من للقدس يا...؟!
بقلم: يوسف رزقة
لا يختلف اثنان على توجهات المجتمع الإسرائيلي
نحو اليمين، والتطرف، والتعصب لكل ما هو توراتي، ولا يختلف اثنان على أن حكومة نتنياهو
الأخيرة هي أكثر الحكومات يمينيةً وتطرفاً وتعصباً، ومن ثم وجدناها بقيادة نتنياهو
واليمين اليهودي في أميركا في صراع مع أوباما وتحدٍّ له رغم الخدمات الكبيرة التي قدمها
أوباما للكيان الإسرائيلي.
ولا يختلف اثنان على أن مشروع حلّ الدولتين قد
انتهى إلى فشل مزرٍ، بعد أن نعاه نتنياهو إلى الناخب الإسرائيلي قبل الانتخابات بأيام
قليلة، وربما حقق حزبه (الليكود) فوزه بناء على هذا النعي، ولا يختلف اثنان على أن
رسالة النعي والفشل قد وصلت محمود عباس، كما وصلت الراعي الأميركي للمفاوضات، كما وصلت
الاتحاد الأوروبي والرباعية الدولية، ولكن كل من وصلتهم رسالة الفشل بلعوا ألسنتهم،
ومن عاب على نتنياهو تصريحه توقف عند العيب ولم يجاوزه إلى أدنى عمل؟! وهذا يعني أن
الراعي......، والأوروبي، والرباعية، عاجزون عن مناهضة حكومة نتنياهو، أو مستلطخين
المقابل؟!
ولا يختلف اثنان على أن القدس والمسجد الأقصى
في خطر حقيقي، منذ أعلنت دولة العدوان ضم القدس وتوحيدها واتخاذها عاصمة أبدية لدولتهم،
وقد تعاملت حكومات العدوان المتعاقبة مع القدس على أنها عاصمة، وعلى أنها موحدة، وأجمعت
جميعها على رفض الانتقادات الفلسطينية، والعربية، والدولية، والمنظمات الأممية، وظل
المنتقدون يرددون انتقاداتهم في كل عام مرة أو مرتين، أو أكثر، وظلت دولة العدوان ماضية
في إجراءاتها بحسب الخطط الاستراتيجية التي وضعتها للمدينة المقدسة.
القدس في خطر حقيقي بقانون الضم والتوحيد، وهي
في خطر حقيقي بالإجراءات العملية التي تنفذها الحكومة والمستوطنون من خلال الاستيطان،
والتهويد، والتفريغ، واليوم أضافت حكومة نتنياهو لما تقدم خطرا آخر بإنشاء وزارة للقدس
وتعيين الليكودي (زئيف ألكين ) وزيراً لها ليشرف على عمليات (التشطيب) النهائي لتهويد
مدينة القدس، وتفريغها من سكانها العرب، حيث تشعر حكومة نتنياهو أنها بحاجة إلى وضع
نهاية لكل من يفكر بعروبة القدس، أو تقسيمها، أو ينتقد أعمال الدولة فيها.
هذه هي المرة الأولى التي تخصص حكومات دولة العدوان
حقيبة وزارية للقدس، مع أن بلدية القدس ما قصرت يوماً في تنفيذ مخططات الدولة، وأنجزت
الكثير الكثير في باب الاستيطان والتهويد والتفريغ، ولكن ثمة ما يقتضي إرسال رسالة
نهائية لكل من يفكر في القدس خارج الرؤية اليهودية بشكل كلي أو جزئي.
القدس في خطر، ورسالة نتنياهو وصلت، فماذا عن
محمود عباس وفتح وبقية الفصائل؟! هل قررت هذه الأطراف إغماض العينين، وإخراس اللسان،
بسبب العجز عن الفعل وعن القول؟! هل استسلمت السلطة والفصائل للمشروع الإسرائيلي في
القدس أم أنها لا تشعر بخطر إضافي من تخصيص نتنياهو وزارة للقدس في حكومته الأخيرة؟!،
لقد عرفنا وزير القدس اليهودي، فمتى نعرف محرر القدس المسلم؟!.
إلى حين بزوغ فجر المحرر، اعتقد أن هناك ما يمكن
فعله رغم ما بنا من ضعف، ومنه: الرفض والاستنكار الموحد والجماعي، ومنه الشكوى لمجلس
الأمن والمنظمات الأخرى عربية ودولية، ومنه إعلان فشل مشروع حل الدولتين، ووقف التنسيق
الأمني، ومنه إنشاء وزارة للقدس في حكومة التوافق الوطني، ومنه رفع اليد عن المقاومة
في الضفة والقدس.
المصدر: فلسطين أون لاين