من جديد . . فلسطينيو العراق
بقلم: ماهر حجازي
تناقلت العديد من وسائل الاعلام والمواقع الالكترونية اخبارا حول اقتحام قوات عراقية رسمية مجمع البلديات الفلسطيني في العاصمة العراقية المحتلة بغداد.
حيث عاثت القوات المعتدية فسادا وتخريبا في منازل الفلسطينيين، دون أدنى مراعاة لحرمة البيوت ، وكون هؤلاء الفلسطينيين هم ضيوف على بلاد الرافدين.
هذه الأحداث أرجعتني إلى سنوات قد خلت، إلى مرحلة اتصفت باستهداف الوجود الفلسطيني في العراق بعد الحرب العدوانية التي قادتها أمريكا وحلفاؤها كانت نتيجتها اسقاط النظام العراقي السابق واحتلال البلد عام 2004. عادت بي الذاكرة إلى قصص المعاناة والألم الفلسطيني، إلى التهديد والقتل المباشر، إلى المداهمات والقصف للتجمعات، إلى التحريض الاعلامي الذي مارسته بعض الفضائيات العراقية ضد اللاجئين، إلى التشرد الفلسطيني في المخيمات الصحراوية على أبواب الدول العربية، إلى صور التمثيل بالجثث ، إلى اختلاق الأكاذيب والصاق التهم بالفلسطينيين. . إلى وإلى . . كيف لنا أن ننسى صورة الشهيد الفلسطيني الذي قتلته العصابات الإجرامية في العراق ومثلت بجثته، استخدمت المثقب الكهربائي لتحطيم جمجمة رأسه، والمواد الحارقة لتشويه وجهه. كيف لا نتذكر رسائل التهديد بالقتل ( أخرجوا أيها الفلسطينيون من العراق وإلا ستقتلون). . . كيف أنسى صورة الطفل محمد الذي دهسته سيارة على الطريق الدولية بغداد دمشق، وسحقت قدميه النحيلتين . . . أو تلك الطفلة التي ولدت وماتت في لحظة واحدة بين ثنايا مخيم صحراوي. . بين هذا وذاك لا تمحى صور المخيمات الصحراوية للاجئين الفلسطينيين من العراق من مخيلتي، فمن صورة الخيمة وكيف سوتها الثلوج والأمطار في الأرض، أو تلك الخيام التي احترقت بلهيب الشمس الساطعة، أو صراخ طفل خائف من مشاهدة أفعى أو عقرب تشاطره مكان عيشه الصحراوي. وعلى الرغم من أن الكثير من هذه المخيمات أغلقت، إلا أن بعضها لا يزال منذ ما يقارب خمس سنوات ويزيد قائما منتصبا وسط الصحاري العربية، تتداعى الدول الغربية لاستقبالهم ضمن مشاريع تصفوية لقضية العودة وفلسطين التاريخية. لماذا اليوم تعود الانتهاكات من جديد ضد فلسطينيي العراق، وان كانت قد انخفضت وتيرتها خلال الفترة الماضية، ألا يكفيكم أيها المعتدون على أنباء شعبنا في العراق، أن كنتم سببا في هجرة الألاف من الفلسطينيين إلى المخيمات و دول حول العالم، تقطعت بهم السبل، وتوزعوا لاجئين ونازحين وحتى موتى في البحار. إن كنتم أيها المعتدون تتحججون بأن الفلسطينيين من أبتاع النظام السابق، فلماذا منعوا من حق امتلاك منزل أو سيارة او محل، وعن أية معونات ومميزات تتحدثون. . أيها المعتدون. إن كان الفلسطيني في العراق هو الحلقة الأضعف، ولا حول له ولاقوة ولا دعم ولا مؤازرة، فلماذا تعتدون عليه. . ؟إن كنتم تبحثون عن عدو. . فهو أمام أنظاركم. . هذه أمريكا. . التي قتلت وذبحت ودمرت ويتمت وجزأت واغتصبت وسرقة أرضكم منكم. . فلماذا الفلسطيني المقهور . . ؟مشكلة الفلسطيني في العراق غياب المرجعية الوطنية التي تمثله وتناصره وتحمي حقوقه، وللأسف لم نسمع أي رد من قبل السلطة الفلسطينية ممثلة بسفارتها في بغداد حول الاعتداء على مجمع البلديات، وكأن فلسطينيو العراق ليسوا مدرجين ضمن اهتمامات السفارة ولا حتى السلطة.
اخواننا في مجمع البلديات لا يسعني إلا الدعاء لكم بالثبات، وأن يحميكم الله من كل المكائد التي تحاك ضد شعبنا الفلسطيني في جميع أماكن تواجده، وأعلموا أنكم أبناء العراق كما أبناء فلسطين، وعهدنا بكم أن تبقوا على عهد الأخوة والمحبة مع الشعب العراقي، الذي تربطكم به أواصر القربى والرحم، و أما هؤلاء المعتدين لا يمتون للعراق والعراقيين بصلة.