القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

نكبة فلسطين وزوال شرعية الكيان

نكبة فلسطين وزوال شرعية الكيان

بقلم: علي هويدي

تميز العام 2014 عن غيره من الأعوام السابقة في إحياء ذكرى نكبة فلسطين، ففي كل سنة ومنذ أن تأسس الكيان الصهيوني قبل أكثر من ستة عقود ويستذكر اللاجئون الفلسطينيون إقتلاعم من جذورهم ويجددون الأمل بالعودة، إلا أن لهذا العام "نكهة" خاصة.

"الطَعْم" الخاص لذكرى نكبة فلسطين السادسة والستين، شارك في صناعة مكوناته جغرافيا وديموغرافيا ممتدة على مستوى العالم العربي والإسلامي والقارة الأوروبية والعالم، بلغات تعدت الخمسة عشرة لغة وبألوان ومعتقدات مختلفة للطيف البشري، فشهر أيار هذا العام كان شهر التحدي والتفوق الإلكتروني بامتياز، فقد وظف مستخدمو الإعلام الإجتماعي بصورته العامة أحسن توظيف في التوجيه والتوعية وبث المعلومات.. لتصل الى عشرات الملايين من المشاركات المختلفة.. وبشكل نسبي في المقابل لا تكاد تجد مدينة أو بلدة أو قرية أو مخيم أو شارع أو زاروب الا وله نصيب من إحياء الذكرى، حتى مخيم اليرموك الجريح رفع اليافطات داخل المخيم تدعو الى الوحدة الوطنية والتمسك بالحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني على الرغم من الدمار والقتل والتهجير..

القت المصالحة الفلسطينية بظلالها على أنشطة النكبة لتشكل إضاءات مهمة استوحى منها شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج الكثير من الفعاليات المشتركة.. وتعدت الذكرى حصرها في قضية اللاجئين كجوهر للصراع مع الكيان الصهيوني، لتمتد لتشمل قضية الأسرى وتفعيل قضيتهم المحقة أمام المجتمع الدولي، وكذا حصار غزة وتهويد القدس والمستوطنات وغيرها من الملفات الفلسطينية التي كانت حاضرة وبقوة، لا سيما في مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثاني عشر الذي عقد في باريس في الثالث من شهر أيار/ مايو 2014 الذي نجح بتحويل جغرافيا وديموغرافيا المؤتمر الى لم شمل فلسطيني تمثل في تكريس الوحدة الوطنية حتى قيل في البُعد الوطني ان ما بعد مؤتمر باريس، ليس كما قبل المؤتمر.

ففي الداخل الفلسطيني المحتل ينجح أهلنا وفي كل عام من تحقيق اختراقات نوعية في تطبيق حق العودة، فكانت قرية لوبية احدى القرى التي عاد إليها أهلها مؤقتاً ورمزياً، إلا إنها تشكل إنعكاس لحالة الوعي الجمعي الذي يتقاطع مع رغبة شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، فالقرى التي بقيت على حالها بعد ان تم تدمير 531 قرية في العام 1948 وعددها 92، نشأ بعدها حتى الآن 116 قرية فلسطينية جديدة، وعدد الفلسطينيين تضاعف ليصل الى حوالي مليون وثلامائة ألف في العام 2014 بعد أن كان حوالي 150 الف في العام 1948، بعد تهجير 935 الف فلسطيني، كمؤشر على ثبات وإلتصاق الإنسان الفلسطيني بأرضه الفلسطينية.

تحولت الأنشطة بمختلف مسمياتها.. الى سوق تبادلي لمعاني الذكرى وأهميتها والبحث في آليات تفعيلها، فمخيمات اللاجئين دبت فيها الحركة والنشاط وبشكل تحدي لافت لا سيما مخيمات لبنان على الرغم من المعاناة البؤس، أما الحملة الدولية للحفاظ على الهوية الفلسطينية "انتماء" في نسختها الخامسة، فقد حجزت لها مكان تعدى البُعد الوطني ليتمثل بعدها الدولي بشكل لافت انضم اليه مئات الآلاف من الأفراد ومئات المؤسسات، ملتفين حول الشعار الذي اعتمد هذه السنة لكافة الأنشطة "فلسطين تجمعنا والعودة معنا" تعبيرا عن الانتماء والتمسك بالهوية الفلسطينية..

في المقابل فإن الحالة الجمعية للإحتلال في ذروة الإنكسار والهزيمة، هو يراقب ويدرك تماماً بأن محاولات أكثر من ستة عقود لتذويب الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده قد فشلت، وأن الهوية الفلسطينية التي يحاول وبادواته المختلفة النيل منها قد فشلت، وأن المعايير المزدوجة التي يمارسها المجتمع الدولي عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية قد آن الأوان لمراجعة الحسابات، والمفاوض الفلسطيني الذي ينتقل من فشل الى فشل بات يدرك بأن الثوابت الفلسطينية خط أحمر، والإرادة الشعبية باتت تفرض أجندتها لتتحول الى أقوى من أي إرادة سياسية تسعى إلى الإنتقاص من الحقوق المشروعة..، إذا في المحصلة هي كرة الثلج تتدحرج في كل عام، لتشكل مأزق حقيقي لشرعية وجود الكيان الصهيوني على أرض فلسطين، فمقاطعة الاحتلال الإقتصادية والإكاديمية.. للكيان يتزايد يوماً بعد يوم، حالة عزل الكيان تزداد يوماً بعد يوم، الرواية الصهيونية الزائفة بأن فلسطين كانت أرضاً بلا شعب استحقها شعب بلا أرض قد سقطت، وأن كبارنا نعم يتوافهم الله لكن صغارنا لم ينسوا قد تكرست، هجرة اليهود الصهاينة المعاكسة تزداد في كل عام، وفي العام 2015 سيصبح عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية يساوي عدد اليهود، دعوات اكتساب الجنسيات غير الإسرائيلية في المجتمع الإسرائيلي تزداد، وتشير بعض التقارير الإسرائيلية إلى أن حوالي ربع الإسرائيليين يدرسون إمكانية "الهجرة" المعاكسة، ونحو نصف الشباب الإسرائيلي "يفكرون" في الهجرة من (إسرائيل).

بعد 66 سنة هي عمر النكبة لا يزال 88% من اللاجئين موجودين في فلسطين والدول المحيطة بفلسطين (48% في فلسطين التاريخية و40% في الدول المحيطة و6% في الدول العربية و6% في الدول الغربية)، والدعوات التي أطلقها قادة الكيان الصهيوني سواء بن غوريون عام 1957 عندما قال"إن عقارب الساعة لا يمكن أن تعود الى الوراء، إن اسرائيل لا يمكن أن تقبل عودة أي من اللاجئين" أو ما ذكرته غولدا مائير في نوفمبر عام 1960 في خطابها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "أن إسرائيل تعلن بكل صراحة وبساطة انها لا يمكن أن تسمح بعودة أي لاجىء إلى أرضها"، أو ما قالته تسيبي ليفني لأحمد قريع في تشرين أول أكتوبر من العام 2008 "لن يعود لاجىء واحد إلى أرض إسرائيل"، أو ما أعلن عنه أولمرت في أيلول سبتمبر 2008 : ”أي لاجئ فلسطيني لن يعود الى إسرائيل في اطار أي اتفاق مستقبلي بين الجانبين"، وغيرها من التصريحات أصبحت لا تساوي بالنسبة للفلسطينيين الحبر الذي كتبت فيه.

سبعة ملايين لاجئ فلسطيني ومعهم حوالي خمسة ملايين من الفلسطينيين لم تتغير بوصلتهم باتجاه فلسطين التاريخية من بحرها الى نهرها، وفي كل عام يجري التأكيد بأن مصير إحتلال فلسطين لن يكون استثناء، وسيكون مصيره الى زوال شأنه في ذلك شان الإحتلال الأمريكي لفييتنام، أو الفرنسي للجزائر، أو البريطاني للهند،.. طال الزمان أم قصر.

المصدر: صحيفة السبيل الأردنية