القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

منظمة التحرير إلى أين؟!

منظمة التحرير إلى أين؟!

د. أيمن أبو ناهية

سؤال يطرح نفسه: منظمة التحرير إلى أين؟!، الإجابة الصحيحة عن هذا التساؤل هي أن الشعب أصبح فاقدًا الأمل في منظمة التحرير الفلسطينية، التي لم يتبق منها إلا اسمها فقط، بل أصبحت عاجزة عن حمل وحماية اسمها على الإطلاق، فعندما تجير فقط لحركة فتح التي تهيمن عليها وتحرمها الإصلاح، وإشراك حركات تمثل شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، ويتحول هدف إنشائها من تحرير أرض سُلبت قسرًا إلى تكريس واقع التنازلات عن أجزاء منها للاحتلال، وعندما ينزع منها صلاحياتها ومهامها وأهدافها الوطنية واحدة تلو الأخرى، وعندما تغلق دوائر فيها من أهم دوائرها، إذ أصدر رئيسها محمود عباس قبل أشهر قلائل قرارًا بإغلاق أهم دائرة فيها، وهي دائرة شؤون الوطن المحتل؛ معنى هذا أن منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت فمًا دون أسنان.

منظمة التحرير التي أُنشئت لتكون الحصن المنيع في وجه المغتصب الصهيوني أصبحت مهترئة هزيلة جسديًّا، لم يعد لها دور جلي في خدمة القضية الفلسطينية، وإنها أشلاء دماغيًّا منزوعة التفكير في كل ما يجول حولها من مؤامرات ضد الفلسطينيين، بل إنها تحطمت منذ عشرين عامًا، عندما ألغت كثيرًا من مواد ميثاقها وأهدافها العسكرية في تحرير فلسطين بتبنيها "الكفاح المسلح" سابقًا، واتبعت أهواء حركة فتح في تقديم التنازلات، واعترفت بوجود الكيان المحتل لفلسطين، ووقعت معه اتفاقية "سلام" عام 1993م، ومنذ ذلك الحين استخدمت المنظمة لخدمة شخصيات معينة، لا تقوم بأي مهمة في مصلحة الشعب الفلسطيني على الإطلاق.

"ياسر عبد ربه" الذي لم يخصص وقتًا من أوقات المنظمة لإنهاء الانقسام الفلسطيني الداخلي، ولم يبادر بإصلاحها، وكان مهمته تقتصر فقط على إعلان بدء المفاوضات أو تأجيلها؛ هو من تبقى من منظمة التحرير، فهو الناطق باسمها وأمين سرها، وكل شيءٍ فيها، لكنه لا يملك قرارًا فيها، هذا كله جعل كلمة "طرطور" تنطبق عليه؛ لأنه لا يملك بيده شيئًا، يقول ما تمليه عليه حركة فتح وزعيمها عباس.

أعتقد أن الموافقة على القرار الخطير القاضي بإلغاء دائرة شؤون الوطن المحتل ما هي إلا خطوة على طريق تصفية القضية الفلسطينية، لا تصفية المنظمة فقط؛ لأنه يعبث بقضية القدس وحق العودة وغيره من حقوق الشعب الفلسطيني، وإذا كانت هذه الدائرة مجمدة، أو أنها أصبحت عبئًا على المنظمة، كما هي نفسها عبء على كاهل حركة فتح وسلطتها وسلطانها؛ فلتترك "الجمل بما حمل"، وتسلم العقال للشعب الفلسطيني قبل فوات الأوان، فهذه الدائرة ليست ملكًا لأحد، بل هي ملك لعامة الشعب الفلسطيني، تعنى بقضايا الأرض المحتلة وشؤونها، ومكلفة بدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والنضالية فيها، ومهامها إعداد وتنفيذ الخطط المعززة لصمود الشعب الفلسطيني في داخل الوطن، ومساندة مختلف أساليب نضاله، ولاسيما الكفاح المسلح، وتعنى الدائرة أيضًا بفضح ممارسات الاحتلال، وتقديم الأدلة لشتى الجهات العربية والدولية على وحشية هذه الممارسات، إضافة إلى وضع برامج التنمية للأرض المحتلة، ودعم التطوير الاقتصادي والتربوي والخدمة العامة، وبرامج البلديات وتطورها في الأراضي العربية المحتلة.

لذلك لا يمكن التعويل كثيرًا على منظمة مهترئة، لا تملك قرار نفسها ولا تحفظ ماء وجهها، فهي مسيرة لا مخيرة؛ فالذي يديرها هو نفسه الذي يحطمها، ولا سبيل أمام قيادتها إلا إعادة إعمارها، مهما كانت التسهيلات، إلا عن طريق تغيير الأشخاص أولًا، وإنشاء مجالس جديدة وميثاق جديد يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني المرتبط بمدى انسجام المنظمة مع تطلعات الشعب الفلسطيني، وأن تعي الدرس العربي الحالي جيدًا، وأن تغير مسارها الحالي، وأن تدخل بقية الفصائل في المنظمة؛ لتسترد شرعيتها من جديد.