نار «البارد» تلهب مخيمات لبنان
بقلم: هشام منوّر
جاء تصريح رئيس الكتلة البرلمانية لحركة في فتح، عزام الأحمد، بخصوص الأحداث الجارية في مخيم نهر البارد بلبنان لتصيب الحقيقة في جانب، وتصب الزيت على النار في جانب آخر، مع تواصل التصعيد الأمني والتحريض الطائفي والمذهبي ضد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، والاصطفاف مع أو ضد الجيش اللبناني في اعتدائه الأخير على سكان المخيم إثر توتر بسيط مع أحد شبان الحي لم يكن يستدعي كل هذا التصعيد والمواجهة من قبل عناصر الجيش اللبناني تجاه أبناء المخيم العزل وغير المسلحين، من دون بقية المخيمات الفلسطينية.
تصريحات عزام الأحمد جاءت في سياق زيارة طارئة إلى لبنان، واتهمت تيارات مما سماه "قوى الإسلام السياسي لها امتدادات عربية"، وقال إنها "ليست فلسطينية ولا تمت لفلسطين بصلة"، بالسعي لتوتير الأوضاع في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
الأحمد جاء إلى لبنان للقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين "لتحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومنع استغلال الاحتقان الذي تشهده المخيمات هناك خدمة لأطراف خارجية"، ونسأل الأخ عزام الأحمد: أليس تحرك منظمة التحرير والسلطة من ورائها لرفع الظلم والمعاناة عن لاجئي لبنان متأخراً بعض الشيء؟!، وألم يكن من الأجدى الاهتمام بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ،حيث قال تقرير أمريكي صدر مؤخراً بمناسبة اليوم العالمي للاجئ إن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هي الأسوأ من بين كل اللاجئين الفلسطينيين؟!
الأحمد أكد في حديث إعلامي أن قيادة حركة فتح وفصائل منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية الأخرى خارج المنظمة أجروا الاتصالات اللازمة مع المسؤولين اللبنانيين ونجحوا في تطويق الأحداث المؤسفة التي شهدتها المخيمات في لبنان وخاصة مخيمي نهر البارد وعين الحلوة. وقال "إن ما تسعى إليه منظمة التحرير هو قطع الطريق على من يريد استغلال الأوضاع التي تشهدها المخيمات الفلسطينية في لبنان، وخاصة مخيم نهر البارد، من أجل خدمة أحداث في المنطقة". وأكد الأحمد "أن ما يجري في سوريا ليس بعيداً عما يجري في المخيمات الفلسطينية في لبنان".
تدمير كامل المخيم وتشريد أهله منه حتى الآن والبطء في وتيرة إعماره بعد مرور سنوات طويلة على حرب مخيم نهر البارد التي لم يتمكن الجيش اللبناني فيها من حسم معركته ضد تنظيم فتح الإسلام الذي ضم مقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية ولم يضم يومها مقاتلاً فلسطينياً واحداً، لم يشفع كل ذلك أمام استمرار اعتبار المخيم منطقة أمنية وعسكرية يحظر على أهلها الدخول أو الخروج إلا بتصريح وإذن أمني مسبق، بما يعنيه ذلك من تضييق على الأهالي واستفزاز يومي لهم.
البعض رأى في محاولات النظر إلى المخيم على أنه مشكلة أمنية فحسب تسطيحاً لمشكلة إنسانية المفروض ألا تخضع لحسابات وتجاذبات السياسة والفرقاء السياسيين، إلا أن واقع الأيام أثبت حتى اليوم أن التعامل الأمني وحده مع أزمة نهر البارد لا يمكن أن يكون كفيلاً بإيجاد حل شامل ونهائي لمعاناة سكانه المشردين حتى اليوم.
وفي ظني، أن حكمة بعض الفرقاء السياسيين في لبنان جنبت البلد المنقسم على نفسه دوماً فتنة طائفية ومذهبية من خلال الاصطفاف مع أحد طرفي النزاع في سوريا، بيد أن خاصرة المخيمات الفلسطينية الرخوة في لبنان قد تكون المنفذ لجهات وفئات معينة لتوريط البلد في الأزمة السورية، والزج بالعنصر الفلسطيني على مذبح الخلافات اللبنانية الداخلية في ظل تكاسل جميع الأطراف اللبنانية والفلسطينية عن القيام بواجب الجلوس إلى طاولة حوار خاص بتنظيم أوضاع الفلسطينيين في لبنان، وتأمين متطلبات حياة كريمة بهم، مع مراعاة الخصوصية اللبنانية في هذا السياق التي يجب ألا تحول دون تمتع الفلسطينيين بكامل حقوقهم المدنية كلاجئين.
المصدر: صحيفة فلسطين