بصراحة
نهر البارد.. على المحك من جديد
ياسر عزام - البراق
لم يتحسن وضع أهالي نهر البارد منذ حدوث الكارثة حتى اليوم، لا الإعمار انتهى، ولا الإيجارات البديلة تكفي، ولا الحصار العسكري خفف، ولا الإجراءات الأمنية قُنّنت، ولا استصدار التصريح للاجئين سُهّل، ولا الوضع التجاري والاقتصادي تحسّن، ولا الوضع التربوي تطوّر، ولا العودة اكتملت، ولا البيوت الحديدية تحمي من برد الشتاء ومزاريبه أو حر الصيف وأفرانه.
الوفد البرلماني الأوروبي الذي زار المخيم مؤخراً (استصدر تصريحاً عبر الأونروا)، فاجأ الجهات الشعبية التي التقاها، حيث إن الحصار طال الوفود الأجنبية التي كانت تنعش قليلاً اقتصاد مراكز التراث والمتطوعين، كمركز المرأة الفلسطينية، والنجدة وبيت أطفال الصمود.
لم يعد المخيم مخيماً، فقد جرى إعماره وفق رؤية أمنية فأصبحت شوارعه واسعة. ويسيطر الجيش اللبناني على مساحاته، والنكبة الجديدة أن البيوت لم تعد ملكاً لأهلها، بل أصبحت ملكاً للحكومة اللبنانية (بورقة خادعة تصادر هذه الملكية). فلماذا الحصار المشدّد إذاً عليه؟
صوت المخيم منخفض، الناشطون يُعتقلون، اللجان الشعبية لا تعترف بها الجهات اللبنانية، اللاجئون متهمون حتى تثبت إدانتهم، الوضع تحت الصفر في المخيم المقسم عدة درجات ومساحات، يحتاج بعض المناطق لأكثر من تصريح دخول.
آن لنا أن نطلق صرخة وموقفاً في شأن المخيم، ومن المعيب الانتظار حتى الذكرى السنوية للمخيم، أو تغييب المخيم بسبب الأحداث والثورات المندلعة في العالم العربي.
كثيراً ما يطالب اللاجئون الفلسطينيون في لبنان فصائل المقاومة أن لا يقتصر عملها على الجانب السياسي فقط، بل يجب أن يكون الهمّ المعيشي في أولى مهام هؤلاء المسؤولين، ولا يتكل المسؤولون على أن اللجان الشعبية تقوم بالواجب (فهذه قضية أخرى تحتاج نقاشاً معمقاً).
في 28 نيسان 2010، عقدت حركة حماس مؤتمراً صحافياً تحدث فيه ممثل الحركة في لبنان علي بركة محتجاً على ما يتعرض له الفلسطينيون في لبنان من مضايقات في الإجراءات الرسمية، حين كان يصطف المئات لاستصدار بطاقة هوية أو أي مستند عائلي. والإجراءات والتسويف الحاصل في نهر البارد والحقوق المدنية والاجتماعية المنقوصة، وغير ذلك من القضايا..
وقد آن اليوم الأوان لعقد مؤتمر مماثل يسلط الضوء من جديد على ما يجري في المخيم، وما يتعلق به من قضايا الإعمار والأمن والحياة الكريمة.. وأن لا يقتصر على مؤتمر خطابي أو حلقات نقاش من دون متابعة، وليصدر على الأقل موقفاً سياسياً مما يجري في المخيم.
من أجل هذا يعقد مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس بعد نحو أسبوعين مؤتمراً متخصصاً بوضع مخيم نهر البارد، يبحث أوضاعه والوقائع اليومية للظلم الذي يتعرض له المخيم، ويرفع الصوت لرد الظلم وإحقاق الحق والحقوق في المخيم.
على أمل أن يتوّج هذا المؤتمر بالنجاح، وأن يحقق النتائج المرجوة، وأن تستجيب الجهات المعنية لمطالب أهالي المخيم وترفع الحصار وترد المظالم إلى أهلها.