هل تتخلى "الأونروا" عن اللاجئين?
هاشم خريسات
تتكشف يوماً بعد آخر التوجهات المشبوهة.. نحو تصفية الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا", التي أخذت تعاني عجزاً مالياً متصاعداً منذ توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993م, انعكس على تقليص خدماتها في برامج التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية وغيرها على نحو لم يعد فيه خافياً, إن وراء الأزمة المالية التي تعاني منها هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة دوافع مغرضة, تتجاوز امتناع العديد من الدول الداعمة عن تنفيذ التزاماتها أو تقليصها إلى أدنى مدى ممكن, مما جعل من اللاجئ الفلسطيني المشرد من دياره هدفاً رئيسياً في التضييق عليه وثنيه عن مطالبه المشروعة بحق العودة.!
نقول ذلك بمناسبة انعقاد اجتماعات اللجنة الاستشارية لوكالة الغوث في الأردن.. للتباحث في الأوضاع المتردية التي آلت إليها وألقت بأعبائها الثقيلة على اللاجئين الفلسطينيين الذين باتوا يظهرون تخوفاتهم الشديدة من أن ينتهي بها الأمر إلى التصفية الكاملة, تنفيذاً لرغبات إسرائيلية تدعمها الصهيونية العالمية وأطراف دولية أخرى, لأن "الأونروا" ما زالت هي الشاهد ألأممي الحي على عمق مأساة الشعب الفلسطيني وأن التخلص منها يعني إلغاء الأبعاد السياسية والقانونية والإنسانية لقضية اللاجئين الفلسطينيين, التي تعتمد على قرارات دولية يقع في مقدمتها القرار 194 الصادر في كانون أول عام 1948م والذي ينص صراحة على حق اللاجئين والمهجرين في العودة إلى ديارهم والقرار 237 لعام 1967 الذي يؤكد على عودة النازحين دون قيد أو شرط.!
اللجنة العليا للدفاع عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن.. وجهت مذكرة في غاية الصراحة إلى اجتماعات اللجنة الاستشارية, أكدت فيها أن محاولات إلغاء "الأونروا" لا تهدف بحد ذاتها إلى منع المساعدات الإنسانية فحسب, بل إنها تعمل على تثبيت برنامج توطين ودمج قسري للاجئين, لأن تقاريرها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال السنوات الماضية تضمنت معطيات بالغة الدلالة والوضوح على منحى هذا التراجع الشديد والتخفيض المستمر في برامج وكالة الغوث وخدماتها, بما لا يتناسب مع الزيادة الطبيعية في أعداد اللاجئين التي تقدر بحوالي أربعة بالمائة سنوياً, ولا مع الارتفاع الحاد في مستويات المعيشة الذي تشهده الدول المضيفة مما ترك آثاراً كارثية طالت الجوانب الإنسانية والاجتماعية والسياسية لقضيتهم العادلة.!
قدر الأردن أن يظل قابضاً على الجمر في قضية اللاجئين الفلسطينيين.. ما دام يقيم على أراضيه ما يصل إلى حوالي المليوني لاجئ فلسطيني من بين أكثر من خمسة ملايين يتوزعون أيضاً في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان, ولهذا أكد في هذه الاجتماعات على أنه يضعها في صلب أولوياته السياسية العليا ويعتبرها قضية أمن وطني أردني لا مجرد قضية قومية, وأنه لم ولن يقبل أي حل دون الأخذ بعين الاعتبار الحقوق التاريخية لمواطنيه من اللاجئين, ولن يسمح بأي تنازلات قد يقدمها أياً كان على حساب هذه الحقوق وسيواجه أية مخططات أو محاولات تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية أو التعدي على المصالح الأردنية.!
هذه المواقف الحازمة من قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم المشروع في العودة إلى ديارهم, يستلزم جهوداً على نفس المستوى من المسؤولية في متابعة ما يجري في كواليس وكالة الغوث من مؤامرات ظاهرة وخفية تطال وجودها برمته, لأن هناك توجهات حثيثة لدمجها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة بما يضيع هويتها الفلسطينية في خضم غيرها من قضايا اللجوء الأخرى, حتى وصل الأمر إلى تسرب معلومات عن تغيير اسمها لطمس ما تبقى من ضمير لقضية فلسطين.!