هبّة ازدحمد ممثلة لبنان الفلسطينية
بقلم: قاسم س. قاسم
فلسطينية تمثل لبنان في مسابقة عالمية. تخيّل كيف سيجري التعريف عنها في المسابقة التي يشارك فيها 11 ممثلاً لأوطانهم. هل سيجري التعريف عنها بأنها فلسطينية، أم لبنانية؟ يبدو أن الحل الأفضل في دمج الصفتين معاً..
فلسطينية من لبنان. هبة ازدحمد، ابنة قرية النهر في قضاء عكا، تمثل حالياً لبنان في مسابقة «وجوه التحول»، التي تقيمها منظمة «نايشنز يونايتد» الكندية، التي تعنى بالتشبيك بين الجمعيات الإنسانية. والصبية الثلاثينية هي مديرة المشاريع في «جمعية المرأة» في مخيم برج البراجنة، شاركت في المسابقة بعدما رشّحتها جمعيتها. الهدف من المسابقة تحسين واقع المجتمع الذي خرج منه المتسابقون. أما الجائزة، فتمويل مشروع الفائز. بالطبع ليس الفوز بالسهولة المتوقعة، إذ على مدى 5 أشهر سيخضع المتسابقون لتحديات، هدفها مراقبة قدرتهم على نشر فكرة مشروعهم في «البيئة الحاضنة» لهم، وعلى إدارة التحديات.
في مكتبها المتواضع في مخيم البرج تغرق هبة ازدحمد بين أكوام الورق الموضوعة أمامها. ابنة مخيم البرج تعرف ما يحتاج إليه المجتمع الفلسطيني، والمشاكل التي يواجهها، ونوع المشاريع التي قد تسهم في تحسين واقعه. أفضل مشروع يمكن أن يقدّم، في رأيها، هو تحسين الواقع التعليمي للطلاب الفلسطينيين، الذي يعاني تسرباً متزايداً للطلاب الى سوق العمل أو حتى البطالة. تحسين واقع الطلاب الفلسطينيين يؤدي على المدى البعيد الى مجتمع أفضل. ازدحمد التي تعمل في المجتمع المدني الفلسطيني منذ قرابة 10 سنوات، تعرف جيداً أن اكثر فئتين مهمشتين في المخيم هما النساء والأطفال. لذلك فإن المشروع الذي تقدمت به ابنة المخيم لـ«دعم دراسة الأطفال» نابع من خبرتها، وخصوصاً أنها تعمل مع الأطفال منذ سنوات. المشروع المطروح، إذا نجحت ازدحمد، سينقسم الى ثلاث مراحل، كما تقول لـ«الأخبار»: الأول سيستهدف بين 150 و200 من طلاب الأونروا، الذين تراوح أعمارهم بين ست سنوات و12 سنة وذلك من خلال إعطائهم «دروس تقوية وساعات إضافية بعد الدوام المدرسي». أما المرحلة الثانية، فستسير بموازاة الأولى، إذ سيستهدف المشروع أهل هؤلاء الطلاب، حيث ستقوم الجمعية بحملات توعية لهؤلاء لشرح الطريقة الأفضل لكيفية متابعة دروس أبنائهم. أما المرحلة الثالثة والأهم، فهي استهداف 40 أستاذاً من مدارس الأونروا المحيطة بالمخيم، وإخضاعهم لدورة تدريبية حول كيفية شرح الدروس للطلاب بطريقة «سلسة»، وخصوصاً أن مدارس الوكالة المشهورة باكتظاظها، تضم في كل صف منها 35 طالباً، وأحياناً 40 طالباً. تشرّح ازدحمد مشروعها بالتفصيل. فمشروع الدعم الدراسي للأطفال، الذي قدمته، نابع من دراسات عدة قامت بها الأونروا، إضافة الى مراقبتها الشخصية للواقع المحيط بها في المخيم. دراسات عدة كانت قد أعلنتها الأونروا أظهرت نسباً مرتفعة من تسرب الأطفال من المدارس. أسباب التسرب المدرسي عديدة، وليست محصورة فقط في الواقع الاجتماعي لأبناء المخيمات، إذ إن النظام التعليمي في وكالة الأونروا يشهد تراجعاً في الفترة الأخيرة، والمشكلة الأساسية بحسب رأي ازدحمد أن «الأساتذة ليسوا مدربين بما فيه الكفاية للعمل على المنهج الجديد، الذي وضعته الوكالة منذ ثلاث سنوات، وهم لم يتعودوه حتى الآن».
لكن لماذا اختارت قطاع التعليم عوضاً عن قطاعات أخرى قد تسهم في تحسين واقع مخيم البرج؟ تجيب الفتاة أن «حاجات أي شعب هي التعليم والصحة، واخترت التعليم لأنني من خلاله أستطيع أن أُسهم في قطاع الصحة». تضيف «تتوافر في المخيم عيادات كثيرة، هل يقدمون نوعية وخدمة جيدة، هذا موضوع آخر، لكن على الأقل هناك من يسهم في القطاع الصحي، إذ هناك الأونروا والهلال الأحمر الفلسطيني ومنظمة التحرير، التي بدأت بتقديم مساعدات صحية أخيراً، لكن في ما يتعلق بموضوع التعليم لا يوجد الكثير ممن يسهم في متابعة الأهالي
والأساتذة».
أهداف ازدحمد لا تقف حالياً عند المسابقة، إذ تسعى الفتاة في حال نجاحها الى التنسيق مع جمعيات المخيم، لإنشاء شبكة لمساعدة الأطفال هناك. تعرف ازدحمد المعوقات التي تواجهها الجمعيات. بالنسبة إليها «لا تستطيع أي جمعية أن تغطي المخيم بالكامل، لذلك يجب التنسيق بين الجمعيات، الأونروا، ومنظمة التحرير بطريقة نكمل بها بعضنا بعضاً، وبذلك ننشئ شبكة تطاول كافة أطفال المخيم»، تقول.
المسابقة التي تشارك فيها ازدحمد بدأت في أيلول الماضي، ولم يبق أمامها سوى 3 أشهر. لا أحد يعرف مسبقاً ما هي التمارين المطلوبة قبل إنهاء التمرين السابق. ازدحمد استطاعت أن تجتاز الامتحان الأول لإنشاء صفحة على «فايسبوك» لتروّج فيها لمشروعها، مما جنّبها دخول «المنطقة الحمراء» التي ستقصيها إذا دخلتها، تماماً كما يحصل في مسابقات سوبر ستار. نهاية كل شهر يجري إقصاء اثنين من المشاركين. أما التحديات أو الامتحانات التي تضعها المنظمة، التي تتخذ من كندا مقراً لها، فتخضع لمراقبتها عبر الإنترنت، وعبر لجنة حكام تنتدبهم.
في الأسابيع القليلة المقبلة ستتوجه ازدحمد الى كندا، حيث ستخضع لامتحان إضافي أمام لجنة التحكيم. هل ستنجح الفتاة؟ قد يكون السؤال الأهم هو: إن نجحت ابنة المخيم، فهل سيكون مصير مشروعها كبقية المشاريع التي تعجّ بها المخيمات؟ أم سيكون هناك فارق بين مشاريع أهل البيت ومشاريع الأجانب؟ للحديث صلة.
----------------------------------------------------
يشارك في مسابقة «وجوه التحول» ممثلون عن 11 دولة هي: اندونيسيا، كينيا، اسبانيا، لبنان، الهند، تونس، هندوراس، كندا، الولايات المتحدة الاميركية، غانا، ونيبال. هؤلاء طرحوا مشاريع تستهدف حاجات بلادهم والفئات المهمشة فيها. هبة ازدحمد الفلسطينية التي تمثل لبنان في المسابقة ستلتقي في الاسابيع المقبلة المشاركين في كندا لتكون المرة الاولى التي تلتقي بهم وجهاً لوجه.
المصدر: جريدة الأخبار