رافت مرة/ كاتب فلسطيني
هذا السؤال هو اليوم اهم سؤال في العالم ،يتصدر
الاهتمامات، يسيطر على عقول صناع القرار السياسي والامني والمحلليلن ،يشغل بال مراكز الابحاث
والدراسات،يقض مضاجع قادة الاحتلال وحلفاء تل ابيب وداعميها ،ويغيظ جهات عربية و فلسطينية
تتمنى ان ينجح نتنياهو ،وهو سؤال يتابعه باهتمام الشعب الفلسطيني وأبناء حماس
وحلفاء المقاومة.
عند قراءة العنوان سينقسم الناس إلى اتجاهات :
منهم من سيقول ان حماس انتصرت ،ومنهم من سيقول انها خسرت، ومنهم من سيقول انه من
المبكر الإجابة لان المعركة لم تنته.
ساحاول هنا ان اقدم إجابة موضوعية مهنية.
الحكم على نتيجة اي معركة او حرب، مرتبط
بالاهداف التي حددها كل طرف والغايات التي عزم على الوصول لها ضمن رؤيته
الاستراتيجية ،وليس ضمن الوسيلة التي
يستخدمها.
تمتلك حركة حماس رؤية استراتيجية تقوم على
مقاومة الاحتلال، واستمرار المقاومة وانهاك الاحتلال حتى التحرير الشامل وبناء
الدولة.
ونفذت حماس في 7 أكتوبر عملية (طوفان الأقصى)
وهي من أهم وأقوى العمليات التي نفذت ضد الاحتلال طوال تاريخ الصراع،وحققت حماس
اهدافا استراتيجية واضحة،أهمها انها زلزلت أركان الكيان واحدثت هزات ضخمة داخله،
وحطمت صورة جيشه وأمنه، وافقدته مكانته الاستراتيجية، وافقدت كذلك ثقة المجتمع
بقدرة الجيش على حمايته.
بعد ذلك نفذت حكومة الاحتلال الإسرائيلي عدوانا
وحشيا على غزة ،وأعلن نتنياهو ان العدوان يسعى لتحقيق الأهداف التالية : القضاء
على حماس،واعادة الأسرى، وتعيين إدارة جديدة في غزة من دون حماس، وبناء شرق أوسط
جديد من دون حماس .
إضافة إلى هذه الأهداف الكبرى،حدد الاحتلال
مجموعة أخرى من الاهداف اهمها:تدمير الانفاق وترحيل الفلسطينيين إلى مصر،وطرد
الفلسطينيين من شمال غزة إلى جنوبها،وإدخال قوات فصل دولية إلى القطاع،وبناء
مخيمات للنازحين في منطقة المواصي جنوب القطاع،واعادة تموضع قوات الاحتلال حول
وداخل غزة.
من أجل تحقيق هذه الاهداف استخدم الاحتلال
الإسرائيلي كل أدوات القتل والتدمير والارهاب والوحشية،وحصل على غطاء سياسي وعسكري
وقانوني امريكي،ودعم كبير من حلفائه،واستخدم أكثر من 75 الف طن من المتفجرات،وحشد
350 الف جندي،وحصل على دعم امني واستخباري واسع من جهات أوروبية،واستخدم اساليب
العقاب الجماعي والطرد والترحيل والابادة الجماعية، وقام بتدمير البنية التحتية
والمنازل والجامعات والمدارس والمؤسسات ،ولاحق العلماء ومدرسي الجامعات والنشطاء
والصحفيين، و قتل الأطفال والنساء بوحشية .
كل ذلك كان ضد المدنيين والأهداف المدنية، و دون
أن يحقق الاحتلال اي نتيجة سياسية او عسكرية،ودون تحقيق اي مكسب استراتيجي، ولم
يتمكن الاحتلال من تحقيق اي هدف من سلة الاهداف التي اعلنها،وهذا اهم فشل له،لدرجة
ان وزير الدفاع الامريكي لويد اوستن حذر الجيش الإسرائيلي من انه يحقق نجاحات
تكتيكية لكنه يخسر المعركة الاستراتيجية.
منذ 7 اكتوبر إلى اليوم حققت حماس النتائج
التالية :
1- احدثت عملية
طوفان الأقصى زلزالا كبيرا داخل الاحتلال وصدمة وضربة استراتيجية، فشل الاحتلال في
الوقوف بعدها على قدميه او استعادة صورته.
2- أعادت حماس
الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية،وأصبح العالم يتحدث عن ضرورة إعطاء
الفلسطينيين حقوقهم الأساسية.
3- التف الشعب
الفلسطيني في الداخل والخارج حول حماس والمقاومة، واصبحت حماس أكثر شعبية وزادت
ثقة الفلسطينيين بالمقاومة ومطالبها وان المقاومة هي القادرة على تحقيق اهداف
الشعب الفلسطيني وليس مسار التسوية المذل.
4- صمد
الفلسطينيون في قطاع غزة وتحملوا وحشية الاحتلال وقدموا تضحيات ضخمة جدا ،واصبحت
غزة ملحمة انسانية في البطولة والفداء والصبر والمقاومة والصمود.
5- حققت حماس
انتصارا اخلاقيا انسانيا على مستوى العالم، واصبح الاحتلال كيانا غارقا في
الوحشية،وتجددت الصورة المشرقة للمقاوم الفلسطيني، ويكفي صورة خروج الاسرائيليات
من غزة وشهاداتهن بحق اخلاق عناصر القسام.
6- حققت حماس
انتصارات اعلامية متلاحقة، واثبتت مصداقيتها وموضوعيتها ونجحت في تحقيق مصداقية
اعلامية .
7- أجبرت حماس
الاحتلال الإسرائيلي على وقف عدوانه واجراء تهدئة مؤقته بعدما ظل يرفض لاكثر من 40
يوما.
8- ادت جهود حماس
لدفع الاحتلال لتحرير العشرات من النساء والاطفال وتحول مشهد تحريرهم في الضفة
الغربية إلى مشهد عالمي.
9- واصلت حماس
قصف العمق الصهيوني بالصواريخ من داخل مناطق ادعى الاحتلال انه يسيطر عليها، كما
واصلت حماس ضرب جيش الاحتلال في المناطق التي دخلها منذ 60 يوما وادعى السيطرة
عليها.
10- ظلت حماس وظل
الفلسطينيون صامدون في مناطق شمال غزة،ووجهوا من هناك ضربات كبيرة للاحتلال.
11- شاركت الضفة
الغربية في المقاومة، ونفذ الاحتلال اعتداءات ارهابية من قتل واغتيال
واعتقال،لكنها عززت مشروع المقاومة في الضفة والقدس.
12- دخل
الفلسطينيون من لبنان على خط مقاومة الاحتلال، وقصفوا شمال فلسطين بالصواريخ، وخاض
مقاتلوا القسام من لبنان معارك مع العدو.
13- دخل حزب الله
من لبنان في المعركة، ووجه ضربات عسكرية وأمنية قوية جدا للاحتلال ومؤثرة من
الناحية الاستراتيجية، اربكت العدو واضعفت قدراته.
14- تحولت مواقف
دول داعمة بالمطلق للاحتلال إلى مواقف تدعو لوقف العدوان وادخال المساعدات ووقف
استهداف المدنيين.
15- ظلت حماس
تضرب دبابات وناقلات جند وجنود الاحتلال بعنف داخل غزة وفي محيطها، ونجحت كتائب
القسام في تقديم الادلة المثبتة بالصوت والصورة تدمير آليات الاحتلال وايقاع جنوده
بين قتيل وجريح -
في المقابل وبعد أن فشل الاحتلال في تحقيق
نتائج سياسية او عسكرية ،ارتفعت الاصوات السياسية داخل الكيان الصهيوني التي تشكك
في اهداف حكومتهم، وتعتبر ان الحكومة لا تمتلك اهدافا واقعية،وان الفريق الحكومي
زج الجيش في معركة خاسرة ،وتعالت الاصوات التي تدعو إلى وقف الحرب،وزاد الشرخ
الشعبي ،وتراجع تأييد المجتمع للفريق الحاكم،ودعا 3 رؤساء حكومات اسرائيليين
سابقين نتنياهو للاستقالة،وسحب الجيش الإسرائيلي كتيبة من لواء غولاني من غزة بسبب
خسائرها،وعجز الاحتلال عن اطلاق سراح أسير واحد،وتهشمت صورته أمام العالم،واتهم
نتنياهو علنا انه يدير الحرب لاهدافه الشخصية،واقتنع غالبية العالم بكذب حكومة الاحتلال،
وقدرت جهات محايدة عدد قتلى وجرحى الاحتلال بأكثر من 10 الاف جندي وضابط،وأعلن قسم
التأهيل في جيش الاحتلال عن انشاء وحدة للدعم النفسي انضم لها 2800 جندي ، وتظاهرت
عائلات الاسرى بشكل متواصل في تل ابيب متهمة الحكومة بعدم الاهتمام بأبنائهم ،ووصف الكاتب الإسرائيلي حاييم ليفنسون المجتمع
بأنه (يحب الأكاذيب وحماس اركعت جيشنا).
استعرض هنا مجموعة من الشهادات لعدد من
المحللين والخبراء الغربيين حول انتصار حماس وهزيمة الاحتلال .
يقول بول روجرز استاذ دراسات السلام في مقال في
صحيفة الغارديان الخميس 21 كانون الاول/ ديسمبر: (إسرائيل تخسر الحرب ضد حماس لكن
نتنياهو لن يعترف بذلك).
تقول مجلة انترسبت الامريكية الخميس 21 كانون
الاول/ ديسمبر: (إسرائيل تنجح في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية لكن الهجوم
البري تحول إلى مستنقع).
يقول جيل جاكوبس في الجيروزاليم بوست الخميس 21
كانون الاول/ ديسمبر: (على أولئك الذين يهتمون باسرائيل الدعوة لانهاء الحرب، هذا
الموقف هو الاكثر تأييدا لإسرائيل بل الاكثر يهودية).
يقول ايهود اولمرت رئيس حكومة الاحتلال الأسبق
الجمعة 22 كانون الاول / ديسمبر: (الكل يعلم أن هدف استئصال حماس لن يتحقق،يجب
الوقف الفوري للحرب).
يقول السفير الامريكي الأسبق في الكيان
الصهيوني مارتن إنديك الجمعة 22 كانون الاول: (حماس لن تهزم وعلى تل ابيب التفاوض
معها لاطلاق الرهائن).
كتب توماس فريدمان في (نيويورك تايمز) السبت 23
كانو الاول / ديسمبر : (على الولايات المتحدة ان تخبر إسرائيل ان هدف محو حماس من
على وجه الأرض لن يتحقق،- هناك انزعاجا في الجيش من حقيقة ان حكومة نتنياهو تطلب
منه خوض حرب دون هدف سياسي محدد بوضوح او جدول زمني او الية للفوز والسلام).
خلص نائب رئيس الأركان الإسرائيلي السابق يائير
غولان في صحيفة (معاريف) الاحد 24 كانون الاول/ ديسمبر إلى أن:(ابناؤنا يقتلون في
غزة دون وجود انجازات،وحماس هي من يدير الصراع ويجب التوصل لاتفاق مع حماس ليس مع
أي فاعل آخر)
لكن أفضل ما يعبر عن المستقبل هو ما كتبه ديفيد
هيرست في (ميديل ايست آي) السبت 23 كانون الاول/ ديسمبر : ان شعار حكومة نتنياهو(ميتوت
حماس اي تسقط حماس) ،يمكنهم تحويله إلى(ميتوت إسرائيل).
لقد حقق الشعب الفلسطيني من خلال وحدته
ومقاومته وتضحياته وصموده انتصارات مهمة ضد الاحتلال رغم كل الوحشية والارهاب
المستخدم.
وعند توقف هذا العدوان سوف يشهد العالم المزيد
من الانحدار الإسرائيلي الداخلي والخارجي ،بحيث تتعاظم مؤشرات زوال الاحتلال.