هآرتس: كل اسرائيلي يتحمل مسؤولية الظلم الواقع على
الفلسطينيين
بقلم: عميره هاس
ليس الشعب غبيا، فحتى لو لم يوقف الاحتجاج الاجتماعي
في السنة الماضية وباء عدم المساواة فانه برهن على ان كثيرا من الناس ليسوا غوغائيين
وأن عندهم ذكاءا جماعيا وشخصيا. ان الذكاء النقدي والتمردي لم يفن، ولم يفن ايضا ادراك
ان اجهزة القوة والربح تستنسخ نفسها على حساب المجموع وفي مواجهته. ليس الشعب غبيا،
لكن رؤساء الاتحادات الكبرى وأصحاب المصارف ومديريها، ورعاتهم في الكنيست وفي الحكومات
وفي مراكز الاحزاب ومعاهد البحث أقوى وأكثر تجربة ودهاء. ان السنة هي مدة قصيرة ولا
داعي لاعلان إفلاس الاحتجاج وطي الخيام، فسنعود بعد ونتمتع بتجدد الاحتجاج وبعدد من
ثمراته ايضا.
في زمن الاحتجاج وبعده أظهر الجمهور المفكر ايضا ظمأ
كبيرا للمعرفة، وبرهن على أنه يعرف كيف ينال تلك المعرفة – المعطيات والابحاث والتحليلات
التي فسرت المشاعر الغريزية تفسيرا جيدا. ان تدهور العلاج الطبي العام ليس قضاء وقدر،
وصعوبة نيل شقة لا تنبع من فوضى شخصية، وهناك شخص ما يربح من قوة عملك ومن أجرتك المنخفضة.
وتبين شيء آخر جيدا زمن الاحتجاج الاجتماعي في اسرائيل
– وهو ان اجهزة النظام والضبط لا تستطيع، وبرغم ارادتها، ان تسمح لنفسها بقمعه بقسوة.
فهذه آخر الامر ديمقراطية لليهود. ان النقد والتظاهر والانتظام لا تكلفنا حياتنا ولا
تجعل الأكثرية الغالبة منا تخسر وظائفها وحريتها ايضا.
يمكن إحداث اشياء رائعة بهذا الذكاء وبمعرفة كيف تُنال
المعلومات ومع الحرية في المعارضة. ولهذا من المنطقي جدا ان نتوقع عودة الاحتجاج وتحسينه.
ولهذا فكل واحد وواحدة منا شريك/ ة نشيط/ ة في النظام
الديمودكتاتوري، والتغلبي، الذي يُنمى هنا بين البحر والنهر: من الغربيين والشيوخ،
والشرقيين والنساء، والرجال، والمدنيين وأبناء القرى الزراعية، والمتدينين والعلمانيين،
والمستوطنين وسكان متسبيه هيله وكريات شمونة ورمات أفيف. قد يوجد هنا فرق في المقابل
– فهنا ايضا يوجد مُفَضلون ومظلومون – لكننا جميعا مديرون كبار في هذا الاتحاد اليهودي
المدين بثروته ورفاهيته لاستغلال وإفقار متواصل محتال متكبر للشعب الآخر وموارده الروحية
والمادية والنفسية.
ان الخبرة بقنوات المعلومات الكثيرة والقرب الجغرافي
من ميادين الجريمة يمحوان من الذهن حجة "لم نعلم". أهناك ناس يعيشون بلا
ماء جار أو بلا ماء ملائم للشرب؟ ندخل للبحث في غوغل ونجد مواقع "عدالة"
على الانترنت ووكالة الامم المتحدة للاجئين وبتسيلم". للخط الاخضر ضفتان وفي كل
ضفة طرق لضمان الماء لليهود ومنع الماء عن الفلسطينيين، والشيطان لم يوجد هذا التمييز
الذي يثير الاشمئزاز.
ان حريات المواطن التي نتمتع بها لن تُمكّننا من ان
نقول ما يمكن ان يقوله بحق مواطنون في تركيا وروسيا البيضاء، وما يستطيعون قوله في
المانيا الشرقية وفي روديسيا – خفنا، وأبناؤنا وعملنا والجيران والتعذيب. ان المستقبل
الاكاديمي لطلبة الجامعات والمحاضرين الاسرائيليين مضمون حتى لو حاصروا الكرياه وبيت
وزير الدفاع طالبين الغاء منطقة النار 918 في جنوب جبل الخليل، وحينما تُلغى يتم الاضراب
بسبب سلسلة طويلة من مظالم اخرى تُفرق بين دم ودم.
برهن الشعب الذي يسكن اسرائيل في السنة الماضية على
انه ليس جاهلا: ما هو الظلم. ولهذا يتحمل كل واحد وواحدة من الجمع المفكر مسؤولية مباشرة
عن الكوارث التي ستحل بهذا المكان لأن الظلم المتراكم نهايته الانفجار.
المصدر: الحياة الجديدة