القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

هل بدأ العد التنازلي لـ"حرب غزة الثالثة"؟

هل بدأ العد التنازلي لـ"حرب غزة الثالثة"؟

د. عدنان أبو عامر

(إسرائيل) تشرع بتشييد سكة حديد مع الأردن تفعيل صندوق إقراض الطالب بالجامعات الفلسطينية الهلال الإماراتي يستقبل دفعة من أطباء الامتياز

حتى عهد قريب كان واضحاً أن حركة حماس و(إسرائيل) ليس لهما مصلحة في فتح جبهة الجنوب، إلا إذا خلص أحدهما إلى استنتاج بأن إطلاق النار في الجنوب فرصة ذهبية لتأجيل رحلات "جون كيري" للمنطقة لأجل غير مسمى، بعد أن هاجت حدود غزة نسبياً الأيام الأخيرة، ووجدت محاولات لدفن شحنات ناسفة، وإطلاق نار من الجيش على واضعي الشحنات، ومتظاهرين اقتربوا من الجدار، وصواريخ أُطلقت على المستوطنات.

ومع ذلك، فإن القناعة السائدة في (إسرائيل) أن حماس لم تتخلَّ حتى الآن عن الجهد للحفاظ على التهدئة، ففي كل مرة تظهر فيها فصائل مسلحة صغيرة علامات استقلال عنها تحاول حماس أن توقفها، وتقبل على نحو عام القواعد التي تمليها الحركة، وتطلق قذائف رجم حينما تدخل قوات الجيش منطقة الفصل في الجانب الشرقي من جدار غزة.

وفي حين أن حماس تمر بضائقة اقتصادية بعد إغلاق الأنفاق على الحدود المصريّة، لكنها ترى أن هذا التوقيت ليس في صالحها، لأنّها ترغب بدخول المعركة القادمة، ويدها العليا بعد استكمال تعبئة مخزونها بالصواريخ بعيدة المدى، فيما (إسرائيل) تعاني من تجدد العمليّات في الضفة الغربيّة، وتعثر المفاوضات مع السلطة الفلسطينية، واستنفار قواتها على الجبهة الشماليّة مع لبنان وسوريا.

وبالتالي تكمن الصعوبة الحقيقية أمام (إسرائيل) في أنّ حماس تستغل الهدوء لتعجيل استعدادها للجولة التالية، فهي تحفر أنفاق هجوم، وتصنع وسائل طيران غير مشغلة بشريّاً، وتُطيل مدى قذائفها الصاروخية، وكل تحرش عسكري منها يمنح الجيش فرصة للمس بهذه القدرات، ولذلك ليس من مصلحتها أن تمنحه فرصة لهدم البنيّة التحتيّة العسكريّة التي تبنيها، وكل ذلك قد يفضي لأن تخف جولة إطلاق النار الحاليّة رويداً رويداً.

وقد تصاعدت التهديدات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة ضد قطاع غزة، وتزايدت المخاوف بصورة متلاحقة بعد إعلان (إسرائيل) عن تدريبات عسكرية غير مسبوقة في مدينة عسقلان، تحاكي احتلال غزة، وقد تكثفت التهديدات الإعلامية والتحركات العسكرية بعد الكشف عن النفق الذي أعدته حماس قبل عدة أشهر.

حماس هذه المرة تأخذ تهديدات (إسرائيل) على محمل الجد، لاسيما وأن التصريحات الإعلامية الصادرة من تل أبيب، تزامنت مع حراك عسكري متلاحق، سواء على الحدود مع غزة، أو في المناورات الداخلية للجيش، وهو ما ترجم في تحذيرات لقادة كبار في الحركة من مغبة قيام (إسرائيل) بـ"مغامرة" مختلفة عن سابقاتها عامي 2008، 2012، قد تصل حد القضاء على حكمها في غزة، مرتبطاً بدعم إقليمي ودولي، تزامناً مع الإطاحة بالإخوان المسلمين في مصر.

ولذلك فإن التقدير السائد أن الحرب الإسرائيلية القادمة، ستسعى لتحقيق عدد من الأهداف أهمها: القضاء على قيادة حماس السياسية والعسكرية، وتدمير قواعد إطلاق الصواريخ، ومخازن السلاح والذخيرة، والقضاء على ما يمكن من البنية العسكرية للحركة، وصولاً لاحتلال المناطق الخالية من السكان خارج مدن قطاع غزة، لتدمير مراكز المقاومة، والضغط عسكرياً على هذه التجمعات السكانية، مع التهديد بدخولها.

علماً بأن الخطورة في التصريحات الإسرائيلية والسلوك العسكري ضد حماس في غزة، ما تعتبره التحدي الحالي الذي يواجهه الجيش الكامن في كيفية تغيير أسلوب التفكير والعمل، فالقوات العسكرية موجهة للنظر دائماً للأمام، وأنفاق حماس تفاجئهم من خلفهم، مما تستوجب كسر العادة بعدم القيام بنشاطات اعتيادية طوال الوقت تُمكِّن الطرف الآخر من رسم خططه على هذا الأساس، وهذا الأسلوب أثبت نجاعته أثناء الحرب الأخيرة.

وبالتالي فإن الهدوء الحالي في غزة من شأنه أن ينتهي في أي لحظة، لأنّ المعركة الأخيرة علمت حماس و(إسرائيل) أنهما لا تعلمان متى ستضطران للدخول في المعركة، وإذا كانت (إسرائيل) تعتقد أن حماس في غزة مُنشغلة بالعِبر والدروس من الحرب الأخيرة، كي تفهم ما الذي أضر بخططها في المرة الماضية، وما الذي بإمكانهم فعله لتجنب ذلك في المرة القادمة، فإنّها تجري تدريباتها، وتُطور وسائلها، وتستعد لساعة الصفر، لأنّ هذه لعبة عقول، وفيها يتعلم كل طرف ما الذي يدور في عقل الطرف الآخر، بما في ذلك من أخطاء، في ضوء تعهدها في الآونة الأخيرة بأنّها ستفاجئ العدو في المرة القادمة..

أخيراً...إن سأل القارئ في نهاية المقال عن توقعات كاتب السطور المستقبلية للتطورات على جبهة غزة، فإن الجواب ببساطة: "هنا غزة..حيث الرمال المتحركة"!

فلسطين أون لاين، 19/1/2014