور أم أن ولادة مصالحة حقيقية مازالت صعبة المنال في المدى المنظور،
ومن هنا يجب على الفصائل الفلسطينية العمل على إنجاح المصالحة بمشاركة فاعلة لها في
هذا الملف من أجل وحدة شعبنا الفلسطيني؛ فالانقسام اليوم أشد ضررًا على قضيتنا الوطنية
التي تواجه خطرًا حقيقيًّا في مواجهة استبداد الاحتلال المتزايد بحق شعبنا وأرضنا؛
فلنرفع اليوم شعار: "المصالحة مقاومة فلننهِ الانقسام".
المصدر: فلسطين أون لاين